رئيس التحرير
عصام كامل

انتخابات 2030

الأمم الفتية هي التي تتحسب للمستقبل ولا تنتظره، وأحد أوجه القصور السياسي أننا نتحرج ونتحسس الحوار عند الحوار عن المستقبل السياسي، وكانت تصريحات بعض مرشحي الرئاسة في الانتخابات الماضية مبشرة وهم يتحدثون عن الاستعداد للانتخابات المقبلة، وبما أن الفترة الرئاسية الراهنة هي الأخيرة للرئيس السيسي فإن البحث عن مرشحين محتملين لهذا المنصب الخطير هو فرض عين علي مؤسسات الدولة.. 

 

فأغلب النخبة وشريحة واسعة من الطبقة الوسطى لم تطور موقفا واضحا من الانتخابات الرئاسية، والبعض يعتبره من المحرمات في ظل غياب بدائل وطنية آمنة، كي تخوض تلك الانتخابات، لأن هذا الغياب يؤدي إلى حالة من الغموض وعدم الثقة والقلق بشأن مستقبل هذا البلد، والدول الواعية لا تترك مثل هذه المسائل للصدف. 

 

وبصراحة لا يوجد على الساحة أسماء مؤهلة لذلك، ذلك أن معظم رؤساء مصر السابقين كانوا مؤهلين بحكم مناصبهم السابقة للمنصب، فالسادات كان نائبًا للرئيس جمال عبدالناصر، فضلا عن خبرته السياسية الطويلة وقربه من كواليس صناعة القرار، وكذلك مبارك، رغم أن المادة 150 مكررا المضافة في تعديلات 2019 لا تلزم الرئيس باختيار نائب له، لكن قد يكون من المهم أن نطرح التساؤل عما إذا كانت هذه المادة ستفعّل حال أراد الرئيس ذلك في هذه الفترة الرئاسية..

 

فمنذ 42 عاما، وتحديدا منذ العام 1981، لم يتعين في هذا المنصب سوى ثلاثة أشخاص، وكلهم بلا استثناء في ظروف استثنائية وملتبسة، ولمدد قصيرة انتهت باستقالتهم من مناصبهم! فهل حان الوقت لأن يتم استعادة هذا المنصب بشكل اعتيادى في السياسة المصرية كما كان الحال قبل الثمانينيات، ولذلك أسباب مهمة، فإنه بافتراض الالتزام بنصوص المادتين 140 و246 مكررا، الخاصتين بمدد رئاسة الجمهورية فإنه سيكون من المهم أن يكون هناك من هو جاهز وقريب من المطبخ الرئاسى للترشح فى الانتخابات القادمة! 

 

صحيح أنه بالطبع لا يوجد أى مانع دستورى من أن يأتى رئيس الجمهورية القادم من خارج ما اصطلح على تسميته بـ«دولاب الدولة»، لكن لاعتبارات عملية بحتة، وحال الالتزام بنصوص الدستور فإن الاحتمال الأقرب أن يكون الرئيس القادم من داخل هذا الدولاب، وهو أمر لن يتوفر إلا في شخص سيعمل بالقرب من رئاسة الجمهورية خلال السنوات الست المقبلة، وإلا لما أضيفت هذه المادة في تعديلات 2019 فلابد من أن المشرع كانت له أسبابه في إضافتها في هذا التوقيت!


ومن أجل التحول الديمقراطي لإنشاء جمهورية ذات مؤسسات قوية تحمي الديمقراطية من سيطرة أي كيان على جميع مؤسسات الدولة، لذا فنحن أمام مرحلة وفرصة للجادين والراغبين في تقديم أفكارهم، وست سنوات مقبلة كفيلة بفرز وتدريب عدد كبير من رجال الدولة إذا ما عادت الأحزاب والنقابات والاتحادات الطلابية بدورها في توفير كوادر سياسية.

 


بحيث يكون المجتمع، والدولة العميقة، والقوى السياسية في حالة استعداد واع، ومبصر لـ عام 2030 تشكل بداية المسار المأمول؛ للتحول إلى دولة القانون المدنية الديمقراطية، ومن هذه المتطلبات، حرية عمل وحركة الأحزاب السياسية، بما ينهي حصارها داخل مقارها، ويبدد أسباب قلق المواطنين من الانضمام إلي عضويتها، حسب اختيارهم الحر، كما يتطلب تطبيع الحياة السياسية.. فهل آن الأوان لنخرج من دوامات الترهل ومسارات الضرورة الضارة فلنجرب!

الجريدة الرسمية