رئيس التحرير
عصام كامل

ما بين الرفع والتعويم والتخفيض

ما بين التعويم وتخفيض قيمة الجنيه تزداد حدة الأزمة يوما بعد الآخر تم رفع الدعم وتضاعفت الأسعار وتحمل المواطن ومازال ثمنا باهظا، وأصبح لا يهمه سوى أن يجد الوطن مخرجا نهائيا وانفراجة حقيقية من هذا المأزق الحالي ولابد أن يكون الحل سياسيا قبل أن يكون إقتصاديا، فمن الواضح أننا نتبع سياسة نقدية انكماشية وسياسة مالية غيرالانكماشية ولكنها غير معلومة التوجه فقد تم رفع أسعار الفائدة بمقدار1% لتفادي الضغوط التضخمية والسيطرة على توقعات التضخم. 

 

و ١٪؜ زيادة في سعر الفائدة يعني أنه إذا كان الدين الحكومي الداخلي ٦ ترليون جنيه فأن تكلفة خدمة الدين تزيد نتيجة لهذا الرفع في سعر الفائدة بمقدار ٦٠ مليار جنيه سنويا.. وهكذا والتجربة المصرية الحالية تؤكد أن ارتفاع سعر الفائدة خلال العام الماضي لم يخفض من معدل التضخم ولكنه جاء مصحوبا بارتفاع معدل التضخم! 

 

لآن ارتفاع سعر الفائدة يعد إشارة بتوقع ارتفاع الأسعار قادم ومن ثم يتجه المواطن الرشيد لمزيد من الشراء والانفاق خوفا من المستقبل ويرتفع معدل التضخم، الكل ومنهم اساتذة الاقتصاد يتحدثون عن التعويم السابق والتعويم الجديد لدرجة أن المصطلحات فقدت معناها، فما شهدناه هو تخفيض قيمة الجنيه والذي أطلقت عليه الحكومة تعويما.. 

روشته أصحاب الخبرة

صندوق النقد متوقف عن عمل المراجعة الثانية حتى تقوم الحكومة بتنفيذ شروطه المتفق عليها ومن ضمنها التعويم والسماح بحرية تداول النقد الأجنبي بدون تدخل في السوق، وبالتالي عدم صرف شرائح القرض المتفق عليها عقب كل مراجعة، والوضع كما هو واضح يزداد صعوبة وتعقد، خاصة أن هناك التزامات بسداد ديون مقدره  بـ 2 مليار دولار واجبة السداد خلال الشهرين القادمين وغير ممكن تأجيل سدادها أو إعادة جدولتها.. 

 

وبالتاكيد المناقشات المفتوحة بين أصحاب الرأي والخبره قد تجد مخرجا من الأزمة، بل ستوضح للرأي العام حجم المشكلة وتهدئ من حالة الاحتقان وعدم الرضا السائدة، لآن إستمرار الوضع القائم له أيضا محاذيره ومخاطره ونتائجه الثقيلة علي الاقتصاد..

 

فإستمرار وجود سوق سوداء للدولار ينتج تشوها في الأداء الاقتصادي كله، ويعطل عملية بيع الاصول التي يُعول عليها كثيرا، ويدفع الحكومة لتقييد الواردات، مما يؤدي بدوره للتضخم وانفلات الأسعار وتعطيل الإنتاج وقلة العرض.. 

 

ناهيك عن أنه يدفع العديد من المستثمرين للاحجام عن القدوم لمصر أو تأجيل ذلك لحين الاستقرار علي سعر موحد وواقعي للعملة، أما الحلول الدائمة للخروج من تلك الدائرة فإن الكل يطالب بإزالة الاحتكار في مجال الإنتاج وفي مجال الإئتمان، وتحسين الهيكل الإنتاجي والإنفاق علي التعليم والتدريب وإعلاء مبدأ الجدارة والصلاحية عند تولية الوظائف.. 

 

هذه الروشتة لا تستغرق القرارات المنظمة لها شهرا ولا تحتاج أكثر من عام واحد لترى بشائر نتائجها على الأرض ومنح المصريين بالخارج حوافز ومكافات لكي تعود تحويلاتهم عن طريق القنوات الشرعية وهى البنوك المصرية.. حوافز ترفع من الحس الوطنى لدى المغترب وتعيد الثقة مع الدولة، حوافز لأهله بمصر لتشجيعه على تحويل الأموال، فالمغترب هو أكبر مصدر للدولار للدولة وصل إلى اثنين وثلاثين مليار دولار في السنة.. المغترب يحتاج أن تنظر له الدولة على أنه مواطن يحتاج المساندة.

الجريدة الرسمية