رئيس التحرير
عصام كامل

وفديناه بذبح عظيم

الرؤيا الصادقة مظهر من مظاهر الوحي الإلهي وهي جزء من أربعين جزءا من النبوة وفي رواية جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة كما أخبر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله.. ورؤيا الأنبياء حق لا لبس ولا التباس فيها فهم الذين خصهم الله بأنوار وعلوم ومعارف وأسرار نبوة. إنظر معي عزيزي القارئ إلى رؤيا نبي الله ورسوله سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام.. يرى سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه يذبح إبنه الوحيد في ذاك الوقت والذي جاءه على شوق وكَبْر وهو سيدنا إسماعيل. 

 

فيأتي به ويقول له مُخبرا ومُخيرا: يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى؟ فيقول الإبن البار الطائع والذي يعلم أن رؤية أبيه حق وفيها أمر من الله تعالى وفيها إختبار من الله تعالى قاسي وصعب.إختبار للأب. كيف يسلم في ولده البار الوحيد ويذبحه بيده. وإختبار للإبن كيف يرضى بذبحه ويسلم لإبيه في روحه ونفسه.. وإختبار للزوجة والأم وهي سيدتنا السيدة هاجر عليها السلام. كيف تسمح لزوجها بذبح ولدها الوحيد وفلذة كبدها.. انظر عزيزي القارئ إلى حال الإبن عندما أخبره أباه بالخبر. إنظر إلى حاله في التسليم والرضا  قال: (قَالَ يا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَآءَ اللَّهُ مِنَ الصّابِرِينَ). 

طاعة لله

هذا ولم يكتف بتسليمه بل يوصي أباه فيقول: يا أبت: أشحذ شفرتك حتى تسرع في إنفاد أمر الله تعالى. وأعصب عيني والفني علي وجهي حتى لا تقع عينك في عيني فتأخذك الشفقة بي فتتردد في إنفاد أمر الله.. 

 

ياله من إيمان كامل ورضاء بقضاء الله وقدره وتسليم بالكلية لله. أنظر عزيزي القارئ ماذا حدث بعد ذلك وأعلم من أين جاءت مناسك الحج ورمي الجمرات والأضحية.. عندما أعد العدة سيدنا إبراهيم لذبح سيدنا إسماعيل جاءه إبليس لعنه الله عند العقبة الصغرى في صورة شيخ ناصح أمين كما جاء لأبينا آدم عليه السلام من قبل وهو في الجنة وأخرجه منها وقال: يا إبراهيم: كيف لك أن تذبح ولدك إنه الإبن البار الصالح وإن ما رأيته في منامك ليس برؤيا وإنما هو حلم وأضغاث أحلام. وكيف يأمر الله بذبح نفس زكية وهو أرحم الراحمين؟. 

 

هنا ينظر إليه سيدنا إبراهيم بنور نبوءته فيعلم أنه إبليس اللعين ويدرك أنه يريد أن يقعسه عن إنفاد أمر الله تعالى فيأخذ من الأرض سبع حصوات ويرجمه بها وهو يكبر ويقول خسئت يا لعين فجاءه مرة ثانية عند العقبة الوسطى فرجمه بسبع حصوات أخرى. فلم ييأس الشيطان فجاءه عند العقبة الكبرى. فرماه بسبع حصوات.. هنا هرب الشيطان وذهب إلى السيدة هاجر وقال لها: إن إبراهيم قد جُّن وفقد عقله وأخذ ولدك إسماعيل ليذبحه فأسرعي إليه وأمنعيه.. فنظرت عليها السلام بنور بصيرتها الممنوحة إياه من الله تعالى. فأخذت سبع حصوات من الارض ورجمته بها وهي تقول: الله أكبر خسئت يا لعين إنه أمر الله وقضاءه. 

 

 

هنا أسرع إبليس إلى الإبن سيدنا إسماعيل وقال له: يا إسماعيل إن ما رآه أباك حُلم وأضغاث أحلام وليست برؤيا وأمر من الله فكيف تسلم له وتطيعه لقد كبر أباك وخَرُف؟ فنظر سيدنا إسماعيل فيه بنور بصيرته وأخذ من الأرض سبع حصوات ورجمه بها وهو يقول: الله أكبر خسئت يا لعين.. من هنا جاء رمي الجمرات الكبرى التي يرميها الحاج عند وصوله إلى منى بعد مبيته في المزدلفة..  ثم يرمي الحاج في اليوم الثاني والثالث من أيام التشريق عند العقبات الثلاث الصغرى والوسطى والكبرى كل عقبة بسبع حصوات. 

 

هذا والمقصود من رمي الجمرات مخالفة الشيطان وإهانته وإذلاله وإظهار طاعة الله تعالي..عزيزي القارئ كانت هذه قصة وأصل رمي الجمرات.. هذا وعندما ألقى سيدنا إبراهيم إسماعيل على وجهه وهم ليذبحه. ناداه الحق عز وجل (أَن يا إِبْرَاهِيمُ* قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَآ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِين* إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاَءُ الْمُبِينُ* وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ*). وكان الفداء من الله عز وجل ومن هنا جاءت الأضحية وهي سٌنة مؤكدة للقادرين.. وكل عام وانتم بخير.

الجريدة الرسمية