رئيس التحرير
عصام كامل

سرادقات النفاق والفشخرة؟!

هل سألت نفسك يومًا: هل لو رجع الميت وشاهد ما يحدث في سرادق عزائه أكان يرضى بذلك أم كان سيوصى بمنع هذا العبث الذي ينطوى على جرأة عجيبة بحرمة الموت؟!
ما يحدث للأسف في سرادقات العزاء وخصوصًا المشاهير زاد قناعتى بأن العزاء للأحياء ولا يصل منه نفع للميت، فلن يصل للميت إلا دعوة صادقة من قلب مخلص، أو صدقة طيبة لا يبتغى صاحبها إلا وجه الله رحمة بميت عزيز على قلبه.. 

 

وهذا ما قاله النبي الكريم قبل أكثر من 1445 عامًا حيث يقول: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له".. فهل يحدث شيء من ذلك في سرادقات العزاء؟! وما جدوى الإنفاق المسرف عليها؟!

سرادق العزاء والدعاء والصدقات

العزاء ليس للأموات بل للأحياء؛ فالبعض يحوله إلى فرصة لاستعراض الثراء والوجاهة والحضور الاجتماعي، والقدرة على إقامة سرادقات فخمة والتباهي بالغنى، والأدهى أن البعض ابتدع أمورًا عجيبة تنزع عن الموت جلاله وعن الحزن روحه وعن العبرة جوهرها حين يقوم بإحضار من يقوم بتصوير العزاء..

ليحصى من حضر ومن تخلف في ظاهرة تكرس للنفاق الاجتماعي والتسابق لإرضاء البشر لا مواساتهم في مصابهم الذي بات هينًا حين تشاغل عنه أهل الميت بتفاصيل السرادقات والقراء والبوفيه وتصوير مجريات العزاء.. 

 

فهل ذلك من الشرع في شيء.. أليس ذلك إسرافًا وتبذيرًا وانتهاكًا صارخًا لحرمة الموت، تلك المصيبة التي أولى بمن أصابته في عزيز أن يبكى ليس على ميته بل على نفسه التي سيأتيها الموت حتمًا إن عاجلًا أو آجلًا، وسوف يُفعل بك مع ما فعلته مع غيرك، أبًا كان أو أخًا أو زوجًا أو أمًا أو ابنًا؟!

ليتنا نتعظ من الموت، فليس أبلغ منه عظة؛ ليتنا نعمل ليوم نغادر فيه الدنيا بصخبها وأطماعها وصراعاتها.. فهل جربت أن تضع نفسك مكان الميت.. ماذا كنت ترجو.. هل كنت تحب أن يتلهى عنك أهلك بسرادق عزاء يتفاخرون به أم يسارعون بصدقات تذهب لفقراء معدمين أو غارمين تتعلق أبصارهم بمن ينقذهم من السجن.. أو مرضى يصارعون الألم انتظارًا لدواء لا يقدرون على ثمنه..

 

 

أيهما أنفع للميت دعاء من قلب خاشع مكلوم أم سرادق عزاء لاستعراض الثراء والنفوذ وشبكة العلاقات الواسعة، ناهيك عن التنافس والغيبة والنميمة التي لا يحبها الله.. إذا كنت لا تدرك خطورة مثل هذه السلوكيات فعليك أن تراجع نفسك قبل فوات الأوان.. فالموت آت لا محالة وكما تفعل سيفعل بك؛ فالبر لا يبلى والذنب لا ينسى والديان لا يموت!

الجريدة الرسمية