رئيس التحرير
عصام كامل

عماد ناصف.. صحابي القرن 21

هكذا أشعر عندما أجالسه.. وكأنما الزمن يعود بي أدراجه إلى عصر الصحابة والتابعين، رضي الله عنهم وأرضاهم، وكأن ريحا طيبة زكية حملت روح أحد الصحابة وغرسته في جسمه، فكأني أجالس صحابيا يعيش في القرن 21. عماد ناصف؛ إنسان يسمو وصفه عن الجمال والنقاء والتواضع والبساطة.. تماما مثلما كان صحابة رسول الله، صلوات ربي وتسليماته عليه وآله، يبذلون كل غال ونفيس من أجل مرضاة الله، وذب المكروه عن غيرهم، والتسابق لقضاء حاجات إخوانهم، وجبر خاطر القريب والغريب، وإكرام عابري السبيل، والإحسان إلى المحتاجين، وذوي الأرحام.

عرفت عماد ناصف في فترة كانت الدنيا مبتسمة له، مقبلة بكل إغواءاتها، مغدقة عليه بالأموال الكثيرة.. له عشرات الكتب التي توزع عشرات الطبعات، بما في ذلك من مكاسب جمة، ومع ذلك كان كريما، شديد التواضع، لا تغادر البسمة شفاهه جبرا لخواطر الآخرين.

وبين ليلة وضحاها، اقترب من الله، وراجع نفسه، موقنا أن كل ما حققه من انتصارات وإنجازات لا يساوي عند الله شيئا.. فتحول إلى الله، ولكنه لم يفعل مثل الفنانين الذين يتبرأون من ماضيهم، ويعتبرونه كفرا وحراما.. بل قرر البناء على ما اكتسبه من خبرات في مهنة الصحافة، وحرفة الكتابة.. وقرر عماد ناصف أن يفيد الأجيال الجديدة التي تطمح إلى العمل في بلاط صاحبة الجلالة.. وسلح نفسه بالعديد من الدورات التدريبية، وتحصن بكل المعلومات والقواعد الحديثة في المهنة؛ فصار أحد أعلام التدريب الصحفي في مصر والمنطقة، واستفاد بعلمه الكثيرون في مصر والدول العربية. وقضى وقتا طويلا في عدد من الدول خارج مصر يقدم علمه بدون حدود، فاستفاد منه غير المصريين أكثر مما فعل المصريون.



 حب الخير


امتحن الله عماد ناصف بالعديد من الأزمات الصحية، واجتازها بالصبر والإيمان والاحتساب، ونسأل الله أن يجعل ذلك في موازين حسناته.. مشكلة عماد أن لديه حساسية مفرطة، وقلبا مرهفا، ولكنه يأبى أن يكون سببا في جرح مشاعر أحد، ولو كان من باب رد الفعل.. ويرهق قلبه المنهك، ويكلف نفسه عبء احتمال الأذى من الآخرين، ويقابل الإساءة بالابتسامة.. 

كل ذلك انعكس على صحته، التي انهارت أخيرا تحت وطأة الضربات المتتالية، ورفع الجسد المتعب راية الاستسلام أمام الابتلاءات الكثيرة، ونكران الجميل، والجحود، والمؤامرات، وكل المفردات الشريرة.

الصدق والإخلاص والتسامح انهزمت أمام إساءات البشر.. زرته في أزمته الأخيرة، وهو يرقد على سرير المرض، يقاوم، بأنفاس لاهثة، يتمسك بالحياة حبا في الله ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، وحبا في بذل الخير، وكأنه يشعر بأن لديه المزيد من العطاء والحب، يرغب في تقديمه قبل أن تنتهي الحياة.

معظمنا يتمسك بالحياة حبا فيها، ورغبة في التمتع بملذاتها.. لكن عماد ناصف يتشبث بالبقاء حبا في بذل المزيد من الخير.. وهذا هو الفارق بينه وبين ملايين البشر.
كان الله في عونك يا أخي، وأعانك على تحمل آلام المرض الرهيبة، وأعباء الحياة، وأعباء العطاء، وأعباء الخير، وأعباء الحب، وأعباء التسامح.
ادعوا معي في هذه الأيام المباركة من أجل عماد ناصف الصحابي العائش بيننا.

الجريدة الرسمية