رئيس التحرير
عصام كامل

مياه فوكوشيما، صراع الإشعاع النووي يحلق في الأفق والأنظار تتجه نحو اليابان والصين (صور)

مياة فوكوشيما، فيتو
مياة فوكوشيما، فيتو

مياه فوكوشيما، أزمة دبلوماسية جديدة تحلق في الأفق تزامنا مع بدء اليابان إطلاق المياه المشعة المعالجة من محطة فوكوشيما للطاقة النووية في البحر، اليوم الخميس، في ظل اعتراض من الصين  واحتجاجات شعبية في كوريا الجنوبية.

 

وفيما يلي ترصد لكم «فيتو» القصة الكاملة لأزمة مياة محطة فوكوشيما النووية:

ما هي قصة مياة فوكوشيما المشعة ؟

في 11 مارس 2011 تسبب زلزال بقوة 9 ريختر في توليد موجات مد عملاقة، وصلت لارتفاع 40 مترًا وغمرت المناطق الساحلية اليابانية، بما في ذلك محطة "فوكوشيما دايتشي" للطاقة النووية. 

وألحقت موجات المد العملاقة (تسونامي) أضرارًا بالغة بالمحطة، إذ أدت لتعطيل أنظمة التبريد الخاصة بها، ما أسهم في ارتفاع درجة حرارة قضبان الوقود النووية، وانصهارها في 3 مفاعلات من أصل 6 تتكون منهم المحطة.

 

تم إخلاء المناطق المحيطة بالمفاعل كاستجابة للكارثة التي بدأت الجهود لمحاولة تحجيمها، وتم استخدام كميات كبيرة من الماء لتبريد المفاعلات لمنع "ارتفاع درجة الحرارة وزيادة إطلاق المواد المشعة". 

ولتبريد المفاعلات يتم تدوير الماء من خلال قلب المفاعل التالف، والمناطق الأخرى من المنشأة النووية حيث يتم توليد الحرارة.. ويمتص هذا الماء الحرارة ويحملها بعيدًا، ما يمنع الوقود من الوصول إلى درجات حرارة قد تؤدي إلى "إطلاق المزيد من المواد المشعة أو زيادة عمليات الانصهار". 


وتم استخدام مياه من مصادر مختلفة، بما في ذلك المياه العذبة ومياه البحر، للتبريد، وتلوثت هذه المياه بالنظائر المشعة، وخاصة السيزيوم والسترونشيوم، حيث لامست الوقود وهياكل المفاعلات التالفة. 

 

اقرأ أيضا: كنز الصين العظيم.. بكين تسيطر على منجم الجينات البشرية.. وأمريكا تتخوف من صراع علمي يهدد التركيبة الوراثية لسكان الكوكب (صور)



ولمعالجة هذه المشكلة، نفذت السلطات اليابانية عملية معالجة للمياه لتقليل مستويات الملوثات المشعة فيها.

 

كارثة فوكوشيما النووية في اليابان

واستخدمت اليابان نظام معالجة السوائل المتقدم لإزالة الملوثات المشعة من مياه الصرف الناتجة في الموقع. وتم تطوير ذلك النظام خصيصًا كجزء من الجهود المبذولة للتخفيف من آثار كارثة "فوكوشيما" النووية.

وصمم النظام لإزالة مجموعة واسعة من النظائر المشعة الموجودة في مياه التبريد، بما في ذلك السيزيوم والسترونشيوم والكوبالت واليود. وهو قادر على حد ما تقول السلطات اليابانية، على معالجة كل من المياه العذبة ومياه البحر المستخدمة في تبريد المفاعلات التالفة. 

وتنفذ عملية معالجة المياه أولًا لإزالة المواد الصلبة العالقة والحطام الكبير من خلال عمليات مثل الترشيح والترسيب. ثم تبدأ عمليات إزالة السيزيوم المشع من المياه خلال مجموعة من عمليات التبادل الأيوني والامتزاز،  ويتم استخدام راتينج التبادل الأيوني لالتقاط أيونات السيزيوم بشكل انتقائي من الماء، بينما يمكن استخدام مواد ماصة أخرى لتعزيز كفاءة الإزالة. 


