رئيس التحرير
عصام كامل

يقين.. معجزة الرحمة وقت الحرب

على ناصية الخوف والرهبة والخطر ألقى بها الأب غير عَابِئٍ ببراءة سنواتها الأربعة أو الخمسة، ودون أن تدمع عيناه التي جف منها معين الرحمة والأبوة والإنسانية.. بدوي بسيط يخطر قواتنا على أرض سيناء.. طفلة بريئة ألقى بها والدها عضو الجماعة الإرهابية على الطريق وفر بعد أن استخدمها درعا بشريا وعندما لاح له أفق الهرب تركها تنزف على الطريق.
 

تصدر الأوامر لفريق من الجنود والضباط بإنقاذ الطفلة.. تتحرك القوات لإنقاذ ابنة إرهابي أجرم في حق بلاده وفي حق طفلته وفي حق إنسانيته التي انتزعها انتزاعًا، بتركها هكذا دون عين تدمع أو قلب ينفطر.
 

اسمى يقين.. نطقت بصعوبة بالغة بسبب جراحها، ومن حولها حشد من أبطال مدججين بالسلاح وبين ضلوعهم ترفرف قلوب الرحمة والشفقة والحب.. مقاتلون من نوع خاص أشداء على الأعداء رحماء على الضعفاء، ومن ألقت بهم جحافل الغل في سكة الخطر والكراهية والرهبة والموت المحقق.
 

بين يديه حملها الجندي المدرب على السلاح والقتال والحب، ومضى بها إلى مستشفى العريش العسكرى، وهناك تلقفتها أياد بيضاء من غير سوء، تضمد الجراح وتشفي العليل إذا ما احتاج إلى الدواء.

قيمة الحياة


يقين التي رباها أبوها في غياهب الظلام وكهوف الصحارى الموحشة.. يقين التي لم تر من والدها إلا صوت الرصاص وهجمات بربرية يخوضها ضد وطنه وأهله وناسه.. يقين الآن أصبحت في بؤرة يقين الرحمة والتسامي والعفو.
 

عالجوها من الجراح، فمن يعالجها من قسوة أب وعنف محيط أحاط بها في طفولتها وقوم لا يعرفون للود طريقا ولا للدفء مسيرا ولا  للبراءة عنوانا، عالجها جيش بلادى.. جيش قام على القيمة وقاتل من أجلها.. جيش لا يعرف إلا المواجهة بالشرف والنبل والكرم.. جيش خاض الحرب من أجل السلام فلم يعرف القتل خلسة ولا الطعن غدرا.


تحولت حياة يقين إلى واحة من الأغصان والأيادى الحانية.. تتعلم اللغات وتتربى وسط أسرة تعرف معنى الحياة.. لديها ألعاب مثل كل الأطفال ولديها كتاب وقلم وريشة.. أصبحت الآن تمتلك كل أدوات الحياة الإنسانية بكل تفاصيلها.


تلك كانت واحدة من الأقاصيص والحكايات النبيلة لجيش نفخر به ونعتز بقيمه وقدراته وقوته.. قوة في الحسم وقدرة على تطييب الجراح.. 
عرض قصة يقين بالندوة التثقيفية السادسة والثلاثين واحدة من أعظم رسائل الحياة، فقد قال المولى عز وجل في محكم كتابه "مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا".. صدق الله العظيم

الجريدة الرسمية