رئيس التحرير
عصام كامل

طبيب الغلابة!

طبيب الغلابة مصطلح تردد في الآونة الأخيرة وتلقفته وسائل التواصل لتجعل منه تريند يجسد إلى أي حد يتعطش الناس في ظل قسوة الظروف الاقتصادية  لطبيب يشعر بمتاعبهم ويخفف عنهم آلام المرض وكلفته الباهظة نفسيًا وماديًا! وجود مثل هذا الطبيب الإنسان يمنح للناس أملًا أن الدنيا لا تزال بخير وهو نوع قليل لكنه موجود في حياتنا بدرجة أو بأخرى، بل إنني أعرف أطباء يقدمون خدماتهم بالمجان لغير القادرين وبأسعار معقولة لعموم الناس..

 

رسالة سامية

 

ومن هؤلاء مثلًا طبيب الفيوم استشاري العظام والعمود الفقري الذي صار حديث الأهالي حين قرر -رغم الظروف العصيبة- خفض قيمة الكشف من 110 جنيهات إلى 60 جنيهًا فقط دعمًا للغلابة.. وهو ما نتمنى  أن يقتدي به الأطباء على الأقل بعدم رفع أسعار الكشف التي باتت مشكلة حقيقية لقطاع كبير من المرضى الذين تضطرهم ظروف المرض للذهاب لعيادات كبار الأطباء القادرين –دون صغارهم الذين ليس لهم عيادات أصلا- على التعامل مع أخطر الحالات المرضية وأدقها وأكثرها صعوبة.. وهو ما دفع مجلس النواب للتحرك لوضع حد لهذا السعار الطبي الذي حول الطب من رسالة سامية إلى بيزنس لا ينظر بعين الرحمة للظروف الإنسانية الصعبة.


فهل ينكر أحد أن ثمة مستشفيات خاصة لا يقدر على دخولها إلا الأغنياء والأغنياء جدًا.. وهي بهذا المعنى مجرد مشروع استثماري لا هم لأصحابه إلا جنى الأرباح ومضاعفة ثرواتهم تحت أي ظرف.
ربما يقول قائل إن الأطباء لاسيما كبارهم ومشاهيرهم تعلموا بالخارج وتعبوا واجتهدوا وأنفقوا على تعليمهم  أموالًا كثيرة حتى وصلوا لما هم فيه، كما أنهم يبذلون جهودا وأموالًا لمتابعة كل ما هو جديد في الطب وحضور مؤتمرات وتقديم أبحاث جديدة في تخصصاتهم.. أليس من حقهم أن يجنوا ثمار تعبهم؟! 

 

نقول: من حقهم.. لكن من حق وطنهم عليهم أيضًا أن يردوا له الجميل في أبنائه.. وألا يغالوا في أتعابهم وكفى المرضى ما يلقونه من مشقة وعناء في تدبير نفقات الأشعات والتحاليل والدواء الذي صعدت أسعاره لعنان السماء.. من حق الأطباء أن يتقاضوا ما يكافيء تعبهم لكن ليس من حقهم أن يحولوا المهنة لتجارة وجشع يرهق المرضى ويزيدهم تعبًا أو يحرمهم من الحصول على أبسط حقوقهم في الرعاية الصحية والدواء.. وكفى جشع التجار والمحتكرين الذين رفعوا السلع والخدمات بلا مبرر.

الجريدة الرسمية