بعد ذلك تبدأ عمليات إزالة النظائر المشعة الأخرى إلى جانب السيزيوم. يتم استخدام خطوات معالجة إضافية مختلفة، مثل الترشيح وامتصاص الكربون النشط والترسيب الكيميائي الانتقائي، لإزالة النظائر مثل السترونتيوم والكوبالت واليود.

وتخضع مياه التبريد لعمليات ترشيح إضافية لإزالة الجسيمات الدقيقة والغرويات والشوائب التي قد تظل موجودة بعد خطوات المعالجة السابقة.

 

تخزين أكثر من 1.3 مليون طن من المياه المعالجة

ومنذ وقوع الحادث، تم تخزين أكثر من 1.3 مليون طن من المياه المُعالجة في صهاريج ضخمة داخل المحطة، وقالت الحكومة اليابانية إن مساحة التخزين على وشك النفاد، دون خيار سوى البدء في صرف المياه المُعالجة في المحيط الهادئ.

 

إطلاق مياه فوكوشيما بشكل تدريجي خلال ثلاثة عقود

وتتضمن خطة صرف تلك المياه إطلاقها بشكل تدريجي خلال العقود الثلاثة المقبلة، على الرغم من أن بعض الخبراء يرون أن الأمر قد يستغرق وقتًا أطول، نظرًا للكمية التي لا يزال يتم إنتاجها، فيما قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنها "ستراقب عن كثب عمليات صرف المياه".

وبالرغم من إجراء معالجات كثيفة، يتخوف البعض من "التريتيوم"وهو نظير مشع للهيدروجين. كتلته تبلغ 3 أضعاف كتلة ذرة الهيدروجين العادية، ومن هنا جاء اسم "التريتيوم".  

وهو شكل مشع من الهيدروجين يوجد في الماء، ويصعب فصله عن جزيئات الماء العادية بسبب تشابهه في الخواص الكيميائية.

 

التريتيوم يتسبب في حدوث الأورام السرطانية

وينتج التريتيوم بشكل طبيعي "بكميات صغيرة في الغلاف الجوي للأرض من خلال تفاعل الأشعة الكونية مع الهواء". كما يتم إنتاجه بشكل مصطنع كمنتج ثانوي للمفاعلات النووية، وبعض عمليات إنتاج الأسلحة. ويُمكن أن يصدر التريتيوم جسيمات بيتا، وهي "إلكترونات عالية الطاقة تخترق الأنسجة البشرية وتُسبب حدوث الأورام السرطانية في بعض الأحيان". 

ويتواجد التريتيوم في البيئة بشكل طبيعي، بل يوجد أيضًا في مياه الصنبور بنسبة 1 بيكريل (وحدة لقياس النشاط الإشعاعي) لكل لتر. وتقول الوكالة الذرية للطاقة النووية إن التريتيوم لا يُمكن أن يُشكل خطرًا إلا في حال استنشاقه وابتلاعه بكميات كبيرة. 

وبالرغم من أن نطاق جسيمات بيتا الصادرة من التريتيوم محدود ببضع ملليمترات، إلا أن الخطر الرئيسي المرتبط به يكمن في إمكانية استنشاقه أو ابتلاعه أو امتصاصه عبر الجلد.

وبمجرد دخوله الجسم يبقى مشعًا لفترة طويلة نظرًا لعمره النصفي الطويل الذي يبلغ حوالي 12.3 عامًا. ويمكن لجزيئات بيتا المنبعثة من التريتيوم أن تؤين الذرات، وتتسبب في تلف الخلايا والحمض النووي، ما يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالسرطان أو الآثار الصحية الأخرى.

 

تعليق وكالة الطاقة النووية علي أزمة مياه فوكوشيما

في أبريل 2021، طلبت اليابان من الوكالة الدولية للطاقة النووية تقديم المساعدة التقنية من أجل رصد الأنشطة المتعلقة بتصريف المياه المعالجة باستخدام النظام المتقدم لمعالجة السوائل. 

