رئيس التحرير
عصام كامل

رجل ينام في أحلامه

لدى السيد ميم موهبة غريبة. كلما بدأ الحلم، كان ينام داخل حلمه. هذا يعني أنه يمكن أن يحلم في حلم ثان داخل حلم ثالث داخل حلم رابع.. وهكذا. كانت موهبة السيد ميم نعمة ونقمة في الوقت ذاته مثل المعطف ذو الوجهين. فمن ناحية، سمح له ذلك بتجربة أشياء مدهشة وخيالية لا يستطيع أي شخص آخر القيام بها. إذ يمكنه السفر إلى أبعد ما تتخيل، ومقابلة أشخاص لا وجود لهم، وخوض مغامرات تتحدى المألوف.

 

من ناحية أخرى، يمكن أن تكون موهبة السيد ميم أيضًا مربكة.. بل مربكة للغاية. غالبًا ما كان يستيقظ من حلم ليجد نفسه داخل حلم آخر، وقد يفقد أحيانًا مسار الحلم الذي كان فيه. لذلك كان دوما يعاني مشاعر القلق والارتباك. 

 

ذات يوم، حلم السيد ميم أنه يسير في غابة حتى وصل إلى أرض بعيدة وغريبة عنه ورأى شجرة كبيرة في الوسط. كانت مغطاة برموز غريبة، وشعر السيد ميم بإحساس غريب بالألفة. كان متيقن من أنه رأى هذه الرموز من قبل ويعرفها جيدا، لكنه لا يتذكر أين.

 

سار السيد ميم إلى الشجرة ولمس أحد الرموز.. وفجأة نام. عندما استيقظ السيد ميم وجد نفسه في حلم مختلف.. حلم أغرب من السابق. كان العالم من حوله كبحر من الضوء الأبيض نقي للغاية، ولم يكن باستطاعة السيد ميم أن يرى سوى نفسه في الأرجاء، فلا بشر ولا مخلوقات أخرى ولا حتى أشياء.

التحكم في الأحلام

حاول السيد ميم أن يتحرك، لكنه لم يستطع. كان عالقًا في حالة من النسيان، لا يقظًا ولا نائمًا. شعر وكأنه سيصاب بالجنون. فجأة، سمع السيد ميم صوتًا.قال الصوت: أنت هنا لأنك تائه. لقد كنت تطارد أحلامك، لكنك نسيت ما يعنيه أن تكون مستيقظًا.

 

لم يكن السيد ميم يعرف ماذا يقول. جلس فقط يستمع إلى الصوت. وتابع الصوت: العالم مكان جميل. لكنه أيضًا مكان خطير. إذا لم تكن حريصًا، يمكنك أن تضيع في أحلامك. يمكنك أن تنسى من أنت وما يفترض أن تفعله.لهذا السبب أنت هنا لتتعلم كيف تستيقظ.. أنت هنا لتتعلم كيف تجد طريقك للعودة إلى العالم الحقيقي.

 

صمت الصوت. وجلس السيد ميم هناك لفترة طويلة يفكر في ما سمعه. وفي حلم آخر، كان صاحبنا يسير في غابة عندما صادف رجل نائم تحت شجرة كبيرة. اقترب السيد ميم  من الرجل وأيقظه. استيقظ الرجل ونظر إلى السيد ميم بدهشة: كيف وصلت إلى هنا؟ رد السيد ميم: كنت أحلم. ثم استيقظت داخل حلمك!

 

ابتسم الرجل. قال: فهمت.. أنت حالم.. بدوره سأل السيد ميم: ماذا تقصد؟ قال الرجل: هناك الكثير من الناس في العالم يحلمون. لكن قلة منهم فقط حالمون. الحالمون هم أشخاص يمكنهم التحكم في أحلامهم. يمكنهم الذهاب إلى أي مكان يريدون في أحلامهم، ويمكنهم فعل أي شيء يريدون.

 

قال السيد ميم: أنا لا أفهم. كيف يمكنني التحكم في أحلامي؟ أجاب الرجل: الأمر يتطلب ممارسة. الخطوة الأولى هي إدراك أنك تحلم. بمجرد أن تعرف أنك تحلم، يمكنك البدء في التحكم في حلمك. يمكنك تغيير المشهد، يمكنك التعرف على أشخاص جدد، ويمكنك فعل أي شيء انت تريد.

