رئيس التحرير
عصام كامل

مجنون ليلي.. والحب من أول حضرة

تجربة شخصية عاشها أحد أصدقائي المقربين منذ أكثر من عشر سنوات (وكنت شاهدا على تفاصيلها)، لكن صداها مازال جاريا في أوصاله حتى الآن لأنه بطبيعة تكوينه انسانا عاطفيا، أما أنا فعقلانيا أتابع أحداثها بابتسامة مشفقا على ذلك العاشق المسكين!

لقد دخل صديقنا إلي حضرة صوفية بأحد جوامع القاهرة وكان منقسما لمكانين: للرجال والنساء؛ وما أن رأها من بعيد حتى أحس بجاذبية رومانسية فورية نحوها بشدة، ومعه كل الحق فهي سيدة رائعة الجمال، فارهة القوام، ملونة العينين، يفوق ملامحها جمال يسرا وإلهام شاهين وليلي علوي..

Advertisements

فأحس بالانجذاب إليها؛ فابتسامتها كابتسامة قطعة السكر البيضاء، وبعد تعامله معها في تلك الحضرة وجدها تحمل قلبا ملائكيا طيبا، وتفعل الخير بغير حدود، فأحبها بجنون، لكن الصدمة القاسية التي تلقاها عندما أبدى رغبته في الزواج منها وما زال يعانيها حتي كتابة هذه السطور.. 

إنها رافضة للفكرة نفسها ؛ قد تكون بسبب تجربة زواج سابقة غير ناجحة ؛ ولها بالطبع أسبابها؛ لكن المسكين مازال هائما بجمالها وأخلاقها ورقيها؛ حتى دخل معها من طرف واحد إلى حدود العشق رغم أن الباب مازال موصودا!

حب من أول حضرة


ورغم أن ساحة التصوف مازالت مليئا بالصادقين والكاذبين. والطيبين والاشرار.. والكرماء والانتهازيين، إلا أن بطلة قصتنا من طراز خاص، هي عابدة مخلصة في التقرب الي الله فقط وحب رسوله (صلى الله عليه وسلم) بعيدا عن الرياء، ولا تلتمس مغنما من مغانم الدنيا الزائفة، وإنما تنشد الإخلاص والطهر والعفاف والفضيلة قربا إلى خالقها والفوز برضوانه..

فهي انسانة مثالية إلى بعد الحدود قد يندر وجودها في هذا الزمان، وربطت التصوف بالإخلاص في العبادة عملا لا قولا، متصالحة مع النفس وتعامل الناس بحب وتواضع، وعلي ضوء هذه المثالية لقبها صاحبنا بالشيخة (.....) ورددها باقي الاحباب معه لآنه وصف ينطبق عليها بلا مجاملة..

وكلما أراد مجنون ليلي التقرب اليها ومفاتحتها في فكرة الارتباط بها، أبلغته بذكاء أن طريقها مسدود.. مسدود.. مسدود يا ولدي.. لكن قصة صديقنا المسكين معها لم تنته.. ويتألم.. وجاء يسألني ماذا يفعل مع محبوبته العنيدة التي أحبها بعشق وجنون؟

قلت لصديقي وأنا أشفق علي حاله: معك كل الحق في التعلق بهذه السيدة بكل هذه المواصفات في هذا الزمان الرديء، لكنك في نفس الوقت يجب أن تكون انسانا قويا وعمليا وتفكيرك منطقيا، بألا تعذب نفسك بهذه القسوة وتتعلق بها أكثر من ذلك، لآن الطرف الآخر كان صادقا مع نفسه وأعلن وضوحه بعدم رغبتها في الزواج منك، أو من غيرك..

بدليل أنها لم تتزوج طوال هذه السنوات الطويلة الماضية، نصيحتي أن تستمتع بما بدور في خاطرك نحوها من مشاعر صادقة وأحاسيس رومانسية جميلة، حولها إلي صداقة وتفاعل عاطفي بريء، وذكريات حلوة تدوم عبر الزمان بدون زواج.. ذاك أفضل جدا من الدخول إلى القفص الذهبي.. الإنسان العاقل لا يتزوج في هذه الأيام، ثم أنني غير مسئول عن جنونك يا (قيس).. بـ (ليلي)!

الجريدة الرسمية