رئيس التحرير
عصام كامل

اللواء أحمد طاهر: يجب مساواة الرجل والمرأة في عقوبة قضايا الآداب.. و"تيك توك" والنوادى الصحية يروجان للدعارة (حوار)

محررا فيتو أثناء
محررا فيتو أثناء الحوار، فيتو

 

>> هناك الكثير من الصفحات بمواقع التواصل تعلن عن أنشطة الدعارة.. وإغلاقها مكلف ماديًا
>> خريطة انتشار الدعارة بمصر تظهر بوضوح فى المناطق الشعبية المزدحمة والعشوائيات
>> موقع «التيك توك» هدم أخلاقيات المجتمع بتسهيله الأعمال المنافية للآداب أمام الشباب
>> أتعاطف مع الحرامى وليس مع الفتيات العاملات فى الدعارة لهذا السبب

>> معدلات ضبطيات قضايا الآداب والدعارة ترتفع فى رمضان مقارنة بباقى الأشهر
>> 90% من النوادى الصحية فى مصر غير مرخصة وتمارس أعمال الدعارة فى أماكن سرية
>> ضحايا الدجل يرفضون التقدم بشكوى ضد الدجال الذى يستولى على أموالهم خشية الفضيحة
>> فى القانون الخاص بقضايا الآداب يحصل الرجل على البراءة باعتباره شاهدا عكس المرأة


 

أنعشت تطبيقات التواصل الاجتماعى الحديثة، وخاصة «التيك توك»، ظاهرة النوادى الصحية التى لفتت الأنظار بغزارة خلال الأشهر الماضية لنشر الفسق والفجور عبر فئة تسمى «فتيات التيك توك»، اللاتى أصبحن وصمة فى جبين المجتمع، والغريب أن هناك محاولات من الخارج وبعض فئات الداخل للدفاع عنهن بسبب تضييقات الشرطة المصرية لغلق هذا الباب المؤذى، والذى يشوه الشخصية والقيم المصرية الأصيلة.
وحسب معلومات حصلت عليها «فيتو» سجلت ملفات الآداب نحو 30 ألف قضية ضمت فتيات ورجال، وكل قضية بداخلها حكاية تكشف كيف أسقطهم رجال الشرطة، بالإضافة إلى فتيات التيك توك وممارسة أعمال الدجل والشغوذة التى جمعت لهؤلاء ثروة طائلة من ملايين الجنيهات.
محقق «فيتو» حمل الكثير من الأسئلة التى تدور فى أذهان المصريين إلى اللواء أحمد طاهر المتخصص في القضايا الالكترونيه والاتجار بالبشر، والذى كشف عن أسرار تعلن لأول مرة، عن وكالة لتوريد الأجانب فى مصر، وقصة التطبيقات التى تربح مليات الدولارات من لتنظيم اللقاءات الجنسية عبر الدول ومن هنا سألناه:  

 

*كيف تواجهون استخدام الإنترنت فى الترويج لشبكات الدعارة سواء الداخلية أو الخارجية؟


بعض المواقع الإباحية العالمية أصبح لها تطبيقات على الهواتف الذكية، مهمتها توصيل الساقطات من راغبى الدعارة، وتوفر هذه التطبيقات وسائل الحماية الكافية لهم من إلقاء القبض عليهم عند تتبعهم أو الإيقاع بهم فى حال اكتمال الإجراءات المتبعة فى ذلك الصدد.

*وما الفرق بين التطبيقات والحسابات العادية على السوشيال ميديا ؟


التطبيقات يتجاوز دخلها السنوى مليارات الدولارات، وتقوم عليها تنظيمات يهودية دولية لممارسة هذه الأنشطة غير الشرعية والمخالفة للآداب والشريعة الإسلامية والأخلاقيات المصرية والقيم، وتواجه الدولة - متمثلة فى الإدارة العامة لمباحث الآداب– ذلك عن طريق التنسيق بينها وبين الجهات المعنية الأخرى فى وزارة الداخلية لضحد جرائم الدعارة الإلكترونية وكل ما يخل بأعمال الشرف فى مصر.
وأود أن أشير هنا إلى أن هناك خطأ فى القانون الخاص بقضايا الآداب، حيث يحصل الرجل على البراءة بعكس المرأة، لذلك نحتاج إلى تعديل تشريعى ليتساوى الرجل مع المرأة فى مثل هذه القضايا التى يتم ضبطهم فيها، ونحتاج إلى تعديل تشريعى فى المساواة فى العقوبة بين الرجل والمرأة فى قضايا الآداب، حيث يتم اعتباره شاهدا بعكس المرأة، كما يحتاج القانون إلى تغليط العقوبات لتكون رادعه للجميع.
ولابد هنا من التنويه الى أنه لا توجد دولة فى العالم تستطيع أن تغلق صفحة عبر مواقع التواصل من تلقاء نفسها لأن إجراءات إغلاق الصفحات يحتاج إلى مجموعة من الإجراءات القانونية المتبعة وتكون بأمر قضائى.
لهذا نحتاج إلى نموذج محضر تحريات يقدم للنيابة العامة بشأن هذه الصفحة لكونها ذات خطورة على الأمن القومى والاجتماعى ونطالب خلال المحضر بإغلاقها، فتقوم النيابة بدورها وتحيل الأوراق للقاضى الذى يصدر قرارا فى النهاية بإغلاق الصفحة، وعلينا أن نعرف أن اكتشاف الأمر منذ البداية غاية فى الصعوبة "أصل ده مش شقة هيتم مداهمتها وإغلاقها، ده فضاء إلكترونى واسع، علشان كده صعب التحكم فيه"، بالإضافة إلى أن إغلاق الصفحات على مواقع التواصل مكلف ماديًا ويتحمل تكلفته الأجهزة القائمة على إغلاقها.