 

فكر السيد ميم  فيما قاله الرجل. لم يفكر في الأحلام بهذه الطريقة من قبل. ولكن الآن أدرك أنه قادر على التحكم في الأحلام. قال السيد ميم: أظنني فهمت، لكن لماذا تخبرني بهذا؟ أسرع الرجل: لأنني أريدك أن تتعلم التحكم في أحلامك. أريدك أن تستخدم أحلامك لاستكشاف العالم والتعرف على نفسك. أريدك أن تستخدم أحلامك لإحداث فرق في العالم.

لغز المرأة العجوز

مبتسما، قال السيد ميم: سأفعل. وفي حلم آخر، كان السيد ميم يسير في غابة عندما صادف كوخًا صغيرًا. كان الكوخ مصنوعًا من الخشب وله سقف من القش. كان هناك ضوء داخل الكوخ، لذلك طرق السيد ميم الباب.

 

فُتح الباب وخرجت امرأة عجوز. كان لديها وجه لطيف وابتسامة دافئة. قالت: مرحبا. أيمكنني مساعدتك؟ قال السيد ميم: أنا تائه. هل يمكنني الدخول؟ ابتسمت المرأة العجوز وتنحت جانبا وقالت: بالطبع تعال تعال.

 

دخل السيد ميم الكوخ وأغلقت المرأة العجوز الباب خلفه. كان الكوخ صغيرًا ولكنه دافئ. كانت هناك نار مشتعلة في المدفأة وإناء حساء يغلي على الموقد. قادت السيدة العجوز السيد ميم إلى كرسي بجوار النار وطلبت منه أن يجلس.

 

قالت: إذن. أنت ضائع. قال هو: نعم. كنت أسير عبر الغابة ووجدت هذا الكوخ. لم أكن أعرف إلى أين أذهب. قالت العجوز: حسنًا، أنت محظوظ. يمكنني مساعدتك في العثور على طريقك إلى المنزل. جلست المرأة العجوز على كرسي مقابل السيد ميم وأخذت يديه بين يديه. قالت: أغمض عينيك. وفكر في منزلك.

 

أغمض السيد ميم عينيه وفكر في منزله. كان يفكر في المنزل، والفناء، والأشجار، والزهور. فكر في عائلته وأصدقائه. لقد فكر في كل الأوقات السعيدة التي قضاها هناك. قالت المرأة العجوز: الآن. افتح عينيك. فتح السيد ميم عينيه ولم يعد في الكوخ. كان يقف في فناء منزله الخلفي. كان منزله بعيدًا. كان يرى عائلته وأصدقائه يلعبون في الفناء. يمكنه شم رائحة الزهور في الهواء.

 

قال السيد ميم للمرأة العجوز: شكرًا لك. لقد ساعدتني في العثور على طريقي إلى المنزل. ابتسمت المرأة العجوز. قالت: على الرحب والسعة. اذهب الآن واستمتع بمنزلك. استدار السيد ميم وسار نحو منزله. وبينما كان يمشي، فكر في المرأة العجوز. تساءل من تكون ومن أين أتت. كما تساءل لماذا ساعدته.

 

لم يرَ السيد ميم المرأة العجوز مرة أخرى، لكنه لم ينسها أبدًا. غالبًا ما كان يفكر بها وفي الحلم الذي أعطته إياه. لقد أدرك أن الحلم لم يكن مجرد إيجاد طريقه إلى المنزل. كان الأمر يتعلق أيضًا بالعثور على نفسه.

 

أمضى السيد ميم الأسابيع التالية في ممارسة التحكم في أحلامه. بدأ بأشياء صغيرة، مثل تغيير المشهد في أحلامه أو مقابلة أشخاص جدد. ولكن عندما أصبح متمرسا، بدأ في فعل المزيد والمزيد من الأشياء المدهشة. لقد طار في الهواء، وسبح في المحيط، وحتى إلتقى بأشخاص مشهورين من هنا وهناك، وبعضهم فارق الحياة قبل قرون.

 

 

ذات يوم، حلم السيد ميم أنه في منطقة حرب. كان محاطًا بالنيران والانفجارات، وكان يركض للنجاة بحياته. لكنه أدرك بعد ذلك أنه كان يحلم، فتوقف عن الركض. التفت إلى إطلاق النار والانفجارات ولوح بيده. توقف إطلاق النار واختفت الانفجارات.

الجريدة الرسمية