رئيس التحرير
عصام كامل

اللواء طه السيد في ذكرى النصر: القادة المسيحيون كانوا يصومون رمضان معنا على الجبهة | حوار

اللواء طه محمد السيد
اللواء طه محمد السيد

ساعة الصفر كانت مخفية على الجميع وكنا فى انتظارها بفارغ الصبر

كانت مهمتى عبور قناة السويس كنت برتبة ملازم أول قائد فصيلة مشاة 

رأينا الطائرات المصرية تعبر الضفة الشرقية وتضرب المواقع الحصينة للعدو
القوات المسلحة فى حرب 5 يونيو 1967 لم تكن طرفا فيها لأنها لم تحارب
الجيش المصرى أمين على الحفاظ على أرض مصر وشعبها
كنا نتسابق للمشاركة فى تطوير الهجوم ل رغم علمنا أننا ذاهبون للشهادة

 

تظل حرب العاشر من رمضان، الموافق السادس من أكتوبر، حافلة بالأسرار والحكايات والتفاصيل المهمة، التي تؤكد أن مصر غالية على أبنائها، لا يفرطون في حبة رمل من أرضها الطاهرة، وستظل حرب العبور المجيدة نقطة تحول في تاريخ العسكرية الحديثة، ففيها استعاد المصريون كرامتهم وعزتهم عندما حرروا قناة السويس وسيناء ودمروا أسطورة جيش العدو الإسرائيلي.

كان رجال القوات المسلحة البواسل على العهد الذي قطعوه للشعب المصري بأن يحرروا أرض الفيروز ويعيدوها كاملة إلى حضن الوطن  بعدما اغتصبها العدو الإسرائيلي في غفوة من الزمن لمدة 6 سنوات، كان أبطال الجيش مسلمين ومسيحيين صائمين على جبهة القتال، وهتفوا معا على الأرض المحررة لحظة العبور: «الله أكبر.. الله أكبر».

وفى هذه المناسبة الغالية على قلب كل مصرى وعربى، أكد اللواء طه محمد السيد، رئيس أكاديمية ناصر العسكرية العليا الأسبق ومستشار الأكاديمية الحالى، أن القوات المسلحة فى حرب 5 يونيو 1967 لم تكن طرفا فيها لأنها لم تحارب، وإنما تعرضت قواعدها الجوية للضرب، ودفع ثمن ذلك الجندى المصرى الذي أثبت للعالم أنه قاهر المستحيل بعد اقتحامه لأكبر ساتر ترابي ومانع مائى فى تاريخ العالم وهو "خط بارليف".


وروى فى حوار مع "فيتو" فى ذكرى نصر العاشر من رمضان تفاصيلَ من مشهد العبور، موضحًا أن مهمته كانت عبور قناة السويس حيث كان وقتها برتبة ملازم أول قائد فصيلة مشاة بنطاق الجيش الثالث الميدانى ورأى الطائرات المصرية تحلق فى السماء لتعبر الضفة الشرقية وتضرب المواقع الحصينة للعدو، فيما عبرت القوات المصرية الضفة الشرقية للقناة، وتم رفع علم مصر وسط هتافات وصيحات: "الله أكبر.. الله أكبر".
وإلى نص الحوار:

 

*بداية حدثنا عن "ساعة الصفر" فى حرب العاشر من رمضان، وكيف استقبلت خبر الاستعداد للعبور؟
ساعة الصفر كانت مخفية على الجميع باستثناء القادة، لم نكن نعلم موعد الحرب بالضبط، ولكننا كنا فى انتظارها بفارغ الصبر، وقتها كنت قد التحقت بدورة تدريبية فى شهر سبتمبر 1973 أي قبل الحرب بشهر، ثم عدت إلى كتيبتي باستدعاء فوري لإجراء المناورة الحربية السنوية التى كانت تشارك فيها كل الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة، اعتقدت أننى سوف أعود مرة أخرى للدورة بعد أيام كالعادة، ويوم 4 أكتوبر استكملت مهامي فى التدريبات بالكتيبة أنا وجنودي دون معرفة أي شيء، الهدوء كان سيد الموقف فى كل مكان حتى فوجئت يوم 5 أكتوبر بأن ساعة الصفر اقتربت لتحرير الأرض وعبور القوات من خلال المظاريف المغلقة التى جاءت من القيادة العامة إلى كبار القادة، وتم تعميمها علينا كقادة من الصف التالى وقتها.

