رئيس التحرير
عصام كامل

الشيخ محمد الليثي.. أتم حفظ القرآن الكريم طفلًا.. وأتقن القراءات العشر في "بني قريش".. وظل سفيرًا فوق العادة لكتاب الله.. وتلاواته شاهدة على موهبته وإخلاصه

القاريء الشيخ محمد
القاريء الشيخ محمد الليثي -فيتو

الشيخ محمد الليثي، بعيدًا عن الألقاب الفخيمة التي أضفاها عليه محبوه ومريدوه والمقربون منه.. فإن القاريء الشيخ محمد الليثي –الذي تحل ذكرى وفاته الثامنة عشرة اليوم- يُعتبر واحدًا من القراء البارزين في تاريخ دولة التلاوة المصرية التي تمر في السنوات الأخيرة بمنعطفات خطيرة وتحديات جِسام.

 جمع "الليثي" –وهذا ليس اسمه الحقيقي، وسوف نورد قصته لاحقًا- بين الحُسنيين: الموهبة الكاملة والسيرة الطيبة. ولأنه كان قارئًا موهوبًا، وليس مصنوعًا، فإن تسجيلاته كُتب لها الخلود، ولا تزال تملأ الفضاء الإلكتروني، ويستقبلها مستمعو إذاعة القرآن الكريم استقبالًا طيبًا، كما حدث اليوم، حيث تذيع له إذاعة القرآن الكريم باقة متميزة منها، وتلاواته لا يملُّ محبوه من تكرارها والتعلم من نفحاتها واستلهام ما تطويه بين ثناياها من إتقان. أما سُمعته الطيبة، فحدِّث ولا حرج؛ فالرجل –على شهرته وذيوع صيته مبكرًا-  ظل متواضعًا طيب الجانب، لم يعرف كبرًا ولا زهوًا ولا افتخارًا. كان -رحمه الله تعالى- من أهل القرآن المعتبرين. أتاه الله دقة الصوت وقوته، وجمال الأداء ورونقه.

حفظ القرآن وإتقان القراءات

قبل خمسة وسبعين عامًا..أبصر محمد محمد أبو العلا النورَ بإحدى قرى مركز الزقازيق، عاصمة محافظة الشرقية.

ولأن والده كان قد نذره لكتاب الله، فإن الطفل الصغير أتمَّ حفظ القرآن الكريم مبكرًا جدًا، كما تعلَّم القراءات العشر وأتقنها على يد الشيخ محمد العزب بقرية "بني قريش" بمركز منيا القمح. صعد دكة التلاوة وقرأ في المناسبات المختلفة ولم يزل صبيًا، وسرعان ما طبقت شهرته الآفاق. وفي العام 1984 تم دفعه إلى اختبارات الإذاعة وتجاوزها وتم اعتماده قارئًا إذاعيًا، فعرف المستمعون يومئذ قارئًا متميزًا صوتًا وأداءً. وفي وقت قياسي..أصبح الشيخ "محمد" من مشاهير القراء في مصر وخارجها، حتى إنه كان صاحب أرقام قياسية في إحياء الليالي والمناسبات المختلفة، ما تسبب في إجهاد أحباله الصوتية سريعًا. 

اكتسب الشيخ "محمد" لقب "الليثي"، من ارتباطه وتعلقه بمقام الإمام الليث بن سعد بضاحية البساتين القاهرية. والليث بن سعد هو شيخ الاسلام الإمام الحافظ العالم أبو الحارث الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي القلقشندى، عاش بين عامي 713 م - 791 م،  كان فقيهًا ومحدثًا وإمام أهل مصر فى زمانه. قال الإمام الشافعي عنه: "الليث أفقه من مالك، إلا أن أصحابه لم يقوموا به".

أيقونة قرآنية

متسلحًا بإرادة فولاذية وموهبة حقيقية، انطلق القاريء الشاب في مساجد مصر الكبرى وخارجها يتلو كتاب الله تعالى حق تلاوته، فجذب إليه القلوب والأفئدة، وتحول صوته إلى "أيقونة قرآنية خالدة"، لا ينطبق عليها قانون الزمن، ولا تتراجع قيمتها بتقادم الأيام والسنين. وكما قرأ "الليثي" في بيوت الله العامرة مثل: الحسين والسيدة زينب والإمام الشافعي والنور بالعباسية وغيرها، فإنه طاف دولًا عديدة، غربية وعربية، وكان سفيرًا قرآنيًا فوق العادة، ونال منها التكريمات والأوسمة والنياشين.

صاحب موهبة فولاذية

القاريء الإذاعي الشيخ كارم الحريري يصف القاريء الشيخ محمد الليثي بأنه صاحب موهبة فولاذية مكتملة الأركان، كما كان أداؤه متقنًا على صعيد الوقف والابتداء وعموم الأحكام.

“الحريري” أضاف لـ"فيتو" أن تسجيلات “الليثي” بالإذاعة تتسم بالجودة الكاملة والأداء الموزون على جميع المستويات وجديرة بالاستماع والتدبر، مردفًا: كما كان “الليثي” على المستوى الأخلاقي مضرب المثل، لا يجاريه أحد في ذلك، حيث كان مترفعًا في غير كبر، ومتواضعًا في غير مذلة، لا يذكر أيًا من زملائه بسوء، لا يعرف صخبًا، ولا يثير جدلاً، ولا يبحث عن مكانة خاصة.

 

امتداد السلسال الطيب

القاريء الشيخ نادر مفرح الغنيمي، أحد معاصري "الليثي" والمقربين منه، يقول عن صاحب الذكرى: "وُلد الشيخ الليثي  عملاقًا، حيث كان ذا موهبة صوتية فذة، وأداء خاشع جميل، فجذب إليه الأسماع والقلوب وتعلق به محبو القرآن الكريم، ووجدوا فيه امتدادًا للسلسال الطيب من القراء بشكل عام، ولقراء الشرقية بشكل خاص التي أنجبت عددًا من القراء الإذاعيين المهمين مثل القاريء الشيخ محمد حسن النادي والقاريء الشيخ محمد هليل والقاريء الشيخ أحمد محمد عامر.

شهادة نعينع

وعلى ذِكر الشيخ "عامر"..يقول الشيخ "نادر": "كان القاريء الكبير أحمد محمد عامر –رحمه الله تعالى- كان محبًا للشيخ "الليثي"، وشهد له بالإجادة والإتقان، وهي المحبة التي كان يحظي بها من معاصريه مثل: الشيخ أبو العينين شعيشع والشيخ محمود علي البنا –رحمهما الله تعالى- والقاريء الطبيب أحمد نعينع الذي زامله في رحلاته وسفرياته الخارجية سنوات عدة، مضيفًا أن الأخير شهد للقاريء الراحل بأنه كان قارئًا موهوبًا متمكنًا ضابطًا متقنًا مجيدًا لعلم القراءات، حريصًا حاذقًا، حسن الخلق ودودًا متواضعًا طيب المعشر.

مرض ورحيل مبكر

وأشار الشيخ "نادر" إلى أن الشيخ "الليثي" عندما أدرك الخمسين عامًا، استوطن المرض أحباله الصوتية، ما أبعده عن التلاوة وهو في قمة عطائه وذروة تألقه، وظل مريضًا نحو ست سنوات حتى غيبه الموت في مثل هذا اليوم من العام 2006، عن عُمر ناهز 57 عامًا تقريبًا، بعد مسيرة حافلة وناصعة في تلاوة القرآن الكريم.

ونقدم لكم من خلال موقع "فيتو"، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية، بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. 

 

الجريدة الرسمية