رئيس التحرير
عصام كامل

باحث بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية يكشف لـ فيتو تأثير التنافس الأمريكي الصيني على منطقة الشرق الأوسط

الباحث احمد عليبه،
الباحث احمد عليبه، فيتو

قال أحمد عليبه، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والمتخصص بالعلاقات المدنية والعسكرية والصراعات الإقليمية، في تصريحات خاصة لـ "فيتو" إن التنافس ما بين الصين  وأمريكا  على الشرق الأوسط الذي يعد بمثابة ساحة من ساحات التنافس بين الطرفين  فكلاهما  قوي عظمي  وبالتالي من الطبيعي أن يحدث ذلك التنافس لكن حتى الآن فهو تنافس سلمي  في الأغلب، وهناك مناطق بدأ يحدث بها نوع من التوتر مثل منطقة بحر الصين فيما يتعلق بقضية تايوان وكذلك المناورات  التي تجريها أمريكا واليابان وكوريا الجنوبية  فهي مهمة جدًا  لأنه في السياق العام على مدار العامين الماضيين تجري الولايات المتحدة والصين مناورات مضادة في تلك المنطقة، أما الجزء الثاني فهي مسرح للتوتر لكن في أفريقيا  والشرق الأوسط يجود تنافس وليس صداما  فالصين أصبح لها حضور أكبر  وأقوى مما سبق، كما أنها بدأت تنخرط في قضايا في الشرق الاوسط ذات بعد استراتيجي كعلاقاتها مع المملكة العربية السعودية والتقارب الذي حدث ما بين ايران ودخولها بشكل غير مباشر علي خط الأزمة اليمنية، لكنه ملف الولايات المتحدة هي الأخرى طرف به،  فنحن نري هنا أن المنطقة  حتي الان لا يمكن القول بأنها منطقة توتر الطرفين،  أما عن افريقيا فهي الان منطقة توتر بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا التي لها تواجد عسكري في افريقيا سواء عن طريق قوات فاجنر أو المنظومة العسكرية الروسية.

وتابع: يمكننا القول إن الشرق الأوسط منطقة تشهد ترجع في النفوذ، وذلك ليس بحكم أن أمريكا أنهت حقبة تواجدها العسكري في العراق وافغانستان فقط، ولكن لأن هناك قوي  أخرى خاصة بعد أن أصبح الصين لها مصالح استراتيجية في المنطقة  كمشروع الصين العملاق الخاص بالحزام والطريق  والذي يعد به جزء مهم جدا في الشرق الاوسط لأبعاد خاصة بـ الجيوستراتيجي للمنطقة، لذا  يمكننا التأكيد على أن الطرفين حتى الآن لم يدخلا علي خط الصدام والصراع وهل يمكن للتوتر بينهم في منطقة شرق اسيا وبحر الصين وبحر اليابان سيكون له ارتداد في الساحة الخلفية ومنها الشرق الاوسط  وافريقيا ام لا، فحتي الان خطاب السياسية الخارجية الصينية  يركز علي الحفاظ السلمية بين الطرفين.

وعن الزيارات الاخيرة المتبادلة بين بكين وواشنطن، قال أنه ليست بمؤشر قوي علي انهاء التوتر بين الطرفين، لكنها تشير الي حفاظهم علي قنوات الاتصال  وقدر من الدبلوماسية، موضحًا أن ذلك يحدث  عندما يزيد  مستوي التوتر لوضع يمكن أن يخرج عن السيطرة تلجأ الصين لتهدئة الأوضاع من خلال الزيارات المتبادلة مثلما حدث في أزمة امريكا اللاتينية ، وكذلك الولايات المتحدة  تسعي هي الأخرى لتهدئة الطرف الاخر عندما تقفز خطوة في حيز الصين مع تايوان فتسعي للتهدئة من خلال الزيارات او الاتصالات المتبادلة تجنبا لارتفاع سخونة الملفات، فحتي الان نستطيع القول ان التوتر بين الطرفين لازال تحت السيطرة، رغم أن المظاهر تقول أنه قد يخرج عن السيطرة  نتيجة لأن الولايات المتحدة  الأمريكية لديها تحالف جديد “ الإندو-باسيفيك” والذي تراه الصين تهديد لها  ،