 

*ما هى المهمة التى أوكلت لك خلال حرب أكتوبر؟
كانت مهمتي عبور قناة السويس، ووقتها كنت برتبة ملازم أول قائد فصيلة مشاة بنطاق الجيش الثالث الميدانى ورأينا الطائرات المصرية تحلق فوق رءوسنا لتعبر الضفة الشرقية وتضرب المواقع الحصينة للعدو، وكانت سعادتى كبيرة لا أستطيع وصفها وأنا أتذكر حتى الآن لحظة عبور القوات المصرية الضفة الشرقية للقناة، ورفعنا علم مصر مرددين هتافات وصيحات: "الله أكبر.. الله أكبر".

 

*ما هو مفتاح النصر فى العاشر من رمضان على الجيش الذى وَصف نفسه بأنه لا يقهر؟
الشعب المصرى كان له هدف واضح وقتها وهو دعم القوات المسلحة والقيادة السياسية لتحقيق النصر واستعادة الأرض والترابط بين نسيج الأمة، فكان قائد الكتيبة التى كنت بها "مسيحيا"، كما أن رئيس عمليات الكتيبة وبعض الجنود كذلك، وكانوا يصومون مثلنا فى رمضان ولا يتناولون حتى شربة ماء حفاظًا على مشاعرنا واستشهدوا صائمين جنبًا إلى جنب، حتى تحقق النصر وهزموا أسطورة الجيش الإسرائيلى، وضربوا أروع معانى التضحية والوحدة الوطنية.

وأتذكر أنه فى يوم 13 أكتوبر وتحديدا عند الساعة الرابعة صباحا كان مطلوبا اختيار وحدة فرعية صغرى تؤدى مهام خارج الوحدة، وقد لاحظت تسابق كل القادة والجنود للقيام بالمهمة لتحرير الأرض على الرغم من معرفتهم بأن الشهادة قريبة منا وأننا ذاهبون إلى الشهادة، حيث كانت المهمة وقتها هى تطوير الهجوم شرق القناة يومي 13 و14 أكتوبر بعد الوقفة التعبوية لتخفيف الأعباء على الجانب السورى أو الجيش الأول، وذلك ضمن مهام الجيش الثالث، ونفذنا المطلوب منا بالتمام.

 

*ماذا تقول عن الجندى المصرى فى هذه الحرب؟
القوات المسلحة فى حرب 5 يونيو 1967 لم تكن طرفا فيها لأنها لم تحارب، وإنما تعرضت قواعدها الجوية للضرب، ودفع ثمن ذلك الجندى المصرى، حتى أثبت للعالم أنه قاهر المستحيل بعد اقتحامه لأكبر ساتر ترابي ومانع مائي فى تاريخ العالم وهو "خط بارليف".

لقد كان الجندى المصرى هو عنصر المفاجأة الأول للعدو الإسرائيلى، فهم لا يحاربون إلا من خلال بروج مشيدة، أما نحن فنتسابق للنصر أو الشهادة من أجل تحقيق الهدف، ولدينا عقيدة ثابتة بأن الأرض عرض ولا نفرط فيها أبدا.

ولا بد أن يعرف الشباب الآن أن الجيش المصرى أمين على الحفاظ على أرض مصر وشعبها فى كل زمان فما أشبه الأمس باليوم، فسيناء ارتوت بدماء أبناء مصر من جميع محافظاتها سواء فى الحروب القديمة أو فى حربها الآن على الإرهاب.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"…

الجريدة الرسمية