رئيس التحرير
عصام كامل

رابح النفوس حكيم

سفر الأمثال في الكتاب المقدس لمعلمنا سليمان الحكيم يقدم لنا نصائح وإرشادات عملية على شكل أمثال تحمل حقائق أخلاقية وهدفها تعليم البشر، كيف يحيون حياة تقية مقدسة وأمينة، ونجد في هذا السفر فى سياق المضمون، أنه يتحدث مع الحياة الأسرية وضبط النفس والشباب وكل فئات العمر ومقاومة التجربة والشهوات والرغبات وأقوال اللسان، ومعرفة الله القدوس، والزواج والمرأة، والبحث عن الحق والثروة والفقر.


 فسفر الأمثال هو مدرسة للحياة، لأنه يتكلم عن كل شيء فى الحياة، والتعلم بالمثل هو طريق سهل وقديم جدًا من أيام المصريين القدماء واليونانيين والفرس، وشعوب كثيرة في العالم، وتستعمل الأمثال في الحوار على أنها البديهيات، وهي طريقة مباشر وسهلة جدًا على التعلم، لأنها تعبر عن الشعوب كالأجيال وتتسلم الأمثال من الآباء والأجداد لخلاصة فكرهم واختبارتهم وتسلمها للأجيال التالية.

تعليم الحكمة


فتعليم الحكمة تعطى الإنسان المعرفة والتدبير، ومن يتبعها يصير حكيمًا ومن لا يتبعها يصير جاهلًا أحمق، وكلمة جاهل وأحمق يتكرران كثيرًا فى هذا السفر، ويشيران لرفض المشورة والحكمة، ومن يصير على عناده هو أحمق، أما من يستجيب ويسمع يسمى حكيمًا، والحكمة والمشورة يسمعها الحكيم فيزاد علمًا، والفهيم يكتسب فن التدبير، فالإنسان حينما يجد في عينى نفسه ليس حكيمًا، تجعله يطلب المشورة ويسمعها ويهتم بها.
فالإنسان يأخذ الحكمة الصالحة وكلمة المنفعة من أى إنسان بسيط  لديه موهبة الحكمة والفهم وحتى من عدوه أيضًا إن كان لديه معرفة وحكمة،  والسيد المسيح له المجد مدح وكيل الظلم ليه؟ اذ بحكمة فعل، لأنه تصرف بحكمة رغم كل الشرور التى كانت فيه، ومدح أيضًا له المجد الحكمة، فيقول كونوا حكماء كالحيات.


ومعلمنا سليمان هو الذى طلب من الله أن يعطيه الحكمة، وفعلًا اشتهر بحكمته فى كل بلدان العالم القديم  والحديث أيضًا، وصوت الله يدعو الجميع، أن يصير فى طريقه وبذلك تكونوا حكماء، فهو روح الحكمة والمشورة، مصدرها الله وحده، ويحد لنا معلمنا يعقوب سمات الحكمة الإلهية فيقول: "وأما الحكمة التى من فوق فهى أولا طاهرة، ثم مسالمة" وبهذه الحكمة تكون بعد ذلك للكل مرشدًا يخرج من فمك الحكمة والمشورة الصالحة، كرجال الله القديسين المملوئين حكمة وفهم ومعرفة.


والكتاب المقدس يقول: أن الله اختار جهلاء العالم ليخزى بهما حكماء العالم، ليس معناها أن حظيرته لا تجمع سوى الجهلة، ولكن معناها أن الله يختار الذين مهما أعطاهم من مواهبة، يقفون أمامه كجهال، خوفًا عليهم لئلا يسقطوا بسبب الكبرياء وفكر قلوبهم  وغرورهم، لان الله يقاوم المستكبرين بفكر قلوبهم، ولكن الله يعطى المتواضعين كلمة منفعة ونعمة الحكمة.


 ومن حكمة الله القدوس لم يقتصر فى تعامله مع الحكماء والملوك فقط، بل استخدم العديد من البشر على مختلف الدرجات لكتابة الكتاب المقدس مثل (عاموس الفلاح البسيط وبطرس ويعقوب ويوحنا صيادين سمك وغيرهم).
فإختار الله الجهلاء ليخزى بهم حكمة الحكماء المستكبرين بفكر قلوبهم، مثل الفريسين الذين رفضوا مشورة الرب بسبب كبريائهم. 

التعليم بالأمثال


من لا يسمع للمشورة، فهو مغرور في ذاته، فلا تكن حكيمًا في عينى نفسك بل إطلب المشورة والتعلم شاعرًا في نفسك أنك بسيط فى المعرفة وتطلب دائمًا المزيد والمزيد من المعرفة، وأكد سليمان الحكيم في سفره على ضرورة وجود مرشد نستمع منه ولمشورته، والكتاب المقدس يقول "على فهمك لا تعتمد" أطلب المشورة في كل حين، وعمومًا الاشخاص الذين لا يسمعون مثل الهراطقة والشباب الطائش، يرون كل منهما أن طريقه هو الصح للاسف الشديد، فكر الإنسان نفسه لا ينجح..

 

بالتأكيد توجد لدى الشعوب أمثال كلها حكمة وفهم فعلًا، ولكن هناك أمثال شعبية سيئة جدًا تفسد فكر وعقل البشر، مثلًا: إن جالك الطوفان حط ولادك تحت رجليك. هل هناك أنانية أكثر من ذلك. ومثل هذه الأمثال تقسى قلب الإنسان وتسهل له طريق الخطية والهلاك، لذلك الله حمى شعبه من تأثير هذه الأمثال السيئة المفسدة، فسمح بوجود أمثال مقدسة أوحى به بواسطة روحه القدوس لبعض رجاله المكرمين فى كل مكان وزمان.


أيها القارئ أعلم جيدًا: إن أسهل طريقة للتعليم هى بالأمثال وهذا يسهل على الأطفال حفظها، والسيد المسيح نفسه استخدمها مع شعبه ومع رسله وتلاميذه، فكان يكلمهم بأمثال بسبب عماهم الروحى لا  يفهمون ( مر 10:4 )، فكان يقدم لهم كل شئ عن ملكوت الله، وليعطيهم الفهم والمعرفة والحكمة، ولكن الشيطان استخدم هذه الوسيلة فبث فى العالم الكثير من الأمثال المضللة التى تتنافى مع روح الله القدوس حتى تضل البشر عن معرفة الله. “هوذا احكم من سليمان ها هنا”. 

الجريدة الرسمية