*في رأيك، كيف تحولت مواقع التواصل الاجتماعى إلى بوابة لممارسة الأعمال المنافية للآداب؟


القضايا بوجه عام فى الآداب كانت عبارة عن متهم ومتهمة وقواد وشخص ثالث يقوم بالتنسيق (سمسار بينهم)، ويتم ضبطهم عبر مشاركة المصادر السرية، ولكن الوضع الآن اختلف، وأصبح على مواقع التواصل الاجتماعى والفضاء الإلكترونى وتغيرت أشكال الدعارة وتحولت لإكترونية.

*هل تقصد أن الأزمة لها علاقة بتطور التكنولوجيا ووسائل التواصل؟


وسائل التواصل ليست سيئة السمعة، ولكن الاستخدام السيئ لها من قِبَل البعض ووضعها فى إطار لا يليق بكونها «اجتماعية» هو الأصل فى الأزمة، ولك أن تعرف أن هناك آلاف الصفحات للإعلان عن أنشطة ممارسة الدعارة.

*هل هناك قانون واضح لمواجهة المشكلة؟


قبل عام 2018 لم يُسَنْ قانون واضح يواجه الساقطات من راغبى المتعة اللاتى يسوقن لأنفسهن عبر هذه المواقع، وللأسف الأمر ازداد سوءًا، فقد تطور الأمر وظهرت مواقع متخصصة للإعلان عن الشذوذ الجنسى والترويج له، ووقتها لم نكن نمتلك الآليات لمواجهتها، ولكن صدر قانون 175 لسنة 2018 لتنقية المعلومات ورصد المواقع الإباحية وصفحات الأعمال المنافية للآداب.
وساعد القانون رجال الشرطة على مواجهة هذه الجرائم والاعتماد على المصادر التكنولوجية السرية القادرة على اختراق صفحات الدعارة وممارسة الأعمال المنافية للآداب، وبالفعل تمكن ضباط الإدارة من كشف العديد من القضايا المعقدة بعد الدفع بهذه العناصر، وأريد تخصيص حديثى عن موقع «التيك توك»، والذى أعتبره من التطبيقات الإباحية، بعد أن أصبح تجاريا، وتسبب فى هدم أخلاقيات المجتمع بتسهيله الأعمال المنافية للآداب أمام الشباب.

*النوادى الصحية أصبحت لغما فى البلاد، كيف تراقبون أنشطتها؟


النوادى الصحية كانت قديما لممارسة الاسترخاء والاستجمام، ولم تكن منتشرة بين العامة فى مصر، ولم يسمع عنها الكثير، إذ كانت محصورة فى المساج، وتم استقطاب فكرتها من الخارج، وبعد انتشار مواقع التواصل وكثرة مستخدميها، استغلها القائمون على هذه النوادى لاستقطاب الزبائن، ومن خلالها ظهرت أنواع مختلفة من الدعارة الجنسية.
واكتشفنا أن العديد من الأدوات التى يستخدمونها كالزيوت مثلًا «تسبب السرطان»، وبعض أنواع المساج تؤدى إلى مضاعفات تسبب الوفاة.

*كم عدد النوادى الصحية المرخصة فى مصر؟


90% من النوادى الصحية فى مصر غير مرخصة، فإجراءات الترخيص تخضع لمجموعة من الإجراءات المشددة، ولكونها غير مرخصة لا تستخدم غير مواقع التواصل الاجتماعى فى الإعلان عن نشاطها والترويج لها، وفى حالة إغلاق النوادى تلجأ الفتيات العاملات بها إلى إنشاء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعى والإعلان عن نشاطهم الجنسى الخاص، خلاصة القول: النوادى الصحية تمارس أعمال الدعارة ولكن فى أماكن مغلقة.