وشكلت الوكالة لجنة مكونة من 11 خبيرًا دوليًا من دول روسيا والأرجنتين وأستراليا وكوريا الجنوبية وفرنسا وكندا وبريطانيا والولايات المتحدة وجزر مارشال وفيتنام. وقتها، قالت وكالة إن تقديم الدعم لليابان في إطار ذلك المشروع سيستمر لعدة سنوات. 

وبعد عامين، قدم فريق الخبراء تقرير ضخم استعرض بشكل تقني الخصائص الإشعاعية للمياه المعتزم تصريفها بعد معالجتها باستخدام النظام المتقدم لمعالجة السوائل والجوانب المتصلة بالأمان في عملية تصريف المياه، بما في ذلك المعدات التي ستُستخدم والمعيار الذي سيُطبَّق ويُلتزم به. 

كما قيم التقرير الأثر البيئي الإشعاعي فيما يتعلق بضمان حماية الناس والبيئة. وأكد على وجود فريق لمتابعة الرصد البيئي المرتبط بالتصريف. 

وبالإضافة إلى ذلك، تقول الوكالة إنها ستضطلع بالرصد المستقل للمصادر والبيئة، لتأكيد البيانات التي تنشرها حكومة اليابان.  

وتقول الوكالة إن معظم محطات القوى النووية حول العالم تصرِّف المياه المعالَجة المحتوية على التريتيوم بتركيزات منخفضة على نحو روتيني ومأمون إلى البيئة في سياق عملياتها التشغيلية العادية.  

كما تؤكد أن عمليات تصريف المياه من محطات القوى النووية هي عمليات مأذون بها، وتخضع للرصد عن كثب من جانب الجهات المشغلة والهيئات الرقابية لضمان الأمان.

 

الوكالة الدولية للطاقة الذرية توافق علي خطط اليابان لإطلاق مياه فوكوشيما

وفي يوليو الماضي، وافقت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة على خطط اليابان لإطلاق المياه المخزنة في صهاريج محطة فوكوشيما دايتشي في المحيط. 

وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية "رافائيل جروسي" إن التقرير الذي كتبه الخبراء يؤكدأن تصريف المياه سيكون له "تأثير إشعاعي ضئيل على الناس والبيئة".

 

كوريا الجنوبية والصين يعترضان علي خطط تصريف مياه فوكوشيما

في 15 مايو الماضي، تحدى زعيم المعارضة في كوريا الجنوبية "لي جاي ميونج" المسؤولين اليابانيين للوفاء بتأكيدات سلامة المياه عن طريق شرب المياه المشعة المعالجة، والتي من المقرر إطلاقها من محطة فوكوشيما للطاقة النووية المعطلة في المحيط. 

كما اعترضت مجتمعات الصيد اليابانية المحلية على الخطة، قائلة إنها ستدمر أكثر من عقد من العمل لإعادة بناء صناعتهم، مع احتمال أن يتجنب المتسوقون صيدهم ويدفعون الأسعار للانخفاض. 

وقالت الصين، من خلال سفارتها في اليابان، إن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا ينبغي تفسيره على أنه "تصريح" لتصريف المياه.

وذكر متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية أن بكين حثت اليابان على "التعامل بجدية مع المخاوف الدولية والمحلية، والتوقف عن المضي قسرًا في خطتها لتصريف المياه" و"إخضاع نفسها لرقابة دولية صارمة".

 

توتر العلاقات بين اليابان والصين

وتوقع خبراء ودبلوماسيون ألا تغير الصين موقفها من قرار اليابان بإطلاق المياه، وهو (جزء من أعمال إيقاف تشغيل محطة الطاقة)، وقد تشدد قيودها بشكل أكبر على الواردات الغذائية اليابانية التي تم تنفيذها منذ كارثة المحطة النووية الناجمة عن زلزال هائل وتسونامي عام 2011، بحسب وكالة "كيودو" اليابانية.

 

 

اقرأ أيضا: القوارب المسيرة، سلاح جديد يغير موازين الحروب فى أعالي البحار بالتحكم عن بعد (صور)

 

ويعتقد الخبراء أن طوكيو بحاجة إلى رد هادئ على معارضة بكين التي ينظر إليها على نطاق واسع على أنها عمل ذو دوافع سياسية وسط توتر العلاقات الثنائية بينهما، وحث حكومة رئيس الوزراء فوميو كيشيدا على شرح التأثير البيئي لإطلاق المياه، والذي خلصت وكالة مدعومة من الأمم المتحدة إلى أنه لا يكاد يذكر، للمجتمع الدولي وكسب دعم أوسع.

