رئيس التحرير
عصام كامل

حدث في رمضان.. السلطان حسن بن الناصر صاحب أعظم أثر إسلامي يتولى حكم مصر

مسجد السلطان حسن،فيتو
مسجد السلطان حسن،فيتو

حدث في رمضان، في الرابع عشر من شهر رمضان عام 748 هجريا تولى السلطان حسن بن الناصر محمد قلاوون على مصر والشام، تولى الحكم صغيرًا، ولم يكن مطلق اليد في تصريف شئون الدولة، وهو صاحب أعظم أثر إسلامي في مصر، المعروف باسم مدرسة السلطان حسن.

مسجد السلطان حسن

من هو السلطان حسن

ولد السلطان الملك الناصر حسن بن الناصر محمد بن قلاوون سنة 735هـ/1334م، وسمي أولًا قامري، ولما ولي ملك مصر اختار اسم حسن فعرف به. ولي عرش مصر سنة 748هـ/1347م، وعمره ثلاثة عشر سنة، ولصغر سنه ناب عنه في إدارة شؤون الدولة الأمير بيبغا روس، وأنعم على الأمير منجك اليوسفي وعينه في الوزارة والأستدارية. وفي سنة 751هـ/1350م أثبت القضاة أنه بلغ سن الرشد، فتولى الحكم وقبض على الأميرين بيبغا روس ومنجك اللذان كان في يدهما أمور الحكم، مما دعا الأمراء إلى التآمر عليه وإقصاءه عن الملك سنة 752هـ/1351م، واعتقل وعين مكانه أخيه الملك الصالح صالح.

عصر المماليك

 وفي سنة 755هـ/1354م أعيد الملك الناصر حسن إلى ملك مصر، وفي تلك الفترة ازداد التنافس بين الأمراء الترك، فترك السلطان مقاليد السلطنة إلى الأمير شيخون العمري، وبعد مقتله استولى الأمير صرغتمش الناصري على شؤون الدولة واستبد وطمع في السلطنة، فاتفق السلطان حسن مع جماعة من الأمراء على التخلص منه، فقبضوا عليه وهزموا مماليكه التي ورثها من بعده بجانب أمواله الأمير يلبغا الخاصكي العمري الذي أقره السلطان على إمرة مجلس، وأخذ يشتري عددًا كبيرًا من المماليك مما أثار مخاوف السلطان، فاتبع سياسة جديدة اعتمد فيها على أولاد الناس، فاشتدت الفتنة بين السلطان والأمير يلبغا، فحاول السلطان الفتك به فلم يوفق، فهاجمه يلبغا في القلعة فهرب السلطان، ثم قبض عليه ومن معه في المطرية سنة 762هـ/1361م وهو في طريقه قاصدًا الشام، وكان هذا آخر العهد به، وقيل أنه خنق وألقي في البحر ولم يعرف له قبر.

العصر المملوكي

مسجد السلطان حسن

وتعد مسجد ومدرسة وقبة السلطان الناصر حسن أو مدرسة السلطان حسن أو مسجد السلطان حسن هو أحد المساجد الأثريّة الشهيرة بالقاهرة. يوصف بأنه درة العمارة الإسلامية بالشرق، ويعد أكثر آثار القاهرة الإسلامية تناسقًا وانسجامًا، ويمثل مرحلة نضوج العمارة المملوكية.

 أنشأه السلطان الناصر حسن بن الناصر محمد بن قلاوون خلال الفترة من 757هـ/ 1356م إلى 764هـ/ 1363م خلال حقبة حكم المماليك البحرية لمصر. 

يتكون البناء من مسجد ومدرسة للمذاهب الأربعة (الشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة)، وكان يْدَرَّس بها أيضًا علوم تفسير القرآن، الحديث النبوي، القراءات السبع، بالإضافة إلى مُكتِّبين لتحفيظ الأيتام القرآن وتعليمهم الخط.

مسجد السلطان حسن

موقع السلطان حسن

كان موقع المسجد قديمًا سوقًا يسمى «سوق الخيل» وكان به قصر أمر ببنائه الناصر محمد بن قلاوون لسكنى الأمير يلبغا اليحياوي، ثم قام السلطان حسن بهدم هذا القصر وبنى محله هذه المدرسة. ويقع المسجد حاليًا بميدان صلاح الدين (ميدان الرميلة) بحي الخليفة التابع للمنطقة الجنوبية بالقاهرة، وبجواره عدة مساجد أثرية تتمثل في مسجد الرفاعي، مسجد المحمودية، مسجد قاني باي الرماح، مسجد جوهر اللالا، بالإضافة إلى مسجد محمد علي، ومسجد الناصر قلاوون بقلعة صلاح الدين، ومتحف مصطفى كامل.

مسجد السلطان حسن

جامع السلطان حسن

قتل السلطان حسن وكانت المدرسة كاملة عدا بعض أعمال تكميلية أتم بعض منها من بعده الطواشي بشير الجمدار، وترك بعضها على حاله. فأتم قبة الفسقية سنة 766هـ/1364م، وهي قبة خشبية أقيمت على ثمانية عمد رخامية وكتب بدائرها آية الكرسي وتاريخ الفراغ منها، كما أتم بناء القبة الكبيرة من الخشب وغطاها بألواح من الرصاص لتكون بذلك رابع قبة كبيرة في مصر بعد قبة الأمام الشافعي، وقبة مسجد الظاهر، وقبة مسجد الناصر قلاوون.

