رئيس التحرير
عصام كامل

خبايا تمرد فاجنر!

لا أقدر أن أتجاهل أن تمرد مجموعة فاجنر العسكرية ضد الرئيس الروسي شخصيًّا وحديثها عن رئيس جديد لروسيا قريبًا جاء بعد أيام قليلة من إخفاق مقدمات الهجوم المضاد للجيش الأوكراني وتكبد قواته خسائر فادحة في المعدات والأرواح! 

 

نعم إن هناك انتقادات مبكرة بل اتهامات وجهها قائد فاجنر لقادة القوات الروسية، مثل إخفاء الخسائر الروسية الحقيقية، وعدم مد قوات فاجنر وهي تحارب في أوكرانيا بما تحتاجه من السلاح، ولكن ظلت هذه الاتهامات قاصرة فقط على القيادات العسكرية الروسية ولم تمتد إلى الرئيس الروسي بوتين كما حدث اليوم. 

تمرد فاجنر

وعندما يحدث هذا التمرد العسكري من فاجنر ضد الرئيس الروسي في هذا التوقيت فإنه لا يَصْبُّ إلا في مصلحة أوكرانيا، ويمنحها انشغال الكرملين بتضميد جرحه الداخلي فرصة معاودة هجومها المضاد في ظروف عسكرية أفضل.

 
ولا يمكنني أيضًا بسهولة قبول بعض التحليلات السابقة التي تتناول الشأن الروسي، ويرى أصحابها أن الإطاحة ببوتين من الكرملين سيدعم من يسمون بالقوميين الروس الأكثر تطرفًا ورغبة في المضي بخطى أقوى وأكبر وأسرع في حرب أوكرانيا لإخضاعها بشكل كامل. 

 

فها هو قائد فاجنر يقدم رواية أخرى مختلفة عن رواية الكرملين بالنسبة لحرب أوكرانيا، حيث اعتبر أن روسيا لم تتعرض قبلها لتهديدات فعلية من قبل الناتو، وهي التهديدات التي يرى الكرملين أنها دفعته إلى القيام بما يسميه العملية العسكرية في أوكرانيا.

 
فاجنر كما هو معروف هي ميلشيا عسكرية تضم مساجين سابقين استخدمها الكرملين في أفريقيا ثم في أوكرانيا، أي هي قوات مرتزقة تحارب لصالح من يدفع لها وليس لاعتبارات وطنية أو أيدلوجية.. وإذا كان الكرملين قد وظفهم مقابل المال فإن غير الكرملين يمكنه استخدامهم إذا دفع أكثر بالطبع.

 

ولعلنا نتذكر ما رصدته كاتبة بريطانية في كتابها الشهير: (من يدفع للزمار؟!)، حول تقديم المخابرات المركزية مساعدات مالية لمثقفين سوفييت خلال الحرب الباردة، وقد قامت برصد أسماء هؤلاء المثقفين السوفييت. 

وهكذا.. كما اتضح لنا مشاركة أمريكا وأوروبا عسكريًّا في حرب أوكرانيا بما قدمته من أسلحة ومعدات عسكرية، فإنه يمكن أن يتضح لنا مستقبلًا أن تكون هناك مشاركة أمريكية وأوربية في تمرد فاجنر، ولا ننسى أن هدف الغرب هو إضعاف روسيا وسوف يستخدم كل ما في وسعه لتحقيق ذلك بما فيه إحداث تمرد داخل روسيا.  

الجريدة الرسمية