*كيف تتعامل الشرطة مع شبكات البغاء الدولى؟


تنقسم الإدارة العامة لمباحث الآداب إلى إدارة تدحض جرائم الإتجار بالبشر داخل مصر، وإدارة أخرى تعمل على الشبكات العابرة للحدود، وبالتأكيد هناك تنسيق بين الإدارتين فى ضبط كافة الجرائم ومتابعة الصفحات الإلكترونية الواردة من الخارج، وبالفعل هناك جنسيات أجنبية وعربية تمارس الدعارة فى مصر.

*وأين يتمركز نشاطهم؟


يقيم أغلبهم فى فنادق بمنطقة وسط البلد، والعديد من الفتيات الأجانب اللاتى يتم القبض عليهن لممارسة الدعارة لم يعلمن شخصية مَن قام باستقطابهم، فهم يأتون من الخارج عبر تطبيقات إلكترونية، ويسهِّل إقامتهن أشخاص غير معلومى الهوية، وفى الغالب يكونوا تابعين لوكالات قائمة على توريد الفتيات الأجانب إلى مصر، ويواجه الخارجون عن القانون فى قضايا الدعارة القانون رقم 61 لمكافحة جرائم الآداب العامة والذى يضم عقوبات لمواجهة كافة أشكال جرائم الآداب العامة.

*البعض يحمل ثورة 25 يناير مسئولية سيولة المشكلات فى الآداب العامة، هل اختلف الوضع عما قبلها وما تلاها من أحداث؟


قبل عام 2011 لم نكن نعلم شيئا عن فيسبوك ومواقع التواصل، ولكن الثورة فتحت المجال أمام المجتمع للتعرف على مواقع التواصل الاجتماعى، وقد تعامل معها البعض تعاملا سليما، بينما استغلها البعض الآخر فى تحقيق أهدافه وأغراضه، وحاليًا لا يوجد أي مواطن مصرى لا يعرف مواقع التواصل ولا يتعامل معها، ما جعل الجرائم الإلكترونية تتزايد.
كما أن تطور هذه المواقع وجعلها مواقع ربحية للمستخدمين زاد الأمر سوءا، فالآن يتم انشاء الصفحات مقابل الحصول على لايكات أو مشاهدات وبزيادتهم يحصل المستخدم على مبالغ مالية بآلاف الدولارات، ولعل ذلك ما دفع العديد من الفتيات الالتحاق بالوكالات الداخلية لتنشيط الأعمال المنافية للآداب عبر مواقع التواصل الاجتماعى، والتى من أهدافها تسهيل عملية نشر الفسق والفجور والشذوذ الجنسى والإلحاد الدينى، والتى لم يكن المجتمع يعلم عنها شيئا، ولكن جهود أجهزة الرصد التابعة لوزارة الداخلية كشفتها ولا نريد أن نظلم المجتمع، فبالمقارنة مع المجتمعات والدول الأخرى ما زالت مصر تحتفظ بالهوية والأخلاقيات رغم ظهور شريحة من المجتمع تدعو إلى أعمال الجنس والفجور.

*تتخذ بعض الفتيات ستار «الظروف المعيشية الصعبة» لممارسة الأعمال المنافية للآداب، كيف تتعاملون مع هذه الحالات؟


بالفعل، كل السيدات اللاتى يتم ضبطهن فى قضايا الآداب يزعمن بأنهن يقمن بذلك بسبب أب قاسى وأم منفصلة والاحتياج إلى المال وغيرها من المسميات التى يلجأن إليها لكسب التعاطف، ولكن الحقيقة السيدة التى تذهب إلى العمل حتى فى النظافة أفضل منهن، فهى تكسب من عرق جبينها وتكافح وليست مثل فتيات الليل اللاتى تتقاضين مئات الجنيهات فى الساعة أو فتيات التيك توك التى تربح 1000 دولار أسبوعيا على شاكلة صاحبة صفحة «يوميات أنوش» وغيرها، وقد أتعاطف مع الشخص الذى يسرق لكن لا أتعاطف مطلقا مع الفتيات العاملات فى الدعارة.

*لماذا؟


لأنهن يتسببن فى ضرر محدق بالمجتمع وينشرن الفسق والفجور، فرغم هيافة المحتوى الذى يقدَّم إلا أن تأثيره 100 ضعف تأثير مشاهدة المقاطع الإباحية، وخاصة على الأجيال الشباب من الفئة العمرية 14 حتى 21 سنة.

