رئيس التحرير
عصام كامل

حكاوي كاريوكا.. دعمت عبد الحليم حافظ في بداية مشواره.. وقال لها الشعراوي: بدأت أغير منك

فيتو

تمر في هذه الأيام ذكرى رحيل الراقصة والفنانة تحية كاريوكا، والتي رحلت عن عالمنا في 20 سبتمبر 1999، بعد مسيرة فنية طويلة استمرت لنحو أربعة عقود.

 

وارتبطت تحية كاريوكا بالكثير من نجوم عصرها، وكان أبرزهم العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ الذي تميز بعلاقة قوية معها.

وتقول‭ ‬تحية‭ ‬كاريوكا: ‬‮‬من‭ ‬أهم‭ ‬الأسماء‭ ‬فى‭ ‬حياتى‭ ‬فعلا‭ ‬ويسعدنى‭ ‬أننى‭ ‬وقفت‭ ‬إلى‭ ‬جانبه،‭ ‬ولم‭ ‬ينس‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬أبدا،‭ ‬وقبل‭ ‬رحلته‭ ‬الأخيرة‭ ‬إلى‭ ‬لندن‭ ‬حضر‭ ‬إلى‭ ‬بيتى‭ ‬فى‭ ‬الخامسة‭ ‬صباحا‭ ‬ليسلم‭ ‬على‭ ‬ويقول: ‬‮«‬ادعي‭ ‬لى‮»‬،‭ ‬وكان‭ ‬يبكى؛‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬يشعر‭ ‬أنها‭ ‬النهاية،‭ ‬إنه‭ ‬عبد‭ ‬الحليم‭ ‬حافظ‭.

 

وتكمل “كاريوكا”: "بدأت‭ ‬علاقتى‭ ‬به‭ ‬فى‭ ‬الإسكندرية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اكتشفت‭ ‬أن‭ ‬صوته‭ ‬وإحساسه‭ ‬حلو،‭ ‬وكان‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬محمود‭ ‬هو‭ ‬النجم‭ ‬الأول‭ ‬فى‭ ‬فقرات‭ ‬المسرح‭ ‬القومى‭ ‬بالإسكندرية،‭ ‬وطلبت‭ ‬من‭ ‬مدير‭ ‬المسرح‭ ‬أن‭ ‬يعطى‭ ‬فرصة‭ ‬لعبد‭ ‬الحليم،‭ ‬فقال‭ ‬لى: ‭‬‮«‬سى‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬حايزعل‮»‬،‭ ‬لكنى‭ ‬صممت،‭ ‬وحين‭ ‬رفض‭ ‬المدير‭ ‬غناء‭ ‬حليم‭ ‬ووجدته‭ ‬جالسا‭ ‬على‭ ‬باب‭ ‬المسرح‭ ‬مع‭ ‬الموجى،‭ ‬وقال: ‭‬‮«‬لقد‭ ‬طردنا‭ ‬سيادة‭ ‬المدير‮»‬،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬منى‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬خيرت‭ ‬المدير‭ ‬بين‭ ‬عدم‭ ‬العمل‭ ‬معه‭ ‬وبين‭ ‬أن‭ ‬يغنى‭ ‬عبد‭ ‬الحليم،‭ ‬فرفض‭ ‬وتركت‭ ‬المسرح‭ ‬وتضامنت‭ ‬معى‭ ‬ثريا‭ ‬حلمى،‭ ‬وجلست‭ ‬مع‭ ‬حليم‭ ‬والموجى‭ ‬وثريا‭ ‬على‭ ‬الكورنيش،‭ ‬ووعدته‭ ‬بالمساعدة،‭ ‬وأعطيته‭ ‬100‭ ‬جنيه،‭ ‬وشغلته‭ ‬فى‭ ‬حفلات‭ ‬كثيرة،‭ ‬وتألق‭ ‬وأصبح‭ ‬عبد‭ ‬الحليم‭ ‬حافظ،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬ينسنى‭ ‬أبدا،‭ ‬وكان‭ ‬دائم‭ ‬الاتصال‭ ‬بى،‭ ‬وقد‭ ‬ذكر‭ ‬قصة‭ ‬المائة‭ ‬جنيه‭ ‬فى‭ ‬أحاديث‭ ‬تليفزيونية،‭ ‬لكنه‭ ‬قال‭ ‬50‭ ‬جنيها،‭ ‬فاتصلت‭ ‬به‭ ‬وقلت‭ ‬له‭ ‬ضاحكة: ‭‬‮«‬يا‭ ‬حرامى‭ ‬دول‭ ‬100‭ ‬جنيه‮»‬،‭ ‬فضحك،‭ ‬وقال: ‭‬‮«‬الأم‭ ‬دائما‭ ‬تعطى‭ ‬بلا‭ ‬حساب»‬‭.‬


