رئيس التحرير
عصام كامل

ادعموا الإعلام والصحافة في مواجهة فوضى السوشيال ميديا!

رغم توغل السوشيال ميديا في حياتنا وتأثيرها الكبير في صياغة الرأي العام والتأثير في الرأي العام وفي الشارع وفي صانع القرار، لكن يبقى الإعلام رغم ما يعانيه من آفات وتراجعات هو رأس الحربة في معركة الوعى، تسنده المؤسسات الدينية والشبابية والثقافية ومن قبلهم الأسرة التي تبنى أولى ركائز الإدراك والفهم في نفوس الناشئة والأطفال.
 

الإعلام والصحافة وفي القلب منهما صحافتنا القومية لا يزالان بحسب إحدى الدراسات الأكاديمية المصدر الموثوق لدى الجمهور في استقاء المعلومات، ومن ثم فلا مناص من تقوية الإعلام ودعمه ليساند الدولة في مجابهة التحديات والمتغيرات الجيوسياسية في منطقتنا والعالم من حولنا، بحسبانه رمانة الميزان في صون العقل الجمعي من رياح الحروب النفسية ومحاولات الاستهداف التي لا تتوقف من هنا وهناك.


والسؤال هل إعلامنا وصحافتنا بحالتهما الراهنة مؤهلة للقيام بهذا الدور أم أنهما في حاجة لمزيد من حرية الحركة والإبداع، لاستعادة المتلقي من براثن السوشيال ميديا التي خلقت حالة سيولة وفوضوية تتمثل في خلط الشائعات بالحقائق بالتحليلات والأخبار.. أما الدراما فهى في حاجة لتدخل الدولة ليس بالمنع والمصادرة لكن بمزيد من الإنتاج الهادف الذي يحيي النماذج الصالحة من علماء وقادة تاريخيين أفذاذ في وعى الجمهور؟!


للإعلام والصحافة رسالة تنويرية هدفها إيقاظ الهمم والشعور الوطني وخلق ظهير شعبي قوي مساند للدولة في تحولاتها الكبرى، مع التنبيه لأوجه القصور متى وجدت، ونشر الرأي والرأي الآخر كسبًا للمصداقية وتحقيقًا للموثوقية، فلا يقنع إلا المقنع في النهاية، ومن ثم فإنهما-أي الإعلام والصحافة- بهذا المعنى ليسا سلعة ولا ينبغي أن ينتظر منهما الربح والمكسب المادي فما ينفق عليهما أقل بكثير من الفائدة المرجوة حال وجود رأي عام مستنير وداعم ومتفاعل مع قضايا أمته وشواغل دولته..

 

وإلا فإن ثمن غياب مثل هذا الرأي العام فادح وفادح جدًا.. ولن يملأ فراغهما إلا أبواق الإفك والضلال والشائعات وهشاشة العقول وقابليتها لتصديق ما يلقى إليها دونما تمحيص ولا تحقق.


ولا يجادل أحد أن قوة الإعلام والصحافة وحيويتهما من قوة الدولة وحيويتها؛ فهما يقومان بدور خطير في تشكيل وعي أي شعب وهما الآن في حاجة مستمرة للتطوير والإصلاح لمواكبة ما يستجد من متغيرات وتحديات، ولا يخفى على أحد أسباب ما يعانيه إعلامنا وصحافتنا من تراجع اجتمعت له عوامل عديدة على فترة من الإهمال والغفلة وليس أقل تلك الأسباب أن المهنة صارت مستباحة من دخلاء كثيرين حتى أنها باتت مهنة من لا مهنة له بعد أحداث يناير 2011.


افتقاد المعايير المهنية والعلمية في المذيع والإعلامي والصحفي الحق أضر بخريجي كليات الإعلام وأقسامها الكثيرة أيَّما ضرر، وأضاع عليهم ما أنفقوه من مال وجهد ووقت في سنوات دراستهم؛ أملًا في اللحاق بوظيفة طالما حلموا بها، وتحرقوا شوقًا إليها.. والنتيجة أن الغالبية من خريجي الإعلام صاروا متعطلين عن العمل في الإعلام الذي هم أهله وأحق به وأولى.

 


سوق الإعلام للأسف تعانى التخمة والتشبع؛ فثمة كثرة مطردة في الخريجين وقلة بل ندرة في وظائف الإعلام.. وهنا يثور سؤال مهم: لماذا يتم التوسع في إنشاء أقسام وكليات جديدة للإعلام والصحافة رغم ما يعانيه خريجوهما من بطالة واضحة.
عودة إعلامنا قويًا يشار له بالبنان من مصلحة الجميع، إعلام مهني قوي يملك أدواته ومقومات نجاحه وتأثيره..

الجريدة الرسمية