رئيس التحرير
عصام كامل

اهدنا الصراط المستقيم

 ما من مسلم في صلاته إلا وهو يدعو الله تعالى أثناء قراءة الفاتحة ويسأله سبحانه وتعالى أن يهديه الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. والصراط المستقيم هو الطريق إلى الله تعالى المعتدل الذي لا عوج فيه ولا اعوجاج، وهو الذي يتمثل في طاعة الله تعالى واتباع الرسول الكريم عليه وعلى آله الصلاة والسلام. 

 

وهو الذي به يسلم العبد في دنياه ويسعد في أخراه، وبه يصل إلى مرضاة الله تعالى وإلى جنته. وأهل الصراط المستقيم هم الذين أشار الحق عز وجل إليهم بقوله تعالى "وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ". 

 

ومن خلال هذه الآية الكريمة أشار الحق سبحانه إلى السبيل إلى الهداية وإلى الصراط المستقيم، وهو طاعته سبحانه وتعالى وطاعة الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وهو ما يعني الاستقامة على منهج الله تعالى القويم وسُنة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام. هذا ومن ثمار طاعة الله تعالى ورسوله رحمة الله عز وجل بالعبد.

 

يقول سبحانه "وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ".. ومنها أن العبد يفوز بجنة الله تعالى في الآخرة حيث يقول عزوجل "تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ۝ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ". 

 الاستقامة.. وسعادة الدنيا والآخرة

ومنها أيضا أن العبد المستقيم الطائع لله تعالى ورسوله يُدخله الله تعالى في دائرة أهل الفوز برحمته وجنته، حيث يقول جل جلاله "وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَخْشَ ٱللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ". ومن ثمار طاعة الله والرسول أيضا صلاح الأعمال وقبولها ومغفرة الله تعالى ونوال الفوز العظيم حيث يقول تبارك في علاه “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا”. 

 

هذا ولقد أرشدنا الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم  إلى مصدر الهداية والرشد والرشاد من خلال قوله: "إني تارك فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا كتاب الله وسنة نبيه" وفي رواية أخرى "كتاب الله وسُنتي". وفي رواية أخرى صحيحة قال "إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر.  كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا على الحوض فأنظروا كيف تخلفوني فيهما". 

 

هذا ولا شك أن سعادة الدنيا والآخرة في الاستقامة. والاستقامة هي عين الكرامة وهي مصدر الوصول إلى الحياة الحقة التي تعني حياة القلوب والأرواح وليست حياة الأجساد والأشباح تلك الحياة الفانية والتي تزول بالموت والوفاة لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ". 

 

هذا وللأسف الشديد أن الكثير من المسلمين يسألون الله تعالى الهداية وأن يجعلهم في معية الذين أنعم الله عليهم، ولكنهم لم يسعوا إلى تحقيق ذلك. يدعون وهم ركود لا همة ولا عزيمة لهم في عبادة ربهم وذكره سبحانه وتعالى.  

 

 

الكثير تارك للصلاة غافل عن ذكر مولاه مخالف لهدي وسُنة رسول الله. للأسف غلبت عليهم الأهواء واعتلت قلوبهم بحب الدنيا ونسوا وعد الله تعالى ووعيده وغرتهم الأماني ولم يصدقوا في قولهم لربهم سبحانه؛ "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ"؛.وفي الختام "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ".

الجريدة الرسمية