رئيس التحرير
عصام كامل

ما قدروا الله حق قدره

كل مدح وثناء على الله تعالى مهما بلغ يعتيله النقص والبهتان، فإن له جل ثناءه وتبارك في علاه من العظمة والتعظيم والقدسية والتقديس والجلال والإجلال ما لم ولن يدرك أو يعلم، فهو تعالى العظيم الأعظم والقدوس الأقدس والجليل الأجل. أسماؤه سبحانه قدسية وصفاته منزة عن كل كيف وصف. "سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمّا يَصِفُونَ". 

 

وذاته جل جلاله تعالت عن المعرفة والإحاطة والإدراك، تبارك في علاه حارت العقول وتاهت الفهوم وعجزت الإدراكات وجابت الظنون والأوهام. فكيف للعقل المعقول وهو صنعته تعقله؟ وكيف للأبصار المقيدة أن تبصره سبحانه؟ فهو الذي لا تدركه الأبصار ولا تحيط به العقول، وهو الذي لا يحيط به أين. 

 

فهو الذي يحيط ولا يحاط ويدرك ولا يدرك. دك الجبل لحظة التجلي بصفات ربوبيته سبحانه وخر موسى صعقا. وهو تبارك في علاه الذي لا تسعه أرضه ولا سماؤه ولا ملكه ولا ملكوته، وهو جل شأنه سبحانه الذي وسع كرسيه السموات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم، صاحب الإحاطة والقيمومية. 

 

تعدت قدرته ما يشار إليه بطلاقة القدرة فهو القادر القدير المقتدر الذي لا يعجزه شيء، أمره تعالى بين الكاف والنون إذا أراد شيئا يقول له كن فيكون. علمه تعالى أحاط بكل شيء وهو سابق وجود أي شيء. عزيز لا يرام منزه عن العلل والأغراض. لا عوز ولا احتياج له سبحانه.  إذ إنه عز وجل موجود بذاته. قائم بذاته غني بذاته سبحانه وتعالى. 

صفات الله سبحانه وتعالي

صفاته العليا وأسماؤه الحسنى قائمة فعالة بذاته وهو تعالى غير قائم بها. فهو الغني في غناه عن صفة الغنى. وهو الحي الدائم الديوم الباقي الأزلي السرمدي السابق، كان الله ولا شيء معه،  فهو جل ثناؤه الأول بلا ابتداء حيث لا أولية وهو تعالى الآخر بلا انتهاء. "هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ".. كتب الفناء على كل شئ وتفرد بالربوبية والبقاء "كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ۝ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ". 

 

كل شئ هالك إلا وجهه "لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ". وهو تعالى قيوم السموات والأراضين ورب العرش العظيم، هيمن على عوالم الكون سبحانه بإسم من أسماء وهو إسمه تعالى  "المهيمن". لا يغب عن بصره وعلمه كائن ما كان في ملكه. ولا يغيب صوت من أصوات عوالم الكائنات في الكون عن سمعه سبحانه. 

 

وهو جل جلاله صاحب القدرة والمشيئة والأمر. لله تعالى الأمر من قبل أن يخلق الخلق. سبحانه وله تعالى الأمر من بعد أن خلق الخلق. وهو تعالى الفعال لما يريد والذي لا يسأل عما يفعل. يقلب الليل بالنهار وكل شئ عنده بمقدار، فسبحان مقدر الأقدار. قدر الأقدار من قبل أن يخلق الخلق سبحانه "سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ، وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ، وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَىٰ، فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَىٰ". 

 

رحمته تبارك وتعالى وسعت كل شئ وهي مصاحبة وملازمة وممزوجة بكل أسمائه وصفاته جل جلاله. فهو رحمن ورحيم. رحمن بجميع عباده وخلقه والرحمة عامة. ورحيم بعباده المؤمنين والرحيمية رحمة خاصة حتى في قهره وجبروته. وهو الذي كتب على نفسه الرحمة، "كَتَبَ رَبُّكم عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ".

 

وهو تعالى الرؤوف واللطيف بالعباد. والودود لأهل المحبة والوداد. سبحانه وتعالى وهو الذي تكرم على عباده وخلقه بأعظم نعمة في الوجود، وهي نبي الرحمة وعين الرحمة المرسل منه تعالى للخلق رحمة، وهو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ". 

 

وهو تعالى الذي أتم علينا النعمة بوحيه سبحانه بالرسالة الخاتمة "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا". نشهد له سبحانه بالوحدانية فهو تعالى الواحد الأحد الفرد الصمد. فلا إله غيره ولا رب سواه. لا ند له سبحانه. ولا نظير له سبحانه. ولا ضد له سبحانه. ولا شبيه له سبحانه. ولا شريك معه سبحانه. وهو تعالى الذي ليس له أين فيحد. ولا كيف فيوصف وينعت. 

 

سبحانه تبارك في علاه سبوح قدوس رب الملائكة والروح. رب السموات والأراضين ورب العرش العظيم. نقر له سبحانه بعظيم فضله وعجزنا عن شكره. ونقر بذنوبنا ومعاصينا وتقصرينا في طاعته. ونسأله سبحانه وهو الغفور الرحيم الجواد الكريم أن يغفر لنا ذنوبنا، وأن يعفوا عنا، وإن يتوب علينا، وإن يرزقنا العفو والعافية، وأن يمن علينا في الصدق في محبته تعالى، ومحبة الحبيب المصطفى على حضرته وعلى آله وصحبه الصلاة والسلام.

الجريدة الرسمية