وتابع: مؤخرا التحالف الثلاثي بينها وبين تايوان وكوريا الجنوبية، والذي يأخذ مظاهر التعاون العسكري، فاليابان وكوريا الشمالية بينهما خلاف طويل وجزر  ذات نزاع  وقدرة امريكا علي التوافق بينهم  والدخول في بنية عسكرية مشتركة لتبادل المعلومات والتعاون بشأن التصدي لإطلاق الصواريخ من كوريا الشمالية، فهو ما لا يمكن ان تتقبله الصين  وستسعي لأخذ خطوة مضادة من خلال تعزيز التحالف بينها وبين روسيا ، وهو ما يمكن أن نراه بعد انتهاء المناورة الثلاثية الحالية، فالان بدأ يظهر حشد للمناورة الصيني الروسي.

وعن المخاوف من تمدد الصين في افريقيا ونشر قواتها كبديل لقوات فاجنر بعد تمردها في روسيا، أشار عليبه الي أنه حتي الان لا توجد أي مؤشرات للاصطدام ببعضهما حتي ولو كان هناك تنافس محموم، فكل  طرف يسعي لخلق مساحة تواجد كبير، لكن  هناك بعض التقارير تدعي وقوع صدامات بينهما في السودان وأن ذلك شكل قلقلًا لكن سرعان ما تجاوزوا ذلك الأمر، فالملفات الأولية بالنسبة لهم جعلتهم يتعاملوا مع تلك الأزمات بهامشية، ومن الممكن أن نري تخادم للمصالح المشتركة بين روسيا والصين لكنها حتي الان لا تزال سيناريوهات مفتوحه فالأولوية لتعزيز التعاون الأمني والدفاعي  بينهما في المنطقة فهما ينظران لأي تهديد جيوستراتيجي علي أنه مشترك، لذا نري الصين تدعم روسيا في موضوعها مع الحرب.
 

وتنتهج كلًا من الصين والولايات المتحدة الأمريكية  سياسات مختلفة وتنافسية  تثير مخاوف منطقة الشرق الأوسط  التي تعد علامة بارزة علي خارطة المصالح الجيوسياسية والاقتصادية،  وتجعل  المنطقة تضع أعينها منتصف جبهة الرأس خوفًا من أي قرار مفاجئ يمكنه أن يؤثر سلبًا عليهم، فأمريكا تعمل من جانبها تسعي للمحافظة على نظام  الشراكات الاستراتيجية والتي ترمي إلى مجابهة التهديدات المشتركة، كما تسعي للمحافظة علي حضور بحري قوي في المنطقة  بهدف حماية المسارات التجارية الضرورية للاقتصاد الأمريكي والعالمي والسعي للتوجه إلى المحيطين الهندي والهادي، بينما الصين تأمل في أن تكون دولة متقدمة بحلول 2035، وقوة عظمي علي مستوي الولايات المتحدة الأمريكية بحلول 2050، مما يزيد من حدة التنافس بين القوتين العظميتين  يومًا تلو الأخر.

اقرأ ايضا: لردع الصين عن شن عمل عسكري ضد تايوان.. تفاصيل أضخم مناورة عسكرية بين أمريكا وحلفائها داخل أستراليا.. 30 ألف جندي من 13 دولة (صور)

 

ومن المحتمل أن يزيد التنافس المستمر بين  الصين وأمريكا وكذلك تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية  من الفرص والتحديات أمام دول المنطقة في ظل تصاعد الاستقطاب بين هاتين القوتين،   فالسياسة الأمريكية  والصينية تجاه الشرق الأوسط  تقوم علي الاستمرارية والتغير نظرًا لأهمية ومكانة   المنطقة في منظور البلدين  والشكوك  حول أهمية الشرق الأوسط في ظل توجهات بايدن  ومدي استعداد الصين والقوي المنافسة لتعزيز الحضور وموازنة الضغوط الأمريكية، ليس ذلك فحسب بل هناك  شكوك بتغير السياسة  الأمريكية ككل بعد الانتخابات المقبلة التي تنتظرها امريكا سواء فاز الديمقراطيين برئاسة البيت الابيض او الجمهوريين الذي يمثلهم حتي الان  دونالد ترامب والذي تولي رئاسة الولايات المتحدة قبل وقت سابق وكان له سياسة خاصة مع منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة الي ما أحدثته الحرب الروسية الأوكرانية في تغيير فكر العالم اجمع وليس فقط بكين وواشنطن.