شخصيات‭ ‬أثرت‭ ‬فى‭ ‬حياة‭ ‬تحية
وتروي ‬ملكة‭ ‬الرقص‭ ‬الشرقى‭ ‬تحية‭ ‬كاريوكا‭: ‬هناك‭ ‬شخصيات‭ ‬فى‭ ‬حياتى‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬أنسى‭ ‬فضلها‭ ‬علىَّ‭ ‬أو‭ ‬وجودها‭ ‬خلال‭ ‬مشوارى‭ ‬الفنى،‭ ‬وأولهم‭ ‬المخرج ‭‬‮«‬توجو‭ ‬مزراحي‮»‬،‭ ‬الذى‭ ‬قدمنى‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬فى‭ ‬فيلم‭ ‬الدكتور‭ ‬فرحات،‭ ‬ثم‭ ‬كمال‭ ‬سليم‭ ‬فى‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬وراء‭ ‬الستار‮»‬،‭ ‬هذا‭ ‬الفيلم‭ ‬الذى‭ ‬قدمت‭ ‬فيه‭ ‬استعراض‭ ‬الكاريوكا،‭ ‬فتغير‭ ‬اسمى‭ ‬من‭ ‬تحية‭ ‬كريم‭ ‬إلى‭ ‬تحية‭ ‬كاريوكا،‭ ‬أيضا‭ ‬هناك‭ ‬فؤاد‭ ‬الجزايرلى‭ ‬الذى‭ ‬قدمنى‭ ‬فى‭ ‬فيلم: ‭‬‮«‬خلف‭ ‬البنات‮»‬‭‬.


وتضيف: ‬‮«‬تعرفت‭ ‬بالفنان‭ ‬سليمان‭ ‬بك‭ ‬نجيب‭ ‬الذى‭ ‬أعتبره‭ ‬الأب‭ ‬الروحى‭ ‬لى‭ ‬ووجدت‭ ‬فيه‭ ‬الأب‭ ‬الذى‭ ‬حُرمت‭ ‬منه،‭ ‬وهو‭ ‬الرجل‭ ‬الوحيد‭ ‬الذى‭ ‬أحتفظ‭ ‬بصورته‭ ‬فى‭ ‬غرفتى‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أمى،‭ ‬وهو‭ ‬الذى‭ ‬أحضر‭ ‬لى‭ ‬سيناريو‭ ‬فيلم “‬لعبة‭ ‬الست”  ‬أول‭ ‬بطولة‭ ‬مطلقة‭ ‬لى‭ ‬فى‭ ‬السينما،‭ ‬وكان‭ ‬عمرى‭ ‬17‭ ‬عاما،‭ ‬فلما‭ ‬عرفته‭ ‬بدا‭ ‬لى‭ ‬إنسانا‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬شديد‭ ‬الرقة‭ ‬والتدين،‭ ‬وأنا‭ ‬مدينة‭ ‬بأشياء‭ ‬كثيرة‭ ‬لسليمان‭ ‬نجيب‭ ‬بنصائح‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬أثر‭ ‬فى‭ ‬تكوين‭ ‬شخصيتى،‭ ‬وفى‭ ‬معاملة‭ ‬الطبقات‭ ‬العليا‭ ‬والدنيا،‭ ‬فقد‭ ‬كنت‭ ‬أرجع‭ ‬إليه‭ ‬للمشورة‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬شيء‭.‬


وشجعنى‭ ‬على‭ ‬تجربة‭ ‬العمل‭ ‬مع‭ ‬الأستاذ‭ ‬العملاق‭ ‬نجيب‭ ‬الريحانى،‭ ‬الذى‭ ‬أعتبره‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬وأفضل‭ ‬الفنانين‭ ‬الذين‭ ‬عرفتهم‭ ‬فى‭ ‬حياتى،‭ ‬وأذكر‭ ‬أننى‭ ‬أول‭ ‬مرة‭ ‬رأيته‭ ‬فيها‭ ‬نسيت‭ ‬دورى‭ ‬وجلست‭ ‬أتفرج‭ ‬عليه‭ ‬فنهرنى‭ ‬المخرج‭ ‬ولى‭ ‬الدين‭ ‬سامح،‭ ‬ولم‭ ‬أتمالك‭ ‬نفسى‭ ‬من‭ ‬البكاء‭.‬


