رئيس التحرير
عصام كامل

كيف نصدقه.. ثم نخالفه؟!

آفة مجتمعاتنا المسلمة هى التصديق مع المخالفة؛ تصديق الرسول الكريم ورسالته لكننا نخالفه سلوكا عمليا إما عن جهل أو غفلة أو إعراضا والعياذ بالله.. ولا ندرى أننا بذلك نعصى الله عز وجل لقوله تعالى:"مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (النساء:80)..

 

وإذا أردت أن تعرف مقدار اتباعك للنبي فتخيل أنه صلى الله عليه وسلم سيدخل عليك في خلواتك في بيتك أو في عملك وأنه سيرى  ما تفعل.. وأنظر هل ستغير من أفعالك شيئا.. فإذا الإجابة بنعم وأظنها كذلك في أغلب الأحيان فماذا تنتظر كيف تفعل ما يرضاه نبيك.. وإذا كنت تدعي محبته فلماذا تخالفه.. أليس المحب لم يحب مطيعا.


عمليًا يقودنا الالتزام بأخلاق النبي الكريم لحل مشكلات عصرنا ويعالج ما أصاب أمتنا من انحطاط وتخلف في القيم والسلوكيات والقدوة.. ولو طبقنا سنته ما وصلنا لما نحن فيه اليوم من تناقض بين الجوهر والمظهر؛ فجوهر رسالته هو حسن الخلق لقوله: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" وكان صلى الله عليه وسلم قرآنا يمشي على الأرض بنص قول السيدة عائشة حين سئلت عن أخلاقه.. وليس بعد وصف الله وصف؛ فقد زكّى سبحانه نبيه الكريم بقوله "وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ".

أخلاق الرسول الكريم


استلهام أخلاق المصطفى الكريم هو أول ما ينبغى أن نفعله في ذكرى مولده، وأن نعرض أنفسنا على سيرته وسنته لنرى إن كنا من أتباعه فعلًا وقولًا أم أننا مجرد أدعياء ليس فينا من دعوته إلا الإسم وبطاقة الرقم القومي.. 

 

لقد كان نبينا أكمل الناس خلقًا، وبرًا ومعروفًا ومعرفة بالله وعمارة للأرض ورحمة بالإنسان ورفقًا بالحيوان وحتى بالجماد، فكان يبكي للبهيمة المثقلة ويبكي لليتيم.. وكان رسولنا أكمل الناس عصمة ووقارًا وجمالا وجلالًا وأجودهم صدرًا وألينهم طبعًا من رآه بديهة أهابه ومن خالطه أحبه لا يجزي السيئة بمثلها بل يعفو ويصفح، وكان أجود الناس يعطي عطاء من لا يخشى الفقر.. كان البر هديه والتقوى ضميره والصدق والوفاء طبيعته والعف ووالمعروف خلقه والعدل شيمته.


حياته العملية كانت تطبيقًا أمينًا للوحى وما أراده الله للإنسان في أحسن صوره.. وقد كان صلى الله عليه وسلم في بيته آية في طيب المعاشرة، وفي خدمة أهله، وفي زهده وورعه وتقواه؛ ففي رواية أم المؤمنين عائشة "كان رسول الله يخصف نعلَه، ويخيطُ ثوبَه، ويعمل في بيته كما يعمل أحدُكم في بيته".. وكان بسامًا ضاحكًا يجبر خاطر أمهات المؤمنين.


ومن روائعه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصبر على الأذى فيما يتعلق بحق نفسه، حتى عندما اشتد عليه الأذى من قومه كان يدعو لهم بالهداية.. كان لطيفًا رحيمًا ولم يكن فاحشًا ولا متفحشًا ولا صخّابا في الأسواق.

 


أخلاق الرسول الكريم درسٌ عملى لمن أراد أن يرتقى بنفسه وأخلاقه ومجتمعه وهى تحتاج لمجلدات ومجلدات لوصف شيء منها لكنها لن تحيط بها ولن توفيها حقها..وهو ما يضيق المقام عن الإحاطة به.. وللحديث بقية.

الجريدة الرسمية