وافتتحت المدرسة في حياة السلطان حسن قبل إتمامها، وصلى بها الجمعة وأنعم على البنائين والمهندسين، وأقيمت بها الدروس، كما حرر لها وقفية سنة 760هـ/1359م، وعين بها الموظفين والقراء وفرشها وعلق بها الثريات والمشكاوات الجميلة، وعين لها إمامًا.

مسجد السلطان حسن من الداخل

المذاهب الأربعة

قرر السلطان حسن لمدارس المذاهب الأربعة مدرسين ومراقبين وعين لهم مرتبات، وقرر لكل مذهب شيخًا ومائة طالب، من كل فرقة خمسة وعشرون متقدمون وثلاثة معيدون، وعين مدرسًا لتفسير القرآن، وعين معه ثلاثين طالبًا، وعين مدرسًا للحديث النبوي، ومقرئًا لقراءة الحديث ومعهما ثلاثين طالبًا، ثم عين بالإيوان القبلي شيخًا مفتيًا، وعين مدرسًا عالمًا بالقراءات السبع، وعين اثنين لمراقبة الحضور والغياب أحدهما بالليل والآخر بالنهار، كما أعد مكتبة وعين لها أمينًا، وألحق بالمدرسة مكتبين لتعليم الأيتام القرآن والخط، وقرر لهم الكسوة والطعام، فكان إذا أتم اليتيم حفظًا يعطى خمسين درهمًا، ويمنح مؤدبه خمسين درهمًا مكافأة له. وعين السلطان ثلاثة أطباء أحدهما باطني والآخر للعيون، يحضر كل منهما كل يوم بالمسجد ليداوي من يحتاج إلى علاج من الموظفين والطلبة، والثالث جراح.

مسجد السلطان حسن 

صراع المماليك

اتخذ المماليك من المبنى حصنًا لهم، لوقوعه أمام قلعة الجبل، وذلك كلما وقعت فتنة بينهم، فيصعدون إلى أعلى المبنى ويضربون القلعة، ولما تكررت هذه الحوادث أمر السلطان الظاهر برقوق سنة 793هـ/1391م بهدم السلم الموصل إلى سطح المدرسة وسد ما وراء الباب النحاسي الكبير، وفتح أحد شبابيك المدرسة ليوصل إلى داخلها. وفي سنة 825هـ/1422م صرح بالآذان في المنارتين وأعيد بناء الدرج والبسطة وركب باب بدل الذي أخذه المؤيد شيخ. ولما عاود الأمراء مهاجمة القلعة من المدرسة أمر السلطان أبو سعيد جقمق بهدم السلالم الموصلة إلى المنارات سنة 842هـ/1438م. 

وفي سنة 858هـ/1454م عهد السلطان أبو النصر إينال إلى المهندسين بفحص المنارة القبلية، فتبين لهم سلامتها، ولكن وجد أن رصاص القبة به ثغرات، وهلالها به اعوجاج من كثرة إصابتها خلال الحروب، فرفع وبقيت القبة بدونه. وفي سنة 902هـ/1497م حوصرت القلعة وتبادل المماليك الضربات من وإلى المدرسة، ونهبت بسط المدرسة وقناديلها ورخامها. وفي سنة 903هـ/1497م جدد الأمير طومانباي الدوادار الثاني جدران المدرسة وأصلح ما تلف منها، وأقيمت الخطبة بها بعد أن كانت معطلة نحو عشرة أشهر. 

وفي سنة 906هـ/1500م هدم الأشرف جان بلاط جزءًا بسيطًا خلف محراب القبة بصعوبة ثم أوقف الهدم. ولما ولي ملك مصر الملك العادل طومان باي أمر بترميم جميع ما تهدم من جدران في مدة محاصرة القلعة. ثم سد الباب الكبير مرة ثانية لمدة 51 سنة منذ سنة 1149هـ/1736م وحتى سنة 1200هـ/1785م حيث أصلح المسجد سليم أغا وفتح بابه وأزال الدكاكين من أسفله، وبنى له سلالم ومصطبة جديدة.

مسجد السلطان حسن

قالوا عن مسجد السلطان حسن

وصفه المقريزي بقوله: «فلا يعرف في بلاد الإسلام معبد من معابد المسلمين يحاكي هذا الجامع وقبته التي لم يبن بديار مصر والشام والعراق والمغرب واليمن مثلها». 

وصفه ابن تغري بردي بقوله: «إن هذه المدرسة ومئذنتها وقبتها من عجائب الدنيا، وهي أحسن بناء بني في الإسلام». 

وصفه غرس الدين بن شاهين الظاهري بقوله: «ليس لها نظير في الدنيا، فقد حكي أن الملك الناصر حسن لما أمر بعمارتها طلب مهندسين من أقطار الأرض وأمرهم بعمارة مدرسته -ولم يعمر أعلى منها- فعمرت وعمر بها أربع منارات وقيل: ثلاث في ارتفاع المدرسة أيضًا، ثم هدم بعض المنارات واستمرت الآن على اثنتين، وهي عجيبة من عجائب الدنيا»

وصفه السلطان سليم بقوله: «هذا حصار عظيم».

الجريدة الرسمية