صحيح أن الشرق الأوسط الذي عصفت به الصراعات  تمكن من رأب صدع خلافات طويلة الامد، وتحويل  بعض المناطق من بؤر عنف الي مناطق تقدم كالعراق  والمحادثات بين الخصمين القديمين السعودية وإيران، وانهاء جزء كبير الاضطرابات  العالمية، كما أظهرت  دول الشرق الأوسط علامات على أن هذا المستوى من الصراع لا يمكن أن يستمر ببساطة، لكن للأسف سرعان ما أصبحت  منطقة الشرق الأوسط ساحة محتملة لعودة المعارك السياسية والاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، رغم المحاولات المستمرة من المنطقة للابتعاد عن هذا التنافس القوي والتوترات الجيوسياسية التي هزت منطقة الشرق الأوسط قبل ذلك وتحديدا منذ أن قسمت القوي الاستعمارية الغربية قبل أكثر  من  قرن المنطقة الغنية بالموارد الي مناطق نفوذ، والتي  نادرًا ما شهدت عنفًا علي مستوي العقد الأول عندما أدت حروب متزامنة في سوريا واليمن وليبيا والعراق بالإضافة إلى العنف المستمر منذ فترة طويلة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى تحويل العالم العربي لحمام دم، ففي تلك الفترة كانت الولايات المتحدة تخفض من أولوية الشرق الأوسط بالنسبة لها، وتركز على الصين، مما أدي الي فوضي غير مسبوقة،  لكن مؤخرًا بدأ الطرفان تغير وجهتهم والتنافس  بطريقة اخري فبكين أقامت  شراكات اقتصادية واسعة النطاق مع الرياض وطهران، وعززت موطئ قدمها في الاقتصادات التي كانت بالفعل تعد شركاء تجاريين أقوياء، مثل الإمارات  ، والتي في طريقها لأن تصبح محور ارتكاز لشبكات الاتصالات الخاصة بها، كما جعلت الصين الشرق الأوسط جزءا رئيسيا من مبادرة الحزام والطريق، وهو مشروع بنية تحتية ضخم يربط شرق آسيا بأوروبا، والأهم من ذلك كله أنها قدمت فرصة لتحوط رهانات المنطقة في حالة خروج الولايات المتحدة.

وبشأن المخاوف من الوقوع  وسط التوترات المتصاعدة بين القوى الكبرى، فإن الرغبة في الصراع تتلاشى بسرعة، وعلي الرغم من أن الولايات المتحدة تجبر البلدان على الاختيار بين الولايات المتحدة والصين، فإن حقيقة أن البلدان لديها المزيد من الخيارات ووجود المزيد من البدائل على الساحة العالمية يمكن أن يكون شيئا جيدا للمنطقة واستقرارها.

اقرأ ايضا: ارتفاع أسعار النفط بفعل تعهد الصين بدعم الاقتصاد وتراجع الإمدادات

 

ولابد من الإشارة الي توتر العلاقات الأمريكية-الصينية بعد أزمة منطاد التجسس، والهواجس الأمريكية من تقديم الصين دعمًا لروسيا في حربها على أوكرانيا،  وما تعتبره واشنطن من سياسات عدوانية صينية في منطقة الإندو-باسيفيك، وانتقال المنافسة الأمريكية الصينية خارج آسيا لمناطق استراتيجية متعددة حول العالم، بالإضافة الي عمل إدارة بايدن  على فتح قنوات اتصال مع الجانب الصيني للحد من مخاطر سوء التقدير، الي جانب الرفض الصيني للوجود العسكري الأمريكي في منطقة الإندو-باسيفيك، وعدم رفع العقوبات الأمريكية من على وزير الدفاع الصيني منذ  عام 2018، لموافقته عندما كان يشغل رئيس إدارة تطوير المعدات في الجيش الصيني، على شراء المقاتلات والصواريخ الروسية.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


 

الجريدة الرسمية