رئيس التحرير
عصام كامل

فن الهمبكة: كعكة القلقاس المدهشة

كان ياما كان في سالف العصر والآوان.. كانت هناك (أو هنا) أم طيبة.. وفي أحد الأيام، فكرت الأم في أن تدخل السرور على قلوب أبنائها، فقررت أن تفاجئهم ببعض الحلوى، على أن تصنعها هي بنفسها، فاستيقظت في يوم إجازتها مبكرا، وذهبت إلى هايبر ون، وراحت تجمع مكونات الكعكة اللذيذة التي يحبونها ويتناولونها في معظم خروجاتهم..

 

من قسم الحبوب اختارت أجود أنواع القمح وأغلاها، وطحنتها جيدا، ثم اشترت أفضل أنواع الزبد، وكذلك فعلت عند شرائها البيض وباقي مكونات الكعكة، ونظير ذلك أنفقت الكثير من المال والوقت والجهد، لكنها لم تشتك ولم تكل، فهي دوما تجد سعادتها في إسعاد أبنائها..

 

كعكة بشعة 

 

وفي المنزل، بدأت في إعداد الكعكة، فضبطت المقادير، وعجنت الدقيق الفاخر مع الزبد والبيض وباقي المكونات، وكانت رائحتها شهية للغاية، وحين أخرجتها من الفرن كانت تضاهي لوحات بيكاسو جمالا ولم يكن لديها أدنى شك في أن طعمها سيكون أفضل من تلك التي اعتاد الأبناء تناولها خارج البيت..

 

فكرت الأم في أن تضيف قيمة غذائية أكبر للكعكة، حتى يستفيد الأبناء منها، فأخرجت من الثلاجة بقايا القلقاس والسبانخ المطبوخ منذ ثلاثة أيام، ووضعت منهما طبقة كبيرة على سطح الكعكة، ثم أودعتها الثلاجة حتى يعود الأبناء من مدارسهم وأشغالهم.. حضر الأبناء، وجلسوا على السفرة، فأحضرت الأم الكعكة، وقد قسمتها لقطع متساوية ووضعت لكل منهم نصيبه في طبقه..

 

بدأوا في تناول الكعكة، ومع أول قضمة لكل منهم بصقوها في الطبق ذاته، وأبدوا دهشتهم من طعم الكعكة، فهم لا يحبون السبانخ والقلقاس في أي صورة.. سألتهم أمهم عن السبب، فقالوا إن هذه الكعكة بشعة، طعمها سييء للغاية، فانفجرت هي في البكاء، وقالت إنهم يوما لم ينصفوها، رغم أنها دوما تبذل الكثير من الجهد والوقت والمال لأجل إسعادهم..

 

 

ردوا بأنهم لا يحبون هذا الطعم، فأوضحت هي إنها تعرف مصلحتهم أكثر منهم، وعليهم أن يعتادوا الأمر، فقال كبيرهم: نعرف يا أمي أنك دوما تبحثين عن مصلحتنا، لكنك أحيانا تفسدين عملك وجهدك ببعض الإضافات غير المرغوبة وغير المناسبة، كونها إضافات في غير موضعها..

فهمت الأم المغزى فقررت أن تنهي هذه المأساة بحيلة ذكية، وقالت لنفسها: إن لم يكن هؤلاء الأبناء يحبون هذه الإضافات فعلي أن أبحث عن أبناء غيرهم يحبونني حتى لا يضيع جهدي..

وتوتة توتة فرغت الحدوتة.

الجريدة الرسمية
عاجل