أما‭ ‬حافظ‭ ‬إبراهيم‭ ‬شاعر‭ ‬النيل‭ ‬فله‭ ‬معى‭ ‬قصة،‭ ‬فكنت‭ ‬قد‭ ‬التقيت‭ ‬شابا‭ ‬فى‭ ‬الأتوبيس‭ ‬كان‭ ‬طالبا‭ ‬يدرس‭ ‬الأدب،‭ ‬فجمعتنا‭ ‬هواية‭ ‬الاطلاع‭ ‬فى‭ ‬جلسات‭ ‬لطيفة‭ ‬فى‭ ‬المشارب‭ ‬التى‭ ‬تقع‭ ‬فى‭ ‬أطراف‭ ‬القاهرة،‭ ‬ورأيته‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬يحمل‭ ‬كراسة‭ ‬صغيرة‭ ‬تحوى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬شعر‭ ‬حافظ‭ ‬إبراهيم‭.. ‬ولم‭ ‬أكن‭ ‬أعرف‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬شيئا‭ ‬عن‭ ‬حافظ‭ ‬إبراهيم،‭ ‬فلما‭ ‬سألته‭ ‬أليس‭ ‬لحافظ‭ ‬إبراهيم‭ ‬ديوان‭ ‬مطبوع؟‭ ‬وهكذا‭ ‬تأثرت‭ ‬حياتى‭ ‬بشعر‭ ‬حافظ‭ ‬إبراهيم‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬أراه‭.‬


أما‭ ‬الفنان‭ ‬رشدى‭ ‬أباظة‭ ‬فهو‭ ‬الإنسان‭ ‬الوحيد‭ ‬الذى‭ ‬أحببته‭ ‬بالفعل،‭ ‬وهو‭ ‬الإنسان‭ ‬الذى‭ ‬عشت‭ ‬معه‭ ‬أجمل‭ ‬سنوات‭ ‬عمرى‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬مدة‭ ‬زواجنا‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬فقط‭ ‬بسبب‭ ‬حماتى‭ ‬التى‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تحبنى،‭ ‬كانت‭ ‬أخلاقه‭ ‬فوق‭ ‬الممتازة،‭ ‬وكان‭ ‬رجلا‭ ‬بمعنى‭ ‬الكلمة،‭ ‬عشنا‭ ‬بعدها‭ ‬زملاء‭ ‬يربطنا‭ ‬الحب‭ ‬والاحترام‭ ‬حتى‭ ‬آخر‭ ‬يوم‭ ‬فى‭ ‬حياته‭.‬


تزوجت‭ ‬فطين‭ ‬عبد‭ ‬الوهاب‭ ‬وهو‭ ‬مساعد‭ ‬مخرج،‭ ‬واتفقنا‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬الإنجاب‭ ‬حتى‭ ‬يثبت‭ ‬نجاحه‭ ‬ومستقبله‭ ‬كمخرج،‭ ‬حتى‭ ‬شاءت‭ ‬إرادة‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬أحمل‭ ‬جنينا،‭ ‬وتمسك‭ ‬بموقفه‭ ‬‮«‬يا‭ ‬أنا‭ ‬يا‭ ‬الطفل‮»‬،‭ ‬فطلبت‭ ‬الطلاق‭ ‬وفقدت‭ ‬الجنين،‭ ‬ولولا‭ ‬ذلك‭ ‬لكان‭ ‬عندى‭ ‬شاب‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬ابنه‭ ‬زكى‭ ‬ابن‭ ‬ليلى‭ ‬مراد‭.‬


