رئيس التحرير
عصام كامل

بعد اختياره شخصية جناح الأزهر في معرض الكتاب 2024.. محطات في حياة محمود حمدي زقزوق.. جمع بين التمكن من علوم الشريعة والثقافة الإسلامية.. وحصاد 15 عاما بالأوقاف

حمود حمدي زقزوق،فيتو
حمود حمدي زقزوق،فيتو

 يحتفي الأزهر هذا العام في جناحه بمعرض القاهرة الدولي للكتاب بالفيلسوف والمفكِّر الإسلامي الراحل  الدكتور محمود حمدي زقزوق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر السابق، ووزير الأوقاف الأسبق، أحد أبرز علماء الأزهر الذين جمعُوا من علوم الشرق والغرب؛ ليكون «شخصيَّة الجناح» هذا العام، تقديرًا لجهوده وإسهاماته العلميَّة والأكاديميَّة في مجال الفلسفة والتَّجديد في الفكر الإسلامي؛ حيث يعرض منفذ بيع الكتب بالجناح مجموعة من مؤلفاته، كما يعرض المركز الإعلامي للأزهر عددًا من كتب الدكتور حمدي زقزوق من خلال نافذة الكتاب المسموع «الأزهر بودكاست» التي يُتيحها المركز لأوَّل مرة في جناح الأزهر وعلى المنصات الرقميَّة، كما يقدم ركن الندوات بالجناح ندوة خاصة تتناول سيرة الدكتور «زقزوق» ومسيرته وأبرز إنجازاته وإسهاماته.

 

 

 

محطات في حياة الفيلسوف محمود حمدى زقزوق

ولد الدكتور محمود حمدي زقزوق في 27 ديسمبر عام 1933م، الموافق 8 شعبان عام 1352هـ، بقرية الضهرية، التابعة لمركز شربين - محافظة الدقهلية، حيث نشأ في كنف أخيه الأكبر الذي شمله بحبه ورعايته، بعد فقد والده، وحرص على تعليمه، فحفظ القرآن الكريم، والتحق بالمعهد الأزهري بدمياط.

كان زقزوق -رَحِمه الله- بالغ الطموح؛ يكتب مذكراته اليومية، وبدأ في سن السابعة عشرة ببعض المشاركات القصصية والشعرية في إحدى الصحف الأسبوعية التي تُسمي «سفينة الأخبار»، كما كَتَب في البريد الأدبي بمجلة «الرسالة»، وجالس كبار الأدباء والمفكرين أمثال عباس العقاد وأحمد حسن الزيات، حيث كان زقزوق شابًّا وطنيًّا، مهتمًا بشأن أمته، وما يجرى حوله من أحداث، فكتب وهو طالب عن الأحداث الثورية التي شهدتها مصر في هذه الفترة، وكان ضمن كتائب الأزهر المتطوعين للدفاع عن الوطن بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م.

رحلة الدكتور حمدي زقزوق العلمية 

حصل الدكتور زقزوق على الثانوية الأزهرية عام 1955م والتحق بعدها بقسم الفلسفة بكلية اللغة العربية بالقاهرة، وتخرج فيها عام 1959م، ثم حصل على درجة العالمية وإجازة التدريس عام 1960م، ونال درجة الدكتوراة في تخصص الفلسفة من جامعة ميونخ بألمانيا عام 1968م، ثم عين مدرسًا في تخصص الفلسفة الإسلامية بكلية أصول الدين جامعة الأزهر عام 1969م، ثم ترقَّى إلى درجة الأستاذية عام 1979م، كما شغل رئاسة قسم العقيدة والفلسفة، وبعدها عين وكيلًا، ثم عميدًا لكلية أصول الدين والدعوة بالقاهرة، وكان مُقرِّر اللجنة العلمية الدائمة لترقية الأساتذة في العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر.

 

ثم أُعير الدكتور زقزوق إلى عدة جامعات وبلدان؛ كجامعة طرابلس، وكلية الشريعة بجامعة قطر، ثم سافر إلى تونس ليشارك في اللجنة العلمية لترقية هيئة التدريس بجامعة الزيتونة، شَغَل منصب نائب رئيس جامعة الأزهر، وعُيِّن وزيرًا للأوقاف 15 عامًا، كما عُين رئيسًا لمركز الحوار بالأزهر الشريف، كما شغل عضوية هيئة كبار العلماء، ومجلس حكماء المسلمين، والأمانة العامة لبيت العائلة المصرية.

 

تأثر الدكتور زقزوق بالدكتور محمد البهي - المفكر الإسلامي ووزير الأوقاف الأسبق، الذي تلقى بين يديه الفلسفة في جامعة الأزهر، وتعلم اللغة الألمانية وأتقنها حبًّا فيه، ولما أتيح للدكتور زقزوق فرصة التعيين في كلية دار العلوم وفرصة أخرى في كلية أصول الدين، اختار أصول الدين بناء على استشارة أستاذه البهي.  

كان الدكتور زقزوق مفكرًا وفيلسوفًا أديبًا، جامعًا بين التمكن من علوم الشريعة والثقافة الإسلامية، والدراية الواسعة بالثقافات والحضارات المتنوعة، وخلال رحلته العلمية إلى ألمانيا موفدًا من قبل الأزهر الشريف، توصل في رسالته العلمية التي نال بها درجة الدكتوراة، إلى إثبات أن الإمام الغزالي سبق الفلاسفة في القول بنظرية الشك المنهجي، في بحثه: «الشك المنهجي لدى الغزالي وديكارت، دراسة مقارنة»، والتطابق بين ما قاله الغزالي وديكارت، كما أنصف الإمامَ الغزالي من خصومه.

