رئيس التحرير
عصام كامل

إمام المصريين.. أقباط مصر يحتفلون بمرور 12 عاما على اختيار الطيب شيخا للأزهر الشريف

الإمام الأكبر مع
الإمام الأكبر مع البابا تواضروس

حرص رجال الكنائس المصرية ومثقفون وبرلمانيون أقباط على توجيه التهنئة للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب؛ بمناسبة مرور 12 عامًا على اختياره شيخًا للأزهر الشريف؛ حيث أجمعوا على أن الإمام الطيب ليس إمامًا للمسلمين فحسب، بل إمامًا للمصريين أجمع. 

واستدل المتحدثون على ذلك بالمواقف العديدة للإمام الطيب التي عكست وطنيته وإنسانيته وتسامحه. كما شددوا على أن الإمام الأكبر أثبت في عديد المواقف أنه كان ولا يزال عنوانًا للوسطية ورمزًا للاعتدال ودليلًا إلى الخير. 

كما نفوا جميع الاتهامات والتجاوزات التي تطاله من بعض المراهقين وضعاف النفوس والباحثين عن الشهرة، وأكدوا أن الإمام الطيب اسم على مسمى في كل شيء، وأعربوا عن أمنياتهم الطيبة له بمديد العمر ودوام التوفيق والسداد في كل خطواته.

 

مسيرة وطنية

ثمنت قيادات كنسية مسيرة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب على رأس مشيخة الأزهر الشريف خلال الاثنتى عشرة سنة الماضية، واعتبرتها مسيرة مظفرة وسيرة طيبة. وأجمعت على أن الإمام الطيب كان ولا يزال رمزًا للاعتدال والوسطية والإنسانية والإخوة والحب والسلام. 

رجال الكنائس المصرية الذين تحدثت فيتو" إليهم أعربوا عن امتنانهم وعميق تقديرهم للإمام الطيب بما له من أيادٍ بيضاء على العلاقة بين مسلمي مصر وأقباطها، ولعل أبرزها: بيت العائلة المصري الذي يعد عنوانًا للعمل الإنساني والوطني المشترك.

من جانبه تحدث القمص موسى إبراهيم، المتحدث الرسمى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، عن تغيير سياسة الأزهر تحت قيادة الدكتور الطيب، مؤكدًا أن شيخ الأزهر يتميز بكونه شخصية مفكرة ويتمتع بأفق متسع، وهذا انعكس على العمل والدور الذى يقوم به الأزهر فى المجتمع المصرى، من خلال التوجيهات الأكثر حداثة فيما يتعلق بمستوى الرؤية الخاص بالمؤسسة.

وهو ما انعكس على مستوى الخريجين من المشيخة مؤخرا، وعلى مستوى العلاقات بين الأزهر والكنيسة ففيها تناغم واضح من خلال اللقاءات العديدة التى تجمع شيخ الأزهر والبابا تواضروس الثانى من خلال طرح القضايا والموضوعات التى تعنى بالهم الوطنى المشترك ودائما نلمس الرؤية المستنيرة لفضيلة الإمام الأكبر، وخير دليل على ذلك هو وجود بيت العائلة المصرى والذى يعد ثمرة فكرة الأزهر والكنيسة المصرية بقياداتها سواء الراحل البابا شنودة ومن بعده البابا تواضروس، خاصة أن دور بيت العائلة المصرى أصبح يزداد من وقت لآخر داخل المجتمع المصرى كنوع من أشكال التقارب والعمل المشترك لصالح الوطن وتطوير المجتمع.

 

القضاء على الفتنة الطائفية

وأضاف "القمص إبراهيم" فى تصريحات خاصة لـ"فيتو" أن وجود شيخ الأزهر على رأس المشيخة قضى على محاولات زيادة الفتنة الطائفية فى بعض الأوقات من تاريخ الوطن فى الفترات الماضية، وعلى الجانب الآخر فالأزهر والكنيسة مطالبين بمضاعفة الجهود التى من شأنها من أن تزيد وعى المجتمع، مشددًا على أن الأصوات التى تتحدث عن اتهام الأزهر بالعنصرية لم يعد لها مكان على أرض الواقع.

وصارت خافتة وفى تراجع مستمر بفضل ما قدم على الأرض بالفعل من خلال مؤسسة الأزهر وقياداتها، كما يجب أن نشغل أنفسنا بالعمل معًا لأن المعطلون موجودين فى كل زمان ومكان، ولا يجب أن يشغلنا ما يعطل، ويجب أن نعمل على زيادة ما يدفعنا إلى الأمام.