*الدجل والشعوذة من الأشياء التى تشعل الجدل بين ملايين المصريين، كيف تواجهونها؟


يعتبر ملف الدجل والشعوذة من الملفات الكوميدية فى مباحث الآداب، فخلال فترة عملى استهدفت مشاهير الدجل والشعوذة، وعندما يتم ضبط أحدهم نرصد المحادثات بين الضحايا والمتهم، وكنا نكتشف أن أبناء كافة طبقات المجتمع يسقطون ضحية للدجل والشعوذة من الوزير إلى الغفير، حتى المشاهير يلهثون وراء الدجالين، وعندما يتم مواجهتهم يكتشفون أنهم سقطوا فى مستنقع هذه الأوهام والخرافات.

*على ماذا يعتمد الدجال للإيقاع بهؤلاء؟


على آلام الناس والمشكلات الخاصة بهم، فالعديد من المشاهير يذهبون إلى الدجالين بزعم حل المشكلات التى لديهم، كما لا بد لنا ألا ننسى أن أعمال الدجل والشعوذة موروث قديم يتمسك به الكثير، حتى الأجيال الحديثة التى تواكب الوسائل التكنولوجية الذين سقطوا فى هذا الفخ.

*وما الذى يجعله حيا ويستمر بهذه الكثافة؟


لأن الضحايا يرفضون التقدم بشكوى ضد الدجال الذى يستولى على أموالهم خشية الفضيحة، وأتذكر القضية المعروفة إعلاميا بـ«خديجة المغربية»، وهم مجموعة شباب ابتكروا الفكرة فى أحد الكومباوندات خارج محافظة القاهرة، وقاموا بشراء 40 هاتفا محمولا ودفاتر لتسجيل البيانات وأرقام المتصلين، وزعموا علاج الحالات عن طريق الهاتف، وعند ضبطهم اكتشفنا أن جميعهم شباب، وليس من بينهم دجال أصلًا، وقدرت التحويلات البنكية لهم من الحالات بالملايين.

*حدثنا عن صعوبات قضايا الدجل والشعوذة؟


عندما يتم ضبط المتهم بممارسة الدجل والشغوذة والسيدة التى يُستولى على أموالها، ونطالبها بالتقدم بالشكوى ضده ترفض، وعندما يتم ضبط المتهمين نعثر على أرقام هواتف الضحايا ومحادثات تكشف الاستيلاء على مئات الآلاف من الجنيهات، وعندما نطلب من الضحايا تحرير محاضر لاسترداد أموالهم يرفضون.

*يقترب شهر رمضان المعظم، فهل هناك إجراءات معينة فى الشهر الكريم تجاه محال الخمور أو الملاهى الليلية؟


تغلق كافة الملاهى الليلية ومحال الخمور فى شهر رمضان المعظم وتوقع عقوبات حاسمة تجاه مخالفى قرار الغلق ويتم إغلاق المحل وسحب الرخصة وإحالة المالك إلى النيابة العامة، وخاصة أن الشهر الكريم يشهد أحيانا ارتفاع معدلات ضبطيات قضايا الآداب والدعارة مقارنة بباقى الأشهر.

*هل هناك دور لمكافحة الجرائم العابرة للحدود وتعاون دولى؟


الإدارة العامة لمباحث الآداب إدارة قوية ويرأسها الآن مساعد وزير قوى جدا وضباط يعملون ليل نهار لضبط كل القضايا، وتنقسم إلى إدارة النشاط الداخلي والنشاط الخارجى، وإدارة مكافحة جرائم الاتجار بالبشر وضبط كافة الجرائم والمتابعة الصفحات الإلكترونية الواردة من الخارج، وفى الدعارة الواردة من الخارج، والدعارة الواردة من الداخل وهم الفتيات المصريات، أما الدعارة من الخارج فصفحاتها من خارج البلاد.


*منذ 2011 وحتى الآن سجلت قضايا الآداب نحو 30 ألف رجل وسيدة، ما السر وراء الحجم الكبير من القضايا؟


المجتمع المصرى من أكثر المجتمعات المحافظة على القيم والأخلاق، وإذا كانت توجد شريحة من المجتمع تدعوا إلى أعمال الفسق والفجور، لا يجب أن نظلم المجتمع مقارنة بالدول الأخرى، فلا زالت مصر تحتفظ بهويتها وأخلاقياتها، وأود أن أشير هنا إلى أمر آخر، فإذا كانت هذه الإحصائية التى ترصدونها صحيحة، فهذا يدل على نجاح عمليات الملاحقة الأمنية لضبط كافة أشكال البغاء.

*هل هناك خريطة لانتشار الدعارة فى مصر؟

خريطة انتشار الدعارة فى مصر تختلف من وقت لآخر ولكنها بصفة عامة تظهر بوضوح فى بعض المناطق الشعبية المزدحمة والعشوائيات، حيث تدفع الأوضاع الاجتماعية النساء إلى بيع أجسادهن لتوفير نفقات أسرهن المتزايدة، كما تتمركز أيضًا فى بعض المناطق الراقية.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ"فيتو"….

 

 

الجريدة الرسمية