 

توليه منصب وزير الأوقاف

أثرى الدكتور زقزوق الحياة الثقافية في علوم الفكر والعقيدة والفلسفة بالعديد من المشاركات والمؤلفات على مدار عمره، سيما في فترة توليه وزارة الأوقاف المصرية، وخلال خمسة عشر عامًا قضاها الدكتور زقزوق على رأس الوزارة، لم يترك فيها مجالًا للإصلاح والتطوير إلا سلكه فبدأ بضم المساجد الأهلية، واشترى مصنع دمنهور للسجاد لفرش المساجد، وقَصَر الدعوة على الأئمة والمصرح لهم من قبل الوزارة، واهتم بالأئمة تدريبًا وتثقيفًا، ونَظَّم صناديق النذور بقرار وزاري، وأنشأ المكتبات العامة في بعض المساجد.

وفي الجانب العلمي كانت له اسهاماتٌ بارزةٌ على الصعيد العالمي والمحلي والتي من أهمها؛ اعتناؤه بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ليكون منبرًا للفكر والثقافة، فأقام مشروعات عدة من خلال عقد خمسة عشر مؤتمرًا إسلاميًّا، والتي وظفها لخدمة قضايا إسلامية كبرى مثل:(الإسلام ومستقبل الحوار الحضاري - الإسلام والغرب - الإسلام والقرن الحادي والعشرين - نحو مشروع حضاري لنهضة العالم الإسلامي - الإسلام ومتغيرات العصر - التجديد في الفكر الإسلامي - حقيقة الإسلام في عالم متغير - مستقبل الأمة الإسلامية - التسامح في الحضارة الإسلامية - مشكلات العالم الإسلامي وعلاجها في ظل العولمة - مقومات الأمن المجتمعي في الإسلام - تجديد الفكر الإسلامي - مقاصد الشريعة الإسلامية وقضايا العصر- القدس في الدين والتاريخ).

 

كما أصدر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية في عهد توليه الوزارة موسوعات كبرى لعدد من كبار العلماء، من أهمها: الموسوعة القرآنية المتخصصة - موسوعة علوم الحديث الشريف - موسوعة أعلام الفكر الإسلامي - موسوعة الحضارة - موسوعة التشريع الإسلامي - موسوعة التصوف الإسلامي - موسوعة الفلسفة الإسلامية - موسوعة العقيدة الإسلامية - موسوعة الأخلاق الإسلامية، وبذلك يكون الدكتور زقزوق قد أثرى الحياة الثقافية في مختلف علوم الفكر والعقيدة والفلسفة بالعديد من المشروعات والكتب والموسوعات، التي يدافع من خلالها عن سماحة الإسلام، وينشر الفكر الوسطي المعتدل في وجه متطرفي الفكر والإرهاب؛ وقد زادت مؤلفاته الشخصية باللغة العربية وما ترجمه باللغات الأخرى على الثلاثين مؤلفًا، والتي من أهمها: (مقدمة في الفلسفة الإسلامية - الدين والفلسفة والتنوير - دراسات في الفلسفة الحديثة - الإسلام في تصورات الغرب - مقدمة في علم الأخلاق - الدين والحضارة).

تكريم الدكتور محمد حمدي زقزوق 

 حصل الدكتور زقزوق على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، من المجلس الأعلى للثقافة بمصر عام 1997م، كما نال وسام الاستحقاق الأعظم مع النجمة والوشاح من ألمانيا عام 2002م، وحصل على جائزة الرئيس التونسي العالمية للدراسات الإسلامية عام 2003م، كما نال وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى في مصر عام 2014م، كما كرَّمه الرئيس عبدالفتاح السيسي في مؤتمر تجديد الفكر الديني الذي عقده الأزهر الشريف في عام 2020م، نظرًا لإسهاماته في تجديد الفكر الإسلامي.

 

مؤلفات الدكتور محمود حمدي زقزوق 

يُذكر أن الدكتور محمود حمدي زقزوق شارك في إثراء الحياة الدينية في مصر بالعديد من المؤلفات والأبحاث، قدم من خلالها نظرته الفلسفية في العديد من المحافل الدولية، وجاءت أبرز مؤلفاته: كتاب مقدمة في الفلسفة الإسلامية، كتاب دراسات في الفلسفة الحديثة، كتاب مقدمة في علم الأخلاق، كتاب الإسلام في تصورات الغرب، كتاب الإسلام وقضايا الحوار عام، كتاب الإسلام في تصورات الغرب، كتاب الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري، دور الإسلام في تطور الفكر الفلسفي.

وفاة الدكتور حمدي زقزوق 

في الأوَّل من إبريل عام 2020م صعدت روح العالم الجليل الدكتور زقزوق إلى بارئها، عن عمر ناهز 87 عامًا، بعد رحلة طويلة من الكفاح والمجاهدة والعلم والتعليم.

 

نعي شيخ الأزهر للدكتور حمدي زقزوق 

وقد نَعَاه فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب - شيخ الأزهر الشريف، قائلًا: «لله وللتاريخ أشهدُ أنَّك كُنت الإنسان المترفِّع عن كل الصغائر، والعالمَ الكبير الشديد التواضع، وجميعُ المناصب العلمية والرسمية التي تقلَّدتها هي التي سَعَت إليك، وأُشهد الله أنَّك لم تسعَ إليها، وكُنت مدرسةً في العلم والخلق الرفيع والإنسانية العُليا يندُر تكرارها في هذا الزمان.. فوداعًا أيها الأستاذ الكبير محمود حمدي زقزوق، المفكِّر الزاهد، والفيلسوف الفقيه، والعالم العابد».

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية.

الجريدة الرسمية