رئيس التحرير
عصام كامل

الإسلام دين الاستقامة والاعتدال

من خصائص منهج الإسلام وشريعته الغراء أنه دين الاعتدال والوسطية. والوسطية في الدلالة اللغوية لها عدة معاني منها العدل والإنصاف والخيرية والوسطية والرفعة والسواء، وهو يتنافى مع الإفراط والاعوجاج.. والاعتدال فيه الاستقامة والتزكية والاستواء والتوسط بين حالين والتوسط والاقتصاد في الأمور وهو أفضل سلوك يسلكه ويتبعه الإنسان.. 

وخاصة الإنسان المسلم لسلامة في حياته الدنيوية وفوزه ونجاته في حياته الآخرة في عالم الخلد والديمومية ومن أجل أن يؤدي واجبه مع ربه تعالى ونفسه. 

 

هذا ومعنى الاعتدال في الإسلام هو الاستقامة على شريعة الله عز وجل وهدى الرسول الكريم عليه وعلى آله الصلاة والسلام، وعدم الخروج عما أمره الشرع الحكيم أو نهى عنه والالتزام بالطريق السوى والصراط المستقيم.. والمسلم في صلاته يدعوا الله تعالى أن يهديه إلى الصراط المستقيم كما أمره عز وجل من خلال قوله سبحانه "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ". 

 

هذا ومنهج الإسلام أمر بالاعتدال والموازنة في كل ما يتعلق بحال المسلم وسلوكه.. في المأكل والمشرب والكلام ومشيه والإنفاق وفي معاملاته وعبادته لربه عز وجل، ففي المأكل والمشرب يقول تعالى "كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا"، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وعلى آله قال: "ألبسوا وكلوا وأشربوا في أنصاف البطون. ومن قل طعامه صح بدنه وصفا قلبه. ومن كثر طعمه سقم بدنه وقسى قلبه".

الاعتدال في الإسلام

وفي حديث آخر قال "ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لابد فاعلا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه". وفي حاله وهو يخطو على الأرض وفي مشيه وفي كلامه وصوته يقول تعالى “إِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ”.. 

 

وقال عز وجل "يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)".

 

هذا وفي الإنفاق أمر الحق عز وجل بالاعتدال والوسطية حيث يقول سبحانه "وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا". ويقول سبحانه وتعالى في وصف عباده المؤمنين "وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا".

 

هذا وقد أمر الله عز وجل بالموازنة بين الدنيا والآخرة فقال تعالى "وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ". هذا وقد أمر المولى عز وجل بالاعتدال في عبادته وجعل سبحانه كل المعاملات التي شرعها سبحانه في دين الإسلام عبادات يثاب العبد ويؤجر عليها.. 

وقد نهى الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عن الغلو في العبادة في أحاديث كثيرة منها قوله "لا رهبانية في الإسلام"، ومنها قوله وصفا لحالة الذين أرادوا أن يغلوا في عبادتهم لله تعالى وهم الذين قال أحدهم: أصلي ولا أنم. وقال الآخر: وأنا أصوم ولا أفطر. وقال ثالثهم: وأنا لا أتزوج النساء. فقال لهم النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم "أما أنا أصلي وأنم. وأصوم وأفطر. وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني".. 

 

 

الخلاصة أن دين الإسلام دين الاعتدال والوسطية والموازنة وهو الدين الذي حقق الموازنة بين متطلبات الجانب المادي والجانب الروحي في مملكة الإنسان. ولذا فهو الدين القيم والنعمة التي أنعم بها سبحانه على العباد والذي أكمله وأتمه يقول تعالى "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا". وفي الختام الإسلام دين حياة.

الجريدة الرسمية