رئيس التحرير
عصام كامل

هل يستحق بيت الروبي أن يصبح الأعلى إيرادا في التاريخ

كانت ومازالت وستظل السينما على الدوام المتعة الحقيقية والمتنفس الأهم لدى غالبية الجماهير على اختلاف أعمارها وأذواقها، خاصةً في ظل الأوضاع الصعبة غير المسبوقة التي نعاني منها  حاليًا على كافة المستويات، ولكن ما يدعو للدهشة حقًا هو حجم الإقبال التاريخي على دور السينما منذ عيد الأضحى والذي سجل نحو مايقرب من ٢٠٠ مليون جنيه إيرادات حتى الآن لـ4 أفلامٍ فقط..

 

 حصد منها فيلم بيت الروبي بطولة كريم عبد العزيز وكريم محمود عبد العزيز أكثر من نصفها (107 ملايين جنيه) إلى وقت كتابة هذا المقال، ليصبح ثاني أعلى الأفلام إيرادات في التاريخ، بعد كيرة والجن ومرشحًا بقوة لإزاحته من عرش الإيرادات خلال أيام قلائل، هذا إضافةً إلى الإيرادات الضخمة للفيلم أيضًا في الخليج والسعودية على وجه الخصوص حيث حقق 16 مليون ريال أي نحو 140 مليون جنيه حتى نهاية الأسبوع الماضي. 

 

ولكن هل  هذا النجاح المذهل لفيلم بيت الروبي في شباك التذاكر داخليًا وخارجيًا دليل أكيد على جودة الفيلم فنيًا؟ وهل يستحق كل هذا النجاح الجماهيري وما هي أسباب هذا النجاح؟

رهان شعبية الكريمين


بالتأكيد الإيرادات الكبيرة ليست دليلًا دامغًا على جودة أي فيلم  ولا الإيرادات القليلة مؤشرًا أكيدًا على ضعف الفيلم، فهناك  العديد من الأفلام في تاريخ السينما المصرية لم تحقق أي نجاح في شباك التذاكر عند عرضها ولكنها صارت من علامات السينما وضمن أفضل الأفلام في التاريخ منها.. المومياء، باب الحديد، شيء من الخوف، الزوجة الثانية، الناصر صلاح الدين، وعلى العكس تمامًا نجد أن معظم أفلام نجوم الكوميديا من المضحكين الجدد سجلت أعلى الإيرادات ولم تكن جيدة فنيًا ونالت انتقادات واسعة!

 

وإحقاقًا للحق ليس معنى هذا أن فيلم بيت الروبي ضعيف فنيًا ولا يستحق ما وصل إليه من إيرادات، فالفيلم جيد فنيًا ولكن كان من الممكن أن يصبح  متميزًا لولا بعض الهنات في السيناريو وتسرع المؤلفين محمد الدباح وريم النقاش في إنهاء أحداثه بصورة مفاجئة وغير ممهد لها!

 

فهما كان موفقين جدًا في اختيار موضوع العمل وقضيته الرئيسة السوشيال ميديا والبلوجرز المؤثرين Influncers وأخطارهم على حياتنا حتى صاروا مقتحمين لها في كل شيء، وفي كل وقت ولحظة وهو ما لخصه بطل الفيلم كريم عبد العزيز عندما قال 'إن مشاكلنا وخراب بيوتنا على السوشيال ميديا'.. 

 

وهذه القضية هي أحد أهم أسباب نجاح الفيلم جماهيريًا بهذه الصورة الرهيبة لأنها محط اهتمام الملايين، ولكن كان من الممكن طرح هذه القضية بصورة أعمق وأكثر صدامية لتحقق التأثير الأقوى، السبب الثاني في نجاح الفيلم وهو الأهم والأقوى من يعود إلى بطليه كريم عبد العزيز وكريم محمود عبد العزيز حيث راهنت الشركة المنتجة والمخرج بيتر ميمي بالجمع بينهما لأول مرة على مدى قوة جماهيرية وشعبية النجمين ونجاحات كل منهما خاصةً في الآونة الأخيرة وكسبا الرهان بامتياز.. 

 

أما السبب الثالث فمرجعه الذكاء والخبرة في وقت عرض الفيلم قبل موسم عيد الأضحى بأسبوع وقبل باقي أفلام الموسم فحصد 21 مليون جنيه منها 10 ملايين جنيه في رابع أيام العيد كأعلى إيراد يومي لفيلم في التاريخ! وقد لعب الحظ دوره في حجم ايرادات الفيلم كون الأفلام الأخرى المعروضة معه موضوعاتها أقل جذبًا من بيت الروبي  وشعبية  نجومها في شباك السينما  أقل أيضًا، حتى أن أقواهم تامر حسني لم تتجاوز إيرادات فيلمه ' تاج' الـ 32 مليون جنيه!

قليل من الضحك


كان من الصواب صبغ الفيلم بالصبغة الكوميدية خاصةً وهو يتعرض لمثل هذه القضية الحيوية 'فشر البلية ما يضحك' ولكن لم ينجح المؤلفان بالدرجة الكافية في إبراز ذلك ومن ثم كانت مساحة الكوميدية قليلة مقارنةً بأفلام الكريمين من ذات النوعية، ولم تفلح محاولات المؤلفين في إقحام بعض المشاهد لتدر الضحك مثل مشهد زفاف الرجل العجوز في طابا ومباركة ابنه العجوز أيضًا لهذه الخطوة! وتريقة بطلي العمل عليهما!


الفيلم يدور حول إبراهيم الروبي المتزوج من طبيبة أمراض نساء تفصل من عملها لتسببها دون قصد في وفاة أم وجنينها وتلعب السوشيال ميديا دور البطولة في ذلك، مما يضطره وزوجته وطفلاهما إلى السفر بعيدًا إلى طابا بعدما  تشوهت سمعة الأسرة بأكملها وتمر عدة سنوات على هذا النحو، حتى يعود شقيق إبراهيم الأصغر إيهاب من الغربة ليفتتح محل الكوافير الحريمي الذي تمتلكه أسرة الروبي ولكنه يحتاج إلى إنهاء أوراق الملكية بحضور أخيه وابن عمه بيبو..

 

فيصطحب إبراهيم أسرته إلى القاهرة لهذا الغرض وبدون مقدمات تجعله الصدفة البحتة بلوجر شهير ويجني أموالًا كثيرة ولكنه يكتشف في النهاية عبث هذه المهنة وخطورتها على المجتمع فيقرر العودة إلى عمله كأستاذ جامعي!


على مستوى التمثيل تميز كل فريق الفيلم خاصة كريم عبدالعزيز وإن كان هذا الدور ليس من بين أفضل أدواره! كريم  محمود عبد العزيز في دور إيهاب الروبي أضفى البسمة والبهجة وإن لم يساعده السيناريو على إخراج طاقاته الكوميدية الكبيرة، نور نجحت إلى حد ما في دور زوجة إبراهيم الطبيبة التي كل همها إرضاء زوجها حتى لو كانت قرارتها متناقضة!

تارا عماد في دور نيرة زوجة إيهاب البلوجر المهووسة بالسوشيال ميديا تبدو الشخصية مفصلة عليها، محمد عبد الرحمن  في دور بيبو الروبي ابن العم، مساحة الدور لم تسعفه لإضافة بصمته الكوميدية، أخيرًا عن الإخراج فالفيلم يحسب للمخرج بيتير ميمي فقد بذل فيه مجهودًا وفيرًا في حدود السيناريو، وبصفة عامة بيت الروبي فيلم ناجح بمقاييس واضحة ولم يسرق ايراداته.

الجريدة الرسمية