رئيس التحرير
عصام كامل

الزي المدرسي.. همُّ بالليل وذلُّ بالنهار

كل عام وحضراتكم بخير بمناسبة المولد النبوي الشريف وموسم الدراسة الجديد، ومع بداية هذا العام الدراسي الجديد تهل علينا مشكلة متجددة كل عام، وهي مشكلة الزي المدرسي الذي يصل إلى مرحلة الإجرام من بعض معدومي الضمير الذين يتاجرون بذلك التقليد المدرسي من أجل التربح والثراء السريع على حساب البسطاء ومحدودي الدخل من عامة الشعب..

 

ويصبح ذلك الأمر قمة الإجرام في وقتنا هذا حيث الغلاء الفاحش الذي يشمل كل شيء وما يخص التعليم مثل ارتفاع أسعار الكتاب الخارجي الذي وصل بعضها إلى 1000 جنيه، مع ارتفاع مستلزمات الدراسة من كشاكيل وأقلام وحقائب مدرسية الخ، بحيث إن رب الأسرة الذي له أبناء في التعليم أصبح في مواجهة قوية لغول الأسعار الذي لا ينفك يلتهمه في شراهة عجيبة أمام أبنائه بدون رحمة أو شفقة. 

 

ومن ضمن مشاكل الزي المدرسي المكررة إجبار ولي الأمر على الشراء من مكان محدد تخصصه المدرسة بسعر أعلى من أي مكان، أو من خلال زي مدرسي ألوانه لا تتناسب مع الطلاب.
 

ومع تسليمنا بقيمة وفوائد الزي المدرسي الموحد الذي يرسخ الانضباط ويغرس الانتماء للبيئة التعليمية، ويرسي العدالة بتحييد أثر الفوارق الاجتماعية، وبالطبع تخفيف أعباء الأُسر وترشيد التفاخر والتنمُّر والشعور الطبقي، لكن تلك الأهداف النبيلة لا تبيح ظهور مافيا الزي المدرسي وامتصاص دماء البسطاء من الشعب.. 

إجبار على الزي المدرسي

وقد شعرت وزارة التربية والتعليم بهذا الاستغلال فصدر القرار الوزاري 167 لسنة 2023، الذي تضمن وضع توصيف لأزياء المراحل الدراسية، وحظر تحايلات بعض المدارس للتربُّح منها بفرض محلات أو تفاصيل بعَينها، وأن يكون التغيير مع بدايات المراحل بفواصل لا تقل عن ثلاث سنوات، ومنع تغطية الوجه واشتراط أن يكون الحجاب اختياريًّا للطالبة بعلم ولىّ أمرها. 


وهذا القرار الطيب الجميل من المؤسف أنه يصدر مثله قرارات سنوية ولكن للأسف لا تنفذ لأنها لا تجد من يعضدها ويقوم بالتفتيش على تنفيذها ومعاقبة المقصر، فيصبح القرار حبرا على ورق، وقد سبق أن أصدر جهاز حماية المستهلك بيانا مخاطبًا فيه وزارة التربية والتعليم بمنع إجبار المدارس لأولياء الأمور على شراء الزي من محلات بعينها..

 

لأن هذا يخل بحق المواطن في اختياره للسلعة التي يريد شراءها، وطالب أولياء الأمور بالإبلاغ فورًا عن أي مدرسة تجبر طلابها على شراء الزي المدرسي من محلات محددة، مع التنبيه على المدارس بعدم اختيار ألوان معقدة أو متداخلة للزي المدرسي، وأن تكون الوان محددة وسهل شراؤها من أي مكان..

 

وإن أي مدرسة يثبت عليها هذا الأمر سيتخذ ضدها الإجراءات القانونية اللازمة، وسيتم عرضها على النيابة. ورغم كل ذلك تظل المشكلة قائمة، والتحايل مستمر خاصة مع المدارس الخاصة التي تتفق مع مصنع محدد وبألوان محددة، ويظل هذا الأمر سرا حتى تأتي اللحظة التي لا يستطيع فيها ولي الأمر تدبير زي مماثل، فتعلن المدرسة عن زيها وعن مكان بيعه.


وللأسف إلى الآن يتفق بعض مديري المدارس الحكومية مع مصنعا محددا لحياكة الزي المدرسي، ويعطون ورقة خاصة بهم (كارت) يأخذها ولي الأمر ليسلمها للمصنع ويستلم الزي بعد سداد ثمنه المبالغ فيه، ويوقع على ذلك في كشف يسلم لمدير المدرسة الذي يعرف من اشترى من مصنعه ومن تحايل على ذلك.. 

 

فيبدأ عقاب من تحايل على ذلك بحجج مختلفة وبأساليب غير شريفة مثل التبرعات والمجموعات الدراسية الخ، الأمر الذي يدفع ولي الأمر لتسليم أمره لله دون أن يبلغ عن ذلك المدير معدوم الضمير، وحتى مجالس الأمناء بالمدارس والإدارات لا تقوم بدورها في ذلك وتنحاز لمديري المدارس على حساب أولياء الأمور.

 


وحسنا فعل القرار الوزاري الذي حدد مواصفات الزي المدرسي بحيث لا يشمل النقاب، ويكون الحجاب اختياريا لولي الأمر، فهذا الأمر يقطع الطريق على المدارس التي يسيطر عليها الإخوان الإرهابيون والمتشددون الأصوليون الذين يفرضون زيا محددا يتلاءم مع طبيعتهم الظلامية المتشددة، وعقولهم المتحجرة التي تصب في عقول الأطفال أفكارهم الإرهابية ليشبوا بها ويكونوا نسخا ظلامية مثلهم يحملون بذور الإرهاب.

الجريدة الرسمية