رئيس التحرير
عصام كامل

منتخبنا الأوليمبي.. لسه الأماني ممكنة!!

لعل أهم رسائل الأمل التي قدمها  مدرب المنتخب الأوليمبي فهي أن هذا الجيل قادر على التتويج بعدد من البطولات الكبيرة في الفترة المقبلة. ما يثلج الصدر أن أبطالنا حصلوا على نصيب الأسد من كئوس الإبداع الفردية للبطولة.. 

 

فقد فاز إبراهيم عادل بجائزة أفضل لاعب في البطولة -كما فاز من قبل بجائزة رجل المباراة ٣ مرات خلال البطولة ذاتها-، وكانت جائزة أفضل حارس مرمى من نصيب لاعبنا حمزة علاء الذي نجح باقتدار في الحفاظ على شباك فريقه نظيفة في 4 مباريات، ولم يدخل فيها هدف إلا في النهائي.


ومن المكاسب أيضًا أن منتخبنا الأوليمبي تأهل لأولمبياد باريس 2024، بحسبانه الوصيف، مع منتخبي المغرب ومالي. من حقنا أن نفخر ونفرح بما قدمه منتخبنا من أداء رجولي ملحمي، أدى فيه كل لاعب ما عليه، باذلين أقصى جهدهم، حتى استطاعوا التأهل لأولمبياد باريس 2024.. الثانية على التوالي..

 

ومن حقنا أن نستخلص بعض الدروس المستفادة من هذه البطولة على وجه العموم.. فالنجاح ليس ضربة حظ ولا خبط عشواء بل نتاج جهد منظم وإدارة جيدة سواء داخل المستطيل الأخضر أو خارجه؛ إدارة أجادت وأحسنت اختيار المدير الفني الذي نجح في خلق توليفة مبدعة من اللاعبين المحليين بإمكانيات بسيطة.. 

 

فما بالنا لو كان بينهم محترفون أكسبهم الاحتراف خبرة وفهمًا أوسع ولياقة بدنية أعلى، واصقلهم بالمهارات الفنية والخططية الرفيعة.. وهو ما ينبغي أن يعيدنا للسؤال المهم: ما الذي يمنع وجود نظام احتراف قوي في منظومتنا الكروية، نظام يضاهي لا أقول أندية أوروبا بل يجاري دولًا أفريقية كانت وراءنا ثم تجاوزتنا في أعداد اللاعبين المحترفين حتى بات إحراز البطولات القارية أملًا عزيز المنال رغم استحواذنا تاريخيًا على نصيب الأسد في بطولات أفريقيا أنديةً ومنتخبات برصيد كبير.

رسائل أمل


يحدونا أملٌ عريضٌ أن تتبنى الجهات المعنية  مشروعًا عصريًا لصناعة البطل في كل اللعبات وأن يعود الكشاف الرياضي لينقب في كل حارات مصر وقراها ومدنها لالتقاط العناصر الموهوبة حتى نجد يومًا ألف "محمد صلاح" في الدوري المحلي والدوريات الأوروبية.


بطولة أفريقيا تحت 23 سنة كانت فرصة لاكتشاف مواهب ولاعبين كان مستواهم مفاجأة، ونتمنى أن تكون بداية جيدة للاهتمام بضم عناصر مميزة منتخبنا الوطني الأول الذي ضمن التأهل لبطولة أفريقيا المقبلة، وكذلك الاهتمام بمنحهم الفرص في أنديتهم.


نرجو أن يكون الأداء القوي للاعبينا الأولمبيين، دافعًا لتحسين أوضاع الرياضة بشكل عام في مصر بطرق علمية وضخ استثمارات حقيقية، ضمن خطة حقيقية تدعم المواهب، وتمنح فرصة للجميع على قدم المساواة دون تمييز.

صانعة السعادة 


ويبقى أن الساحرة المستديرة فوق أنها صانعة السعادة والشغف لدى الجماهير العريضة التي تتابعها باهتمام بالغ في كل دول العالم لاسيما مع البطولات الكبرى وعلى رأسها كأس العالم ثم البطولات والدوريات القارية.. فقد صارت أيضًا قبلة للاستثمارات تحقق عوائد ضخمة يعود نفعها على اللاعبين والأندية والاتحادات والشركات الراعية والدول المضيفة للبطولات.


ففي كرة القدم تنافس شريف تحكمه قواعد شفافة ملزمة للجميع ومن ثم فقد باتت مبارياتها بهجة حقيقية لشعوب الأرض كافة.. ولا عجب والحال هكذا أن تفرض الساحرة المستديرة نفسها كمشروع قومي يلتف حوله الجميع وهو ما يدعونا للتساؤل: لماذا لا تسري أمور حياتنا كلها بسلاسة كرة القدم وشفافيتها..

 

لماذا لا نختار الإدارة السليمة والفريق المعاون بنفس طريقة كرة القدم.. أليست تعاسة الإنسانية مرجعها لغياب العدالة واتخاذ القانون مطية لأغراض خاصة أو تغييبه عمدًا في حياتنا، يستوي في ذلك مجتمع الأفراد ومجتمع الدول، وهذا هو سبب الفشل في عدم تحقيق قيم العدل والحق والجمال وتفشي ظواهر العنف والكراهية والتعصب والانتقام وشيوع منطق القوة الغاشمة أو قانون القوة لا قوة القانون..

 

فكيف تتحكم خمس دول كبرى في مصائر العالم بسطوة مجلس الأمن.. كيف تصبح خصمًا وحكمًا في الوقت ذاته.. وبدلًا من أن يكون مجلس الأمن هذا ميزانا للحق والعدالة والمساواة بين الدول صغيرها وكبيرها صار وسيلة لإدارة الصراعات وتكريس النفوذ وتصفية الحسابات ومنح الامتيازات لدول وحجب الحقوق عن أخرى الأمر الذي يطعن في مصداقيته ويفقد الأمم المتحدة هيبتها.. 

 

فمن ذا الذي يمكنه جعل مجلس الأمن قوة دولية لإقرار المساواة ونشر العدل دون أن يكون لأحد حق الفيتو الذي يعطل تطبيق القانون على الجميع بعدالة وإنصاف.. لماذا يتجاهل مجلس الأمن فضح الدول الراعية للإرهاب سعيًا لتمزيق العالم العربي وتقسيم دوله على أسس عرقية أو مذهبية تقود في النهاية لحروب أهلية.. 

 

تضيع بسببها دول وقعت في براثن مخطط شيطاني مشبوه لتدمير أركانها وذهاب استقرارها وتشريد شعوبها كما حدث بعد ما عرف بثورات أو مؤامرات الربيع العربي الذي نجانا الله منها بفضل ثورة 30 يونيو الشعبية التي استعادت هيبة الدولة ولولاها لكانت مصر في عداد تلك الدول الممزقة.

 


يومًا بعد يومٍ يتأكد لنا أن منظومة الرياضة في مصر تحتاح لجراحة عاجة أو نسف الحمام القديم وبناء منظومة جديدة تقوم على العلم وتتحلى بالأخلاق الرياضية، منظومة لا تعرف المجاملات ولا ترضى بالفساد، ولا تسكت على التجاوزات مهما يكن مرتكبها.. فهل تكون رسائل الأمل في منتخبنا الاولمبي ضربة البداية لتغيير حقيقي لمنظومة الرياضة برمتها؟!
أتمنى.

الجريدة الرسمية