رئيس التحرير
عصام كامل

مائة عام على الدستور

ربما يكون ذلك عتابا لمؤسساتنا الدستورية والتشريعية في عدم الاحتفال بمرور مائة عام على وضع أول دستور مصري في عام 1923، بعيدًا عن تشريعات القوانين واللوائح التي صدرت خلال فترة  حكم محمد علي، ولم تكن ترتقي لمستوى الدساتير، ولكنها كانت ترسم خطوطا عريضة وعامة لحكم البلاد.

 

ولم يكن دستور 1923 سوى دستور لنظام ديمقراطى، ولم يكن دستور 1930 دستورًا للاستبداد كما يعتقد الكثيرون، بل كان بمثابة تعديل لدستور 1923، مع الحفاظ على سماته الأساسية فى نظام برلمانى فى إطار ملكية دستورية ولعلَّ الموقف السلبى من تصريح الثامن والعشرين من فبراير عام 1922، والذى اعترفت فيه دولة الاحتلال باستقلال مصر السبب الرئيسى وراء عدم الاحتفاء المستحق بما يُسمى فى دول أخرى كثيرة عيد الاستقلال أو يوم الاستقلال.. وقد قارب العام على الانتهاء دون الاحتفاء الواجب بالذكرى المئوية لمصر الدستورية.


وخلال قرنين وحتى الآن حكمت مصر سبعة دساتير، وكان لكل منها قصة ونضال وثورات وقد بدأ العمل بدستور 1923، في مصر الملكية في الفترة ما بين 1923 وحتى 1953 عقب صدور تصريح 28 فبراير 1922، الذي اعترف بمصر دولة مستقلة ذات سيادة.

 دستور 1923

تم وضع دستور جديد للبلاد وضعته  لجنة مكونة من ثلاثين عضو ضمت ممثلين للأحزاب السياسية والزعامات الشعبية وقادة الحركة الوطنية ففي أبريل 1923، شكل عبد الخالق ثروت باشا رئيس الوزراء لجنة الثلاثين لصياغة الدستور، برئاسة حسين رشدي باشا وضمت شيخ الأزهر محمد بخيت وستة أقباط بينهم البابا يؤانس ويهودي واحد هو أصلان قطان باشا.

 

غير أن حزب الوفد انسحب من اللجنة وللتاريخ أن اللجنة رفضها سعد زغلول، وخرج في تظاهرة إعلامية معلنًا انسحاب حزبه مما سماها لجنة الأشقياء، فقد كانت المملكة المصرية مستقلة إسميًا حيث احتفظ الإنجليز بالسيطرة على العلاقات الخارجية للبلد، والاتصالات، والجيش.. وقد شكل تلك اللجنة عبد الخالق ثروت وكان ينص على أن حكومة مصر ملكية وراثية وشكلها نيابي.

 

وظل دستور 1923 معمولا به منذ صدوره وحتى تم إلغاءه في الثاني والعشرين من أكتوبر عام 1930 وصدور دستور جديد للبلاد واستمر العمل به لمدة خمس سنوات كانت بمثابة نكسة للحياة الديمقراطية، وقد أدى قيام الشعب بالعديد من المظاهرات إلى أن تم إلغاء هذا الأخير بموجب الأمر الملكي من الملك فؤاد الأول رقم 142 لسنة 1935 في  ديسمبر 1935.

 

وهو الأمر الذي قضى بإعادة العمل بدستور عام 1923. بعد ذلك، ظل دستور 1923 ساريًا حتى أعلن مجلس قيادة الثورة في 10 ديسمبر 1952 إلغاءه نهائيًا وبعد تولي مجلس قيادة الثورة برئاسة جمال عبد الناصر سلطات رئيس الجمهورية، صدر دستور 1956 في 16 يناير 1956.

 

وفي يوم 1 من فبراير 1958، أُعلنت الجمهورية العربية المتحدة وسقوط دستور 1956 المصري وسقوط دستور 1950 وإعلان الوحدة، حيث تم إعلان الدستور الجديد وهو دستور 1958، ليلغى عام 1964 بعد انتهاء الوحدة بين البلدين ليتم العمل بدستور مؤقت.

 

وفي العام 1971 صدر  الدستور الدائم  الذي عدله السادات بإطلاق عدد فترات الرئاسة بدلا من تقييدها بفترتين اثنتين فقط. وظل ساريا طيلة عهد الرئيس مبارك، وعدل عدة مرات منها في العام 2005 بفتح باب تعدد المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية. 

 

وعدل كذلك عام 2007 بإلغاء الرقابة القضائية على الانتخابات التشريعية وحصرها على اللجان العامة واستمر طيلة عهد الرئيس مبارك، وعدل عدة مرات منها في العام 2005 بفتح باب تعدد المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية. وعدل كذلك عام 2007 بإلغاء الرقابة القضائية على الانتخابات التشريعية وحصرها على اللجان العامة.

 

وبعد  25 يناير وتنحي مبارك، وفي عهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة صدر الدستور في ديسمبر 2012 وبعد ثورة 30 يونيو صدر دستور 2014 الذي تم تعديله في 2019 وللأسف لا تزال هناك بعض النصوص الدستورية المعطلة لعدم صدور قوانين تفعلها.

 

ربما لأن واضعي الدستور فرطوا في وضع نصوص لا تتفق مع تطور المحليات والديمقراطية بنفس الدرجة التي تصورها كتبة ذلك الدستور، فلتكن الذكرى المئوية لإصدار دستور الدولة المصرية المستقلة مناسبة للاحتفاء بتاريخ دولة مصرية عريقة، وفرصة لمراجعة كثيرٍ مما كُتب عن هذه الحقبة مجافيًا للحقيقة ومتأثرًا بالتوجهات السياسية.

الجريدة الرسمية