رئيس التحرير
عصام كامل

بالمؤمنين رؤوف رحيم (4)

كان صلى الله عليه وسلم يؤم الناس في صلاة الجماعة، وسمع بكاءَ طفلٍ، فأسرع في الصلاة وخفّف منها، وكان صلوات الله عليه، يحمل الصّغار وهو يُصلّي، فإذا سجد يضعهم على الأرض، وإذا قام حمَلهم، كما فعل مع حفيدته أُمامة بنت زينب رضي الله عنها، وكان يصبر على أذاهم، ويبكي ويحزن لموتهم. 

وكان سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، يهتمّ بشئون الضعفاء ويأمُر بحُسن مُعاملتهم، وأوصى بهم وبأداء حُقوقهم، فقال صلوات ربي وتسليماته عليه وهو يوصي الناس بالخدَم الذين يعملون عندهم: "إنَّ إخْوَانَكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أيْدِيكُمْ، فمَن كانَ أخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ ممَّا يَأْكُلُ، ولْيُلْبِسْهُ ممَّا يَلْبَسُ، ولَا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ، فإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ فأعِينُوهُمْ".

كان عليه الصلاة والسلام، أرأف الناس بأهله وأزواجه وبناته، فكان عندما تقبل السيدة فاطمة، رضي الله عنها، عليه يقبّلها ويُجلسها في مكانه، وكان إذا أرادت أمّ المؤمنين صفية، رضي الله عنها، أن تركب على البعير، يجلس فيرفع لها ركبته لتصعد عليها وتركب البعير، وقد أكثر من الوصيّة بالنساء والبنات، فقال عليه الصلاة والسلام: "أَلَا واسْتَوْصُوا بالنساءِ خيرًا، فإنما هُنَّ عَوَانٌ عندَكم، ليس تَمْلِكُونَ منهن شيئًا غيرَ ذلك إِلَّا أن يَأْتِينَ بفاحشةٍ مُبَيِّنَةٍ".

 

وكان نبي الله يُعامل جُنوده كنفسه، ولا يُعاتبهم أو يُعاقبهم على أخطائهم في الحرب، ومن ذلك رحمته بالصحابة، رضي الله عنهم، في غزوة أُحد، وعدم مُحاكمتهم لأخطائهم في مُخالفتهم لأوامره، أمّا رحمته بالشُّهداء فقد تمثّلت في دفنهم دون إرسالهم إلى أهلهم، حتى لا يتألّموا على رؤيتهم، وكان يأمر الأهل الذين يأخذون شهداءهم أن يردّوهم إلى أماكنهم؛ حتّى يُدرك الناس فضلهم، ولتخفيف المُصاب والحزن على أهاليهم.

 

 

وكان، صلى الله عليه وسلم، يأمر بفكّ الأسير، وبيّن أنّ الرحمة بالأسير وفكّ أسره من أسباب دُخول الجنة، وترجم ذلك عمليّا في أسرى بدر عندما استشار الصحابة، رضي الله عنهم، في شأن الأسرى، فأخذ برأي أبي بكر، رضي الله عنه، وذلك بأخذ الفدية منهم وتركهم، لما رأى في ذلك من الرحمة والرأفة بهم، وراعى حال الأسرى المادّية، فمن لم يكن معه مال، افتداه النبي، وبعضهم من أطلق سراحه بلا فداء.

الجريدة الرسمية