غيرة‭ ‬الشعراوى‭ ‬منها
من‭ ‬أكثر‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬جمعتهم‭ ‬علاقة‭ ‬بالراحلة‭ ‬تحية‭ ‬كاريوكا‭ ‬كان‭ ‬الإمام‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬متولى‭ ‬الشعراوى،‭ ‬حيث‭ ‬ارتبط‭ ‬اسمها‭ ‬بمقولة‭ ‬شهيرة‭ ‬للشيخ،‭ ‬حينما‭ ‬قال‭ ‬لها: ‭‬‮«‬بدأت‭ ‬أغِير‭ ‬منك‭ ‬يا‭ ‬تحية‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬بعدما‭ ‬رفضت‭ ‬حضور‭ ‬جلسات‭ ‬دعوى‭ ‬قضائية‭ ‬كانت‭ ‬مقامة‭ ‬ضد‭ ‬طليقها‭ ‬المخرج‭ ‬فايز‭ ‬حلاوة؛‭ ‬لاسترداد‭ ‬شقتها‭ ‬التى‭ ‬استولى‭ ‬عليها،‭ ‬فسألها‭ ‬الشيخ‭ ‬الشعراوى‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬عدم‭ ‬حضورها‭ ‬للجلسات،‭ ‬فقالت‭ ‬له: ‬يا‭ ‬مولانا‭ ‬فايز‭ ‬راجل‭ ‬متزوج‭ ‬ومعه‭ ‬بنت‭ ‬ومعندوش‭ ‬شقة،‭ ‬هياخدهم‭ ‬ويروح‭ ‬بيهم‭ ‬فين،‭ ‬هو‭ ‬هيتبهدل،‭ ‬وأنا‭ ‬خلاص‭ ‬كبرت‭ ‬ولا‭ ‬أقدر‭ ‬أنظف‭ ‬الشقة‭ ‬ولا‭ ‬أصرف‭ ‬عليها،‭ ‬وأنا‭ ‬الحمد‭ ‬لله‭ ‬الشقة‭ ‬اللى‭ ‬أنا‭ ‬قاعدة‭ ‬فيها‭ ‬كويسة‭ ‬وأنا‭ ‬راضية‭ ‬الحمد‭ ‬لله)، ‭‬فقال‭ ‬لها‭ ‬الشيخ‭ ‬الشعراوى: ‬‮«‬بدأت‭ ‬أغِير‭ ‬منك‭ ‬يا‭ ‬تحية»‬‭.


ولم‭ ‬يكن‭ ‬ذلك‭ ‬الموقف‭ ‬الوحيد‭ ‬الذى‭ ‬جمع‭ ‬الإمام‭ ‬الشعراوى‭ ‬بتحية‭ ‬كاريوكا،‭ ‬فقد‭ ‬سبق‭ ‬ذلك‭ ‬مقولته‭ ‬الشهيرة‭ ‬لها‭ ‬فى‭ ‬أول‭ ‬لقاء‭ ‬جمع‭ ‬بينهما‭ ‬بعدما‭ ‬كانت‭ ‬اعتزلت‭ ‬الفن‭ ‬وارتدت‭ ‬الحجاب،‭ ‬فأخذت‭ ‬تنادى‭ ‬على‭ ‬الشيخ‭ ‬الشعراوى،‭ ‬ولكنه‭ ‬لم‭ ‬يسمعها‭ ‬بسبب‭ ‬الزحام،‭ ‬فنادت‭ ‬عليه‭ ‬عدة‭ ‬مرات،‭ ‬وقالت‭ ‬له: ‭‬‮«‬يا‭ ‬شيخ‭ ‬شعراوى،‭ ‬بُح‭ ‬صوتى‭ ‬وأنا‭ ‬أنادي‮»‬،‭ ‬فقال‭ ‬لها: ‬‮«‬معذرة‭..‬ والله‭ ‬لم‭ ‬أسمع‮»‬،‭ ‬وكان‭ ‬يكلمها‭ ‬وهو‭ ‬ينظر‭ ‬فى‭ ‬الأرض‭.. ‬فقالت‭ ‬له: ‭‬‮«‬انظر‭ ‬إلى‭ ‬حتى‭ ‬تعرفني‮»‬،‭ ‬فرد‭ ‬عليها‭ ‬الشيخ: ‬‮«‬لو‭ ‬عرفتك‭ ‬لاتجهت‭ ‬إليك ‬رأسا‭ ‬لا ‬رقصا‭‬‮»‬،‭ ‬فأثار‭ ‬ذلك‭ ‬ضحك‭ ‬الحضور،‭ ‬وظل‭ ‬الشيخ‭ ‬الشعراوى‭ ‬يدعو‭ ‬لها‭.‬
 

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية