رئيس التحرير
عصام كامل

كلمة السر!

الذي ولد في 6 أكتوبر 1973 اصبح عنده الآن 49 عاما.. ومن ولد بعدها لم يعش لحظات الانكسار من نكسة 1967 وحتى إنتصار أكتوبر العظيم مرورا بحرب الاستنزاف وبطولاتها، يعني 3 حروب في 6 سنوات. وأعتقد أن المسألة الآن تبدو أكبر بكثير في زمن اللعب بالدماغ والمحاولات المستمرة لتغييب الوعي أو إتلاف الموروث أو على الأقل تزييفه بعد تخريب الوجدان.

العدو يراهن على نظرية معروفة أن الكبار يموتون والصغار لا يعرفون، والنبش في الدماغ هي الطريقة المثلى لغرس مفاهيم جديدة وتزوير التاريخ مع بث الإحباط واليأس أهم الأدوات، وما أكثر أخطار اليوم والتحديات عن أخطار الأمس.. في الماضي كان الأباء والأجداد يعرفون العدو الذى كان واضحا أمامهم وضوح الشمس، في شكله وسلوكه وممارساته.. الآن اختفى العدو وتخفى بين الضلوع تارة، كالحرباء يتغير لونه كل لحظة من جهة ومن جهة ثالثة  تتعدد أساليبه في الاختراق والاحتلال وأخطرها احتلال الوجدان أو محاولة اختراقه وتهميشه.

لكن الكل لا يعرف سر عبقرية الخلود هنا.. الوطن والانسان والعلم والتحدى.. هى مفردات كلمة السر هنا.. نعم كانت هزيمة يونيو 1967 وليدة الصدفة، ولكن لم يكن انتصار اكتوبر 1973 وليد الصدفة بل نتاج جهد وحاصل جمع عقيدة وإرادة وتصحيح مفاهيم.  

قيمة الوطن

الوطن عند المصريين لم يكن يوما ما حفنة تراب أو مكانا للعشب والكلأ أو دفتر شيكات الوطن هنا هو المصرى والمصري هنا هو الوطن، الروح والجسد واحد إذا خرجت مات الجسد  وهي لا تفارق.. فمصر أقدم بلاد المعمورة، جاءت بعدها بلاد واندثرت من دونها بلاد وهى الباقية الخالدة مهما مرت بها الأنواء والأحداث.

صحيح قد تكون بعض المفاهيم قد أصيبت الآن أو اعتلاها بعض الغبار لكن سرعان ما تزول عند أول منحنى ويعود الذهب إلى بريقه، في أول اختبار يتعلق بكينونة الوطن وهويته.. والسر الذى لا يعرفه أحد عن المحروسة أنه عندما يسكن الوطن الإنسان ويسكن الإنسان الوطن نكون أمام المعادلة الأقوى والأخطر والأبقى والصامدة أمام أى عدو ولا يعرف فك شفرتها أحد!

سأعود 49 عاما إلى الوراء وبالتحديد يوم 6 أكتوبر 1973 لأبرهن عن معدن وجوهر المواطن المصري،  فبكل المقاييس العقلية وبكل موازين القوى المعروفة للاستراتيجيات العسكرية وقتها لم يدر بخيال أحد أن مصر يمكن أن تحارب أو تنتقل قيد أنملة من الشاطئ الغربي للقناة إلى الشاطئ الشرقي لها، وحتى يعرف المولودون بعد التاريخ وسلموا أذانهم لأبواق الأعداء من الداخل أو الخارج أذكر عناوين من  بعض فصول المعجزة وتحتاج إلى مراجع لشرحها مثل: كيف يعبر جنود حاجزا مائيا مثل قناة السويس بالقوارب وفى عز الظهر إلا أحفاد الفراعنة؟!

بسالة الجندي المصري

كيف يستطيع الجنود فتح ثغرات في سد ترابي ضخم بحيلة بسيطة عبقرية وهى خراطيم المياه إلا أحفاد الفراعنة؟! وكيف يستطيع جيش من خلال مجموعة من أبطاله إبطال وسد أنابيب نابلم تحت سيطرة وقبضة العدو وقبل بدء العبور حتى لا يتحول سطح قناة السويس إلى جهنم إلا أحفاد الفراعنة؟! وكيف يستطيع جيش لا يملك إمكانيات عدوه وترسانته العسكرية أن يحطم أكبر خط دفاعى لا تستطيع التعامل معه أشد وأقوى وأحدث القنابل والمواد المتفجرة وهو خط بارليف إلا أحفاد الفراعنة؟!

كيف يستطيع جنودنا وقف زحف دبابات العدو حتى تستطيع دباباتنا العبور وللدرجة التي لغم فيها جنودنا البواسل أجسادهم لتكون قنابل ناسفة لهذه الدبابات حتى جاء المدد وعبرت دباباتنا الجسور والكبارى التي تم نصبها في ساعات قليلة.. معجزة لا يستطيع فعلها إلا أحفاد الفراعنة؟!

قل لى من يضحى بروحه عن طيب خاطر في الوقت الذى يتحصن فيه العدو في الخنادق ووراء المتاريس، لا يفعل ذلك إلا أحفاد الفراعنة؟!
كل ذلك وغيره من قصص البطولات وعبقرية الأداء وراءه عقلية وإرادة وجينات الإنسان المصرى المعجزة. أقول ذلك ليس لمرور 49 عاما على انتصار لم يكن ليتحقق إلا بمعادلة مصرية فرعونية الجذور،  لكن لآن التحديات مازالت مستمرة  وأضيف للعدو أعداء آخرين، وأبشع وأشد أنواع الأعداء من يسكن الضلوع ويختبىء بين ثنايا الجسد.

ويضاف للأمر خطورة أن تنوع الأعداء يتعدد بحجم الأخطار وأشكال التحديات لكن أخطرها محاولات البعض ترسيخ مفاهيم أكثر فتكا وفي مقدمتها إزالة صفة العدو عن العدو الحقيقي ووضعه بين مصاف الأصدقاء والنبش في الدماغ.

أعتقد أن نصر أكتوبر رسخ لفكرة إن عنصر العلم إذا أضيف لشخصية المصرى مع الإيمان أولا وأخيرا بقضية الوطن سيكون الإنجاز ضخم والنتائج مبهرة هذا في جانب القتال، لكن كان هناك قتال آخر كان يتم على الجبهة الداخلية مثل تبرع النساء بالمصاغ والأمهات بأولادهن للقتال..  كان العطاء من أجل رد الشرف هو الشعار الحقيقى.. ومازالت المعركة مستمرة ومفردات كلمة السر هي الوطن والانسان والعلم والتحدى ومازالت صالحة للاستخدام !!
yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية