رئيس التحرير
عصام كامل

ذكرى رحيل حسن فتحي شيخ البنائين

المهندس حسن فتحى
المهندس حسن فتحى شيخ المعماريين،فيتو

المهندس حسن فتحي، مهندس عمارة الفقراء قبل الأغنياء، حصل على لقب أحسن مهندس معماري من الاتحاد الدولي للمعماريين بباريس، لقب بشيخ البنائين ومهندس الفقراء، من أشهر مشروعاته قرية القرنة الجديدة بالأقصر، وتزوج من عزيزة حسنين شقيقة أحمد حسنين رئيس الديوان. ورحل في مثل هذا اليوم عام 1989 وهو في التاسعة والثمانين.

 

 ولد حسن فتحي في الإسكندرية عام 1900، وانتقل مع أسرته في طفولته إلى القاهرة ليسكن في حي الجمالية العتيق بدرب اللبانة الذي ظل يسكنه طول حياته وظل شديد الإعجاب به، تخرج من مدرسة المهندسخانة (كلية الهندسة) بجامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًا) عام 1925، عين كأول معيد مصري وأول عضو مصري في هيئة التدريس الحديثة بمدرسة الفنون الجميلة في عام 1930، أوفدته الكلية في بعثة إلى باريس ليدرس الدكتوراة.

Advertisements

أول تصميم للمبانى الريفية 

 بدأ حسن فتحي كشفه الأصول الفنية للعمارة الإسلامية بدءً من مواد البناء الأولية الطبيعية إلى التصميم العام للمباني، وفي عام 1938 وضع أول تصميم للمباني الريفية من الطين، بدأ يعلن فلسفته في ضرورة نشر هذا النوع من المساكن، وفي عام 1941 أقام أول مجموعة من هذه المباني في قرية بهتيم.

المهندس حسن فتحى 

 

 وترجع أهمية حسن فتحي إلى كونه أول من شخص مركب النقص عند المعماريين المصريين إزاء منجزات العمارة الغربية، ومن هنا كانت له وجهة نظر خاصة مرتكزة على تراث أمته ومستفيدة في الوقت نفسه من إنجازات الآخرين، فالبناء عند حسن فتحي سيد البنَّائين لم يكن مجرد جدران وسقف، بل كان حياة وحضارة، وتراثا لم يمت، ومازالت  روحه حية، 

فوارق رهيبة وازدحام 

 يرى المهندس حسن فتحي أن أهم مشكلات المعمار والإسكان في الدول الفقيرة كمصر تكمن في الفوارق الرهيبة بين القدرات المادية والدخل السنوي للأهالي وتكاليف البناء، مما يؤدي إلى عدم القدرة على بناء العدد الكافي من المساكن التي يحتاجها أفراد المجتمع، فيحظى بالمساكن من يملكون تكاليفها، وتبقى الأغلبية الفقيرة بلا مأوى، إلا الأكشاك أو الخيام أو التكدس كل عشرة أفراد في شقة من حجرة واحدة وصالة، مما يؤدي بدوره إلى مشاكل اجتماعية نفسية لا نهائية.

العمارة ذات القباب عند حسن فتحى 

 كما يرى أن الإصرار على حل المشكلة بالمساعدات المالية التي تمْنح للأهالي عن طريق الحكومات أو الهيئات الدولية لن تأتي بنتيجة، كذلك لن تكون ميكنة البناء واستخدام المباني الجاهزة أو الطرق الغربية في البناء حلا لفداحة تكاليفها.

أول معمارى فى هيئة تدريس الفنون 

 عمل المهندس حسن فتحى بعد تخرجه مهندسًا بالإدارة العامة للمدارس بالمجالس البلدية (المجالس المحلية حاليًا)، وكان أول أعماله مدرسة طلخا الابتدائية، ثم كلف بتصميم دار للمسنين بمحافظة المنيا ومنها أتى اهتمامه بالعمارة الريفية أو كما كان يسميها عمارة الفقراء، وأمره رئيسه بأن يكون التصميم كلاسيكيًا، فلم يقبل فتحي تدخله واستقال من العمل في عام 1930. عاد إلى القاهرة وقابل ناظر مدرسة الفنون الجميلة -كان فرنسي الجنسية ـ فقبله كأول عضو مصري في هيئة التدريس، ثم عين رئيسا لإدارة المباني المدرسية بوزارة المعارف في ذلك الوقت عام 1946.


 عمل المهندس حسن فتحى خبيرا لدى منظمة الأمم المتحدة حتى عام 1957، وبسبب روتين الحكومة في مصر وفشله في إنجاز مشروعاته تركها إلى اليونان لمدة عامين عمل خلالها في التصميم والإنشاءات في أثينا وعاد ليعمل في مشروع لإسكان الشباب في مصر تابعا لوزارة البحث العلمى عام 1966، انتقل بعدها للعمل في مشروعات التنمية بالمملكة العربية السعودية.

طراز قرية القرنة الجديدة 

 في عام 1946 تم اختياره لتنفيذ مشروع القرنة الجديدة في مدينة الأقصر، لكن تم إيقاف المشروع قبل انتهاء الأعمال فيه بسبب دمار ناجم عن فيضان نهر النيل، وتمت إثارة قضية حول الموضوع، واتضح أن هناك جهات لم تكن ترغب أن يمضي المشروع بناءً على فكر حسن فتحي.

فنان معماري مرتبط بالبيئة 

 بنى المهندس حسن فتحي بيوتا بالطوب اللبن، وسقفها بقباب صبغها بجمال معماري بديع، فلم يصممها كمهندس، يهتم بحساباته العلمية ومعاييره الهندسية في المتانة والتصميم فقط، لكنه طعمها بروح فنان يرتبط ببيئته ويعشقها، ليضع لمساته الفنية الجمالية على المباني لتتجاوب مع البيئة المحيطة، بتكلفة اقتصادية بسيطة في نفس الوقت وكان يقول: كنت أود أن أمد جسرا على الفجوة التي تفصل المعمار الشعبي عن معمار المهندس التقليدي، وأن أوفر صلة متينة مرئية بين هذين المعمارين في شكل ملامح مشتركة بينهما معا.

 

معماري حافى القدمين 

 يبرر المهندس حسن فتحى اهتمامه بالفقراء بقوله: العميل الذي يعنيني هو من تمثله الإحصائيات التي تشير إلى أن هناك 800 مليون من البشر في العالم الثالث يموتون موتًا مبكرًا بسبب الإسكان غير الصحي، هذا هو العميل الذي على المعماري الاهتمام به ولكنه لا يفعل،  إن الأمر يشبه الطبيب حافي القدمين في الصين،  إن هؤلاء يحتاجون إلى معماري حافي القدمين.

تجاهل رغم تميز إنجازاته 

 بالرغم من أن المهندس حسن فتحى شيخ البنائين أصبح صاحب أسلوب خاص، ومدرسة خاصة في البناء ولكنه لقى من العنت ما يلاقيه أصحاب الريادات حتى ليقول الدكتور عبد الباقى إبراهيم: بالرغم من أن حسن فتحى قد أصبح علامة مميزة فى تاريخ العمارة العربية المعاصرة،  فإن اسمه من النادر أن يذكر فى المناهج المعمارية بالجامعات والمعاهد العربية، واصبح هناك تجاهلا فى الاحتفال به.

الجريدة الرسمية