رئيس التحرير
عصام كامل

ليستيقظ عدوك ميتا!

من يظن أن الصراع سيتوقف بعد توقف حرب غزه الدائرة الآن واهم، بل ستبدأ مرحلة وأشكال جديدة للصراع، بعد أن تأكد من جديد وبما لا يدع مجالا  للشك وهم الجيش الاسرائيل الذي لا يقهر، وخداع الجهاز المخابراتي الذي يعرف مكان أي نملة في العالم!، وهلع وسراب الأمن والأمان المزعوم للمستوطنين فى أرض ليست لهم ولكنها ترانزيت.


بإختصار كيان أضعف من خيوط العنكبوت، ولا يصدق أحد وهم القوة في الجنون الذي أصيب به الثور وتوزيعه للدمار وإزهاق الأرواح في كل غزة، لأن ذلك له معنى واحد هو الرعب والانهيار الداخلي.


نعم، قد تخمد النار بعد توقف هذا الجنون، لكن جذوتها لن تنطفئ لآن الحق لم يعد لأصحابه، والحق الذي يتغافل عنه الغالب الأعم هو عودة فلسطين كاملة لأهلها وعودة الصهاينة إلى بلادهم، دون ذلك لن يقف الصراع الذي قد يخبو حينا لكن لا يموت.


وأعتقد أن الفترة القادمة ستشهد أشكالا جديدة من الصراع التي زرع بذورها الصهاينة والأمريكان في المنطقة والعالم من حروب الجيل الثالث والرابع والخامس والسادس.. إلخ، وسيجنون هم بعض الثمار المرة.


والسؤال هل ينجح الفلسطينيون في الفترة القادمة في تصدير البضاعة إلى أهلها وإدارة دفة الصراع باستخدام أجيال الحروب الجديدة المصنوعة في دور المخابرات الأمريكية والغربية والصهيونية ضدهم؟

التآكل البطئ


هذه الحروب التي لا تعتمد على الجيوش المنظمة أو القوة النووية أو الصواريخ عابرة القارات وحرب النجوم ولا بالطائرات أف 35 بل بالطائرات المسيرة، وصواريخ مصنوعة من مواسير المياه والطعن بالسكاكين ورمى الحجارة وحرب الإنترنت والإعلام.


حروب متعددة يقوم بها من يقيم في الداخل ومن يقيم في الخارج، مثل الحروب السيبرانية والاقتصادية والنفسية والاجتماعية، كيان مكون من الشتات مزدوجى الجنسية! 

 

علينا أن نقرأ فلسفة هذه الحروب التى صدروها للعالم عامة ومنطقتنا على وجه الخصوص حتى نطبقها ضدهم، وطبقا لما تسرب عن أقوال شياطينها وما خفى كان أعظم.. ومن الآراء المتناثرة لهم..


محاضرة ألقاها ماكس مانوارينج خبير الإستراتيجية العسكرية في معهد الدراسات التابع لكلية الحرب الأمريكية في إسرائيل يوم 1 ديسمبر 2018 قال فيها إن أسلوب الحروب التقليدية صار قديما، والجديد هو الجيل الرابع من الحرب! لم يعد الهدف تحطيم المؤسسة العسكرية لإحدى الدول أو تدمير قدرتها العسكرية بل الهدف هوالإنهاك والتآكل البطيء لكن بثبات!


فهدفنا هو إرغام العدو على الرضوخ لإرادتنا بعد زعزعة الاستقراربأيدي مواطنين من الدولة العدو، لخلق الدولة الفاشلة! ويضيف: وهنا نستطيع التحكم في العدو، ليستيقظ عدوك ميتا!


يعنى لا تخطط هذه الحروب إلى الانهيار السريع في الدول المستهدفة لعدم امتداده إلى مؤسسات الدولة المختلفة، لان التآكل الهادئ والبطيء هو الأكثر تأثيرا حيث الخراب المتدرج، وتحويل الناس إلى قطعان هائمة وشل قدرة البلد العدو على تلبية الحاجات الأساسية، وتحويل نقص هذه الحاجات إلى وجه آخر من وجوه الحرب، وهو عمل مدروس ومنظم بدقة!


وبقسوة الشيطان يقول ماكس مانوارينج  -رجل المخابرات الأمريكي-: في مثل هذا النوع من الحروب قد تشاهدون أطفالا قتلى أو كبارا في السن، فلا تنزعجون! علينا المضي مباشرة نحو الهدف، بمعنى لا تتركوا المشاعر أمام هذه المشاهد تحول دون تحقيق الهدف.


والراصد للمنطقة العربية يرى تطبيق هذا الأسلوب في العراق وسوريا واليمن وليبيا، والسودان وتونس واقتصاديا في لبنان.. ومحاولة تطويق مصر في الجنوب بإشعال النار في السودان وإفقاد مصر لعمقها الاستراتيجي فيه، ومحاولة قتلها بسد النهضة، وغرب ليبيا والتغلغل الصهيوني في أفريقيا بل في العالم العربي ذاته من اتفاقيات تطبيع.. إلخ وغدا لا ندري من سيكون عليه الدور؟

إنهيار المجتمع الإسرائيلي


والسؤال هل يمكن للفلسطينيين أن يديروا مثل هذه الحروب الجديدة من داخل وعمق الكيان الصهيوني مثلما فعل الأمريكان في المنطقة؟ علينا أن ندرك أن سيل المساعدات الأمريكية والغربية لن يصمد أمام الإنهيار الداخلي في المجتمع الإسرائيلي وقد بدأت رحلة الألف ميلا بعملية 7 أكتوبر 2023.


وإذا كان ضعف العمق الاستراتيجي والمساحة المحدودة يجعل العقيدة العسكرية الإسرائيلية تقوم على نقل الحرب إلى خارجها فالأمر هنا مختلف، لأن الحرب ستكون في الداخل ومهما كانت تضحيات الشعب الفلسطيني  فالنصر قادم لان الصراع في الداخل لن ينفع معه الأسلحة النووية ولا الحرب البيولوجية والكيماوية لآن كيانهم سيتأثر قبلنا.


وإذا كان لا حياة لنا إلا في أوطاننا فالأمر مختلف لهم لأنهم مستهجرين ويشكل جيشهم عند التعبئة معظم أفراد الكيان وبالتالي لا تستطيع إسرائيل إدارة حرب طويلة المدى.

أحداث 7 أكتوبر الأخيرة أكدت أنه مهما طال الزمان أم قصر سيعود الحق إلى أهله وإن إسرائيل نمر من ورق وأن سلاحها وأنيابها النووية عجزت عن كبح الانتفاضات الفلسطينية المتعاقبة والعمليات الاستشهادية وثوار السكاكين والحجارة ولم تطفئ روح المقاومة لأهلنا في غزة.

 


هيا يا أهل غزة إلى حروب الأجيال الرابعة والخامسة إلى ما لانهاية حتى يتحرر كامل التراب الوطني ويعود اللاجئون إلى ديارهم ونرد لهم بضاعتهم في فلذة أكبداهم!

yousrielsaid @ yahoo. com

الجريدة الرسمية