رئيس التحرير
عصام كامل

مفتاح الخروج من الأزمة الاقتصادية

قالوا قديما في الحكم الراسخة والمعتمدة حتى في مناهج البحث العلمي.. المقدمات تنبئ بالنتائج.. والبدايات الصحيحة مقدمة للنجاح في أى عمل إنسانى.. ولهذا نقول إن بداية الخروج من الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تمر بها البلاد حاليا هى التعرف بوضوح على حجم الأزمة وأبعادها الأساسية، وقبلها تحديد مسبباتها ودور كل الأطراف المعنية في تفاقم تبعاتها ومجالاتها.. وهى متعددة.

 

هل هى أزمة دولار واضطراب سوق نقد محلى كما يعتقد البعض ويروج بعض المسئولين لإبعاد شبهة المسئولية عنهم؟ أم هى أزمة إنتاج يتراجع ويتعثر ولا يتحدث أحد عنه؟ أم هى أزمة دين عام يتفاقم يوما بعد يوم، حتى بلغنا مرحلة العجز عن سداد أعباء خدمته من أقساط وفوائد؟ 

Advertisements

 

أم هى أزمة تجارة خارجية وداخلية، مظاهرها الأساسية تراكم بضائع من كل نوع وصنف في الموانئ والمنافذ الجمركية.. وجنون أسعار يحرق الأسواق المحلية وعجزت الحكومة عن مواجهته في ظل ترهل لا بل غياب شبه تام لوزارة التموين وجهاز حماية المستهلك وكل الاجهزة الرقابية المعنية إلا من بيانات اعلامية لا تثمن ولا تحل أزمة.. لتسود حالة الاستغلال الممنهج وجشع التجار واتباعهم من الفاسدين بتلك الاجهزة وشياطين اللهو الخفى الذى بات حديث الناس مع كل أزمة؟! 

 

وأخيرا هل هى أزمة إدارة لحكومة ثبت عجزها عن المواجهة في كل أزماتنا الاقتصادية، ولا يرى الشعب أى دور لوزرائها في المجموعة الوزارية الاقتصادية، ولا يعرفون حتى أسماء معظمهم رغم تربعهم على كرسى المسئولية من سنين طويلة؟!

 

حكومة جديدة

البداية الحقيقية لإدارة الأزمة واستغلال الفرصة الأخيرة للخروج من المأزق الاقتصادى الخطير سواء عبر مليارات رأس الحكمة وأخواتها القادمات، أو قروض الصندوق الدولى وروشتاته الموصومة بالتنكيد والتنغيص على حياة الشعب من سنين طويلة هو تصحيح وضع الإدارة.. لا يمكن لعاقل أن يصدق أو يكون لديه أمل أن يدير خطة الخروج من الأزمة بايدى حكومة صنعت هى الأزمة وساهمت بتخاذل أطرافها المعنيين في تفاقم حدتها.


ثم أما بعد الحل يبدأ باختيار حكومة جديدة بمجموعة وزارية اقتصادية تملك رصيدا من الخبرات المعتمدة لوضع برنامج لإدارة الأزمة، والاستغلال الأمثل للموارد الدولارية القادمة وفق أولويات واضحة مالية واقتصادية ودراسة تجربة صدقى.. والرزاز.. ويسرى خلال حقبة التسعينيات من القرن الماضى.

 

والتى قامت على ركيزتين أساسيتين أولها علاج الاختلالات الخطيرة في أرقام الموازنة العامة، وفى المقدمة خفض نسبة عجز الموازنة، وأرقام الدين العام ثم تبنى برنامجا طموحا لتطوير قدراتنا الإنتاجية الصناعية والزراعية باعتماد كبير على القطاع الخاص المحلى أولا ثم العربى والأجنبي وفق آليات تشجيع حقيقية للاستثمار، وقواعد تنافس عادلة. 

 

 

ووضع برنامج واضح وفعلى لتشغيل آلاف المشروعات الصناعية المتعثرة منذ أكثر من عشر سنوات، وكذا دراسة الأسباب والعراقيل التى أدت لإحجام المستثمر الوطنى عن ضخ أمواله في مشروعات جديدة أو التوسع في مشروعاته القائمة، بل هجرة البعض منهم بحثا عن فرص استثمارية أفضل في الدول المجاورة وتصحيح الأوضاع قبل فوات الأوان.. إدارة اقتصادية جديدة بخبرات معتمدة هو الحل.

الجريدة الرسمية