رئيس التحرير
عصام كامل

دينية أم قانونية؟.. أزمات أول أيام الصيام تكشف ضعف الوعي بحقوق وواجبات الدولة المدنية

الدولة المدنية
الدولة المدنية

حالة من الجدل اشتعلت خلال الساعات الماضية حول الكثير من القضايا التي تمثل أعقد مشكلات الواقع المصري، من منع أحد المحلات الشهيرة لسيدة وطفلها من الطعام قبل الإفطار، إلى تمرير عبارات تحض على التمييز الديني في الإعلام، الأمر الذي يكشف حجم الأزمة في إشكالية فهم شرائح كبرى ومتنوعة من المصريين لمعنى الدولة المدنية، التي أقرها الإسلام بل وحرض عليها.

الغريب أن المجتمع المصري على وجه التحديد لطالما صدر رجال القانون والتشريع الذين أسسوا معنى المدنية في البلدان العربية والإسلامية دون تضارب أو تصادم مع الدين والشريعة الإسلامية، ويبدو أن هناك حاجة ملحة إلى هؤلاء الآن وإرثهم، لاستعادة الوجه الحضاري للمجتمع المصري.  

مشروع الإسلام الحضاري 

ويقول الدكتور محمد حبش، أستاذ الفقه الإسلامي، أن مشروع الإسلام الحضاري لايختلف أبدًا مع بناء دولة مدنية تساوي في الحقوق والواجبات، موضحا أن الأزمة في عدم احترام القانون القائم على المساواة والعدالة والحق بين كل ابناء المجتمع مسلم وغيره.

وأضاف: تضمين مثل هذه القيم في القوانين ليس تفريطًا بالدين كما يزعم أنصار التيارات الدينية التي تسببت في المشكلة التي نعيشها بسبب التشكيك في القوانين ورفع رأي أتباع التيارات الدينية فوق كل قانون. 

وأوضح استاذ الفقه الإسلامي أن بلادنا ذاخرة بالكبار وعظماء القانون الذين عملوا على تضمين القيم الإنسانية للعالم المتحضر في الأسس الدستورية لبلدان المنطقة دون مفارقة الشريعة، على رأسهم السنهوري باشا، أهم فقيه في القرن العشرين، لافتا إلى أن هذا الرجل استطاع أن يؤسس لكتابة القانون المدني المصري، وقد ولي الوزارة عدة مرات في مصر، وقام بتأسيس جامعتي فاروق وجامعة محمد علي في مصر.

وتابع: طلبت البلاد العربية السنهوري للاستفادة من خبرته في الفقه والقانون فأسهم في كتابة القانون المدني العراقي والقانون الأردني والقانون الإماراتي والقانون السوري والقانون السوداني والقانون الليبي، واستكمل: بدون أي مبالغة نجح الرجل نجاحًا هائلًا في كتابة قوانين مدنية تستند إلى مقاصد الشريعة، وتلبي حاجات التنمية والبناء في هذه البلاد العربية، ويتم تعديلها وفق حاجات المجتمع، ولاسيما أنها لم ينتج عنها أي إقصاء اجتماعي أو تفرقة طائفية.

 

واختتم: السنهوري ظهر في عصر كان فيه الوطن العربي خارج للتو من الحقبة الاستعمارية يبحث عن قوانين حديثة يخرج بها من قمقم الماضي دون أن يفارق مقاصد الإسلام، وحقق هذا الرجل هذا المقصد بإنتاج قوانين حضارية قائمة على المساواة والعدالة والحق، دون تفرقة بين مسلم وغيره.  

الجريدة الرسمية