 

وأبدت بكين معارضة قوية لتصريف المياه المخزنة حاليًا في خزانات إلى البحر منذ أبريل 2021 عندما قررت اليابان إطلاقها، وتم استخدام الماء لتبريد الوقود النووي الذائب.. في المقابل، تؤكد اليابان أن تصريف المياه آمن.

 

يشار إلي أن القوتان الآسيويتان على خلاف بالفعل بشأن عدد من القضايا، بما في ذلك تلك المتعلقة بجزر سينكاكو التي تسيطر عليها طوكيو وتطالب بها بكين في بحر الصين الشرقي، والأنشطة العسكرية المشتركة المتزايدة للصين مع روسيا بالقرب من اليابان وسط الغزو الروسي لأوكرانيا، وجزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي، والتي تعتبرها الصين جزءًا من أراضيها ويجب إعادة توحيدها مع البر الرئيسي.

 

الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يساندان اليابان

وسارعت الولايات المتحدة، حليفة اليابان، إلى الإعلان عن دعمها لاستنتاج الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حين رفع الاتحاد الأوروبي تمامًا القيود المفروضة على استيراد المنتجات الغذائية اليابانية في 3 أغسطس الجاري.

 

بدرها، شككت الصين في استنتاج الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، قائلة إنها "فشلت في التعبير بشكل كامل عن آراء الخبراء الذين شاركوا" في مراجعة السلامة، وإن استنتاجها لا ينبغي أن يكون "الضوء الأخضر" لتصريف "المياه الملوثة نوويًا".

وفرضت الصين حظرًا على جميع واردات الغذاء تقريبًا من فوكوشيما و9 محافظات يابانية أخرى، وبدأت أخيرًا اختبارًا إشعاعيًا شاملًا لواردات المأكولات البحرية اليابانية بعد أن نشرت الوكالة تقريرها عن تصريف المياه.

 

وأثارت بكين القضية في الاجتماعات الوزارية ذات الصلة برابطة دول جنوب شرق آسيا في جاكرتا، منتصف يوليو، وحثت إندونيسيا، التي ترأس المنتدى المكون من 27 عضوًا هذا العام، على التعبير عن معارضتها لخطة إطلاق المياه في بيان الرئاسة، وفقًا لمصدر دبلوماسي.


احتجاجات في كوريا الجنوبية بسبب مياه فوكوشيما

وتستعد الأحزاب المعارضة في كوريا الجنوبية لتنظيم وقفات احتجاجية، مع بدء تصريف المياه الملوثة من محطة فوكوشيما، بحسب وكالة "يونهاب".

 

وسينظم الحزب الديمقراطي المعارض الرئيسي وقفة احتجاجية على ضوء الشموع تدعو إلى إلغاء خطة تصريف مياه فوكوشيما في المحيط، بمشاركة حوالي 1000 شخص، وفق "يونهاب".

 

من جانبها، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الثلاثاء الماضي، إنها ستشارك المعلومات المتعلقة بتصريف مياه فوكوشيما بشكل مستمر مع كوريا الجنوبية.

 

وأعلنت الوكالة، في بيان، أنها اتفقت مع كوريا الجنوبية على إنشاء آلية معلومات فوكوشيما بينهما، ما يسمح بمشاركة أحدث المعلومات المتعلقة بخطة التصريف مع حكومة سول وبعقد مؤتمرات عبر الفيديو بصورة منتظمة.

 

وتتولى الحكومة اليابانية أيضًا تحميل البيانات، مثل مستوى الإشعاع ومعدل تدفق المياه الملوثة ومستوى التريتيوم، وهو النظير المشع للهيدروجين المعروف أنه لا يزال يتم اكتشافه بعد المعالجة بواسطة نظام المعالجة المتقدمة للسوائل (ALPS)، على الموقع الإلكتروني على أساس كل ساعة.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية