رئيس التحرير
عصام كامل

"ستات المدبح".. توارثن مهنة الجزارة من الصغر واحترفن مسكة السكين والتقطيع بالساطور |فيديو وصور

إحدى سيدات المدبح
إحدى سيدات المدبح

تراهن متراصات بجوار بعضهن البعض، يرتدين الملابس السوداء، في وجوههن حكايات استحقت أن تروى، أنهن “ستات مدبح السيدة زينب”، ذلك الحي العتيق، الذي كان لـ “فيتو” جولة بين شوارعه وأزقته لسرد حكاية سيدات المدبح.

في خط مستقيم تجلس سيدات المدبح وأمامهن تجد الأواني الكبيرة مقسمة ما بين (الممبار ولحمة الرأس والكوارع والكبدة وخلافه من فواكه اللحوم)، يجلسن في ذلك المكان منذ سنوات طويلة، ويبدأ وقت عملهن من السادسة صباحا وحتى الثالثة عصرا أو (حسب التساهيل كما أخبرتنا إحداهن).

طبيعة عملهن قاسية وصعبة تبدأ بطوابير الانتظار أمام المدبح للحصول على المستلزمات من رؤوس مواشي وأقدام وأحشاء، مرورا بتنظيفها وتقطيعها تمهيدا لعرضها للبيع، فتراهن قابضات على السكاكين والسواطير ما بين تنظيف للأحشاء والأمعاء، وأخريات يقومن بتكسير رؤوس  المواشي لتجهيزها، فغالبية نساء المدبح ورثن هذه المهنة منذ نعومة أظافرهن، وأكثرهن تعد بناتهن لامتهان هذه المهنة.

اقتربت فيتو أكثر من هذا العالم، وبدأت تستمع لحكاية السيدة “أم بندق” واحدة من أقدم السيدات اللاتي عملن في المدبح، والتي بدأت تقف هنا منذ أن كانت فتاة  صغيرة، حتى تعتاد على هذه المهنة وتتأقلم على صعابها وهذا العمل الشاق. 

كانت “أم بندق” في  السادسة عشرة من عمرها عندما قدمت مع شقيقها "سيد جحا" إلى المدبح، وهو من عملها "أصول الكار" وحتى اليوم تحصل منه على بضاعتها، فهي منذ أكثر من ٣٥ عاما وحتى اليوم لم تتخلف يوما عن عملها والجلوس أسفل إحدى المظلات بالمدبح.

وتروي أم بندق حكاياتها: أنا جيت مع أخويا واتعلمت منه ازاي أقطع اللحمة وأمسك الرأس واتعملت الشغلانة هنا زي أي شغلانة تانية، أنا بقيت ألاقي فيها راحتي يعني لو قعدت يوم في البيت ومنزلش بتعب، رغم إن الشغل قل عن زمان من بعد ما نقلوا المدبح من هنا". 

 تزوجت أم بندق من أحد العاملين في المدبح أيضا فاستمرت في العمل به أنجبت الأبناء التحقوا بالمدارس ومنهم من لم يكمل تعليمه ولكن الجميع يحضر إلى هنا ليتشرب أصول المهنة، فالسيدة التي تشارف على الستين عاما لم يعد بمقدورها أن تتولى مهام البيع والشراء وحدها فقط تجلس هناك لأنها لا تجد راحتها ومتعتها إلا في هذا المكان.

ينطبق الحال أيضا على بقية السيدات، سامية وبدرية وغيرهن، تختلف أعمارهن وتتشابه الظروف التي أتت بهن إلى هذا المكان، تحاول كل واحدة منهن أن تتطبع بطباع الرجال في مهنة هي بالأساس مهنة رجال في ظاهرها لكن الأمر بالنسبة لهن مختلف تمام الاختلاف.

وأكدن في حديثهن: "الشغلانة دي مش صعبة زي ما الناس متخيلة يعني كأنك واقفة في المطبخ بتقطعي كرشة أو كوارع أو ممبار وبتنظفيهم، اللي بيجي يشتغل الشغلانة دي صعب جدا إنه يسيبها ويشوف حاجة تانية.

الجريدة الرسمية