رئيس التحرير
عصام كامل

المولد!

عندما كنا صغارًا كانت الأحداث البسيطة يتم تعظيم الاحتفال بها، فتصبح مناسبات هامة داخل العائلة أو داخل القرية يتبادل فيها الرجال التهاني، وإطلاق الأعيرة النارية إبتهاجًا بالحدث الذي يبدو الآن حدثًا عاديا ربما لا نلق له بالًا.


فالنجاح في نهاية المرحلة الابتدائية كانوا يطلقوا عليه "النجاح في القبول"، ويتم في هذه المناسبة توزيع الشربات حيث كان الأهالي حريصين على شراء زجاجات شربات أو عبوات بلاستيكية من إنتاج شركات القطاع العام كمنتجات قها.. 

وتوضع في جرادل به ماء ساقع وسكر ثم يقوم الصبية بتوزيع الشربات على منازل الأهل والجيران بالشفاشق، أما النجاح في الاعدادية والثانوية فكان بمثابة فرحًا كبيرًا للعائلة قد تُطلق فيه الأعيرة النارية، ويستخدم في الاحتفال الدف والطبل وتتبادل السيدات الزيارات للتهنئة وكذلك الرجال.


كنا صغارًا فكنا نسمع أن هناك زيارة لمسجد ومقام الشيخ أبوالعيون بدشلوط (أحد قرى ديروط بأسيوط) بمناسبة أن فلان رزقه الله بولد، أو أن فلان سيجري ختان أبنه هناك في ساحة أبوالعيون، أو أن آخر كان له نذر لله أن يذبح أو يطعم لله في ساحة أبوالعيون وفي الغالب كان ذلك يوم الجمعة..

 

حيث تصطف العربيات صباحًا ليستقلها الرجال والنساء والأطفال للتوجه إلى عزبة أبو العيون حيث الذبح والاطعام وصلاة الظهر وشراء حلاوة المولد والخروب والسوداني والحمص، ولعب الاطفال المختلفة حيث أن كثير من البائعين يعتبر يوم الجمعة بمثابة إحتفالات المولد، حيث يحدث حراكًا في عمليات البيع للزائرين الذي يحرصون على الصلاة بمسجد الشيخ أبوالعيون.


ولمن لا يعرف أن مسجد ومقام وساحة الشيخ أبوالعيون يرجع نسبهم إلى الشيخ إبراهيم ابوالعيون الذي نزح من المغرب إلى مصر وإستقر على بعد حوالي 15 كم عن مركز ديروط، ويمتاز مسجده بفنون العمارة الإسلامية المغربية، ويعد أحد أهم المزارات الدينية في الصعيد وللشيخ إبراهيم أبوالعيون جملة شهيرة قالها للملك فاروق عندما زاره في ساحته بعزبة أبوالعيون "إنت ملك وليس بعدك ملوك"، وقد ظن الملك أن الشيخ أبو العيون يمدحه وقد فهم الناس بعد ذلك ما كان يقصده الشيخ.


وقد ارتبطت عمليات ختان الذكور من الأطفال بالصعيد بالمزين (الحلاق) الذي كان يحمل في جيبه ماكينه خاصة بالختان وكان يجلس الطفل على كرسي أو ماجور مقلوب (وعاء من الفخار قاعدته دائرية) ويقيد حركته اثنان أو ثلاثة من الاقارب حتى يتسنى إتمام العملية بنجاح..

 

وكانت السيدات والاطفال يطربون ببعض الأغاني الخاصة ( دارى يـا مزين دارى/ سمعنى عيـاط الغالـى/ دخل المزين بعدته الدهبية/ حلف المزين ما ياخد إلا مية/ طاهره يا مزين تحت السقيفة
واقطع يا مزين قطعة لطيفة) وأحيانا (طاهره يا موسى وأنا أديك جاموسة) وتارة آخرى يتغنوا ب (طاهره يا مزين على الحشيش اللين).

 


وكثير ما استعانت بعض العائلات بأحد المنشدين لإحياء ليلة بمناسبة حدث سار يتم فيها الذبح والاطعام، وعلى هامشها تجد إنتشار الباعة الجائلين لبيع غزل البنات والحمص والسوداني والخروب ولعب الأطفال.

الجريدة الرسمية