رئيس التحرير
عصام كامل

التفاوض مع الشيطان أسهل!

 

فيما تستمر محاولات القاهرة والدوحة وواشنطن مع حماس وإسرائيل للتوصل إلى صفقة لوقف القتال وإطلاق سراح الرهائن والمعتقلين، رهائن إسرائيل لدى حماس، ومعتقلي الضفة وغزة لدى إسرائيل، تواصل آلة القتل النازية الإسرائيلية استمتاعها بقصف المنازل على رؤوس البشر، وفي48 ساعة فقط نزح النازحون، تأمل الكلمتين، من رفح إلى خان يونس تحت الرعب من القصف الدموى الوحشي النازي الإسرائيلي.


بدأت القاهرة مباحثات فورية بمجرد موافقة حماس على المقترح المصرى الأمريكي، وللعلم فإن هذا المقترح هو ما طرحه وليام بيرنز مدير السي أي إيه على إسرائيل فوافقت عليه، ثم طرحه على حماس فأدخلت تعديلات طفيفة، قبلها الوفد الأمنى الأمريكي بقيادة بيرنز.

 

فلما وافقت حماس أسقط في يد إسرائيل، لأنها كانت تراهن على أن حماس سترفض العرض المصرى الأمريكي، ومن ثم تحججت إسرائيل بأنها ستدرس المقترح وعلى التليفون بحثوا ودرسوا ورفضوا المقترح بحجة أنه بعيد عن أهداف إسرائيل وأن حماس مفرطة في مطالبها!


ومع فجر الثلاثاء، وبعلم البيت الأبيض، هاجمت قوات خاصة بالدبابات معبر رفح الفلسطيني وسيطرت عليه كما أغلقته وأغلقت معبر كرم أبو سالم، وبالتالي لا يزال القطاع بلا طعام ولا دواء ولا وقود، اللهم إلا شاحنة وقود واحدة سمحت بها سلطات العدو عبر معبر كرم أبو سالم لصالح الأونروا، ولا يمكن تصديق أن هجوم الفجر الدامي على شرقي رفح لم يتم دون إبلاغ بايدن.

 

الإبادة الجماعية

 

ومن أعجب ما أعلنته هيئة البث الإسرائيلية الرسمية أن إسرائيل سوف توسع عملياتها في رفح ما لم تغير حماس موقفها والوسطاء.. مفهوم أن دخول رفح هدفه الضغط أثناء التفاوض، وهو تهديد لحماس، لكن من غير المفهوم قط أن إسرائيل تطالب الوسطاء بتغيير موقفهم.. ولا أحد يعرف كيف ستغير القاهرة موقفها ولا الدوحة ولا واشنطن.


فالوساطة المصرية والقطرية تجرى بلا كلل وتعب ومشقة وتقديم مقترحات وصياغات، وواشنطن تدعى أنها ضد اجتياح رفح، لكن الواقع أن إسرائيل بالسلاح الأمريكي تدمر في رفح، وحتى مع منع شحنات القنابل المطلوبة أو تأجيلها فإن إسرائيل لديها ما يكفي لإتمام عملية الإبادة.

لقد أنهى وليام بيرنز مساء أمس، اجتماعه مع رئيس الحكومة الإسرائيلية المتطرف الدموى نتنياهو الكذاب، ومن الواضح أن الاجتماع أرهق كبير الجواسيس الأمريكان، وهو يعلم أنه هذه حرب نتنياهو وليست حرب المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وهو يعلم وبايدن يعلم، بل أقر بأن نتنياهو يفاوض بدون نية حسنة، وأن هدفه إطالة أمد الحرب، ومع ذلك فإن إسرائيل تتدلل، وأمريكا توبخ، وتزجر، ولا شيء أكثر من ذلك.

ولو تأملنا المشهد على الجانبين سنجد أن حماس لم يعد لديها ما تفقده، وهي تدرك أن إسرائيل تريد استئناف القتل بعد تسليم الرهائن، وإسرائيل تقول إنها ستضرب وتجتاح رفح بريا سواء تم الاتفاق أو لم يتم.. فإذا كانت هذه هي نية العصابة الدموية في تل أبيب فماذا يجبر حماس على التوقيع على اتفاق؟

 

 

وحتى تأكيد الوسطاء الثلاثة بأنهم ضامنون لتنفيذ إسرائيل للاتفاق، وأن بايدن نفسه يضمن ذلك، فإن التجارب مع حكومة القتلة الحالية برهنت على أن الهدف هو الإبادة الجماعية لخلق حالة ترويع يعقبها فرار من الأرض.. هل يطلع النهار على اتفاق.. ويذهب نتنياهو إلى المحاكمة فالسجن؟ تلك هي المعضلة.

الجريدة الرسمية