وختم المتحدث الرسمى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، تصريحاته بتقديم التهنئة لفضيلة الإمام الأكبر بمناسبة ذكرى توليه مقاليد الأمور على رأس مؤسسة كبيرة وعريقة ولها دورها الوطنى وهى الأزهر الشريف، وأضاف قائلا: "نطلب له المزيد من الصحة والقوة والعافية ليستكمل المسيرة لأجل الوطن".

راعى كنيسة القديس كيرلس للروم الكاثوليك بمصر الجديدة، ومقرر لجنة الإعلام فى بيت العائلة المصرى الأب رفيق جريش،  

قال: بعد اختيار الإمام الطيب شيخًا للأزهر الشريف بدأنا نلاحظ التغيير الذى طرأ على نظام العمل داخل المشيخة، على الرغم من صعوبة هذا التغيير لكنه استطاع أن يقود هذا العمل داخل الأزهر بحكمة القائد البليغ. 

مشيرًا إلى أن الفترة الأولى الخاصة بتواجد شيخ الأزهر على رأس المشيخة شهدت عددا من حوادث الفتن الطائفية، مثل حادث كنيسة القديسين، ومن بعدها جاءت فكرة بيت العائلة المصرى والذي لم يوجد له مثيل فى أي دولة أخرى، والتى تقوم على فكرة العمل المشترك بين أتباع الأديان المختلفة فى الدولة الواحدة.

 

بيت العائلة

وأشار إلى أن فكرة إنشاء بيت العائلة كانت من اقتراح شيخ الأزهر حيث نجح خلال الفترة الماضية وأد العديد من حوادث الفتنة الطائفية نظرًا لاعتماده فى الأساس على العمل الاجتماعى المشترك بين المسلمين والمسيحيين من خلال لجان البيت مثل لجنة الشباب والتعليم، وغيرها من اللجان المنتشرة فى كافة فروع البيت على مستوى الجمهورية، والتى وصلت لـ15 فرعا حتى الآن.

مشددًا أنه على المستوى الشخصى شيخ الأزهر لم يشعر من حوله فى يوم من الأيام وجود أي فوارق بين المسلمين والمسيحيين، وحتى على مستوى التعبيرات الشخصية التى يستخدمها يكون حريصا تماما على انتقاء المفردات التى تؤكد على تقارب عنصرى الأمة.


ووجَّه "جريش" من خلال تصريح خاص لـ"فيتو" رسالة خاصة لشيخ الأزهر بمناسبة مرور 12 عاما على توليه مقاليد الأمور فى المشيخة، قائلًا: «نتمنى لك سنين كثيرة، وتظل إمامًا للمصريين جميعًا لأننا نعتبرك أخا أكبر، لأنه دايما يظهر اهتماما خاصا بنا وافتقد لرؤيتنا، ونشكر ربنا عليه وسنين كثيرة فى صحة دائما».

وبدوره.. أكد القس رفعت فكرى سعيد، رئيس مجلس الحوار بالكنيسة الإنجيلية والأمين العام المشارك بمجلس كنائس الشرق الأوسط، أن شيخ الأزهر يقوم بمجهودات كبيرة فى عملية التقارب بين الناس، وكان من نتائج هذه الجهود وجود بيت العائلة المصرى والذى احتفل بمرور على عشر سنوات على إنشائه مؤخرًا وانتشاره فى عدد من المحافظات ذات الطابع الخاص فى الصعيد.

 وعمل على حل عدد من المشكلات الطائفية قبل تفاقمها، مع التأكيد على أنها تحتاج إلى زيادة المجهودات، مشيرًا إلى أنه على مستوى وثيقة الأخوة الإنسانية التى وقعها شيخ الأزهر مع بابا الفاتيكان فى العاصمة الإماراتية أبو ظبى عام 2019، فهى تعد وثيقة تاريخية تساوى بين حقوق البشر بعيدًا عن تصنيفات الجنس أو العرق، واهتمت بحقوق المرأة وذوى الاحتياجات الخاصة كما أنها دعت إلى العيش المشترك بعيدًا عن الحروب.

 

الأخوة الإنسانية

وأضاف "القس رفعت" فى تصريحات خاصة لـ"فيتو" أننا بحاجة إلى تسليط الضوء أكثر على بنود وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل الاستفادة منها فى زيادة القواسم المشتركة بين عناصر المجتمع المصرى من أجل زيادة التوعية لأبناء الشعب المصرى، لافتا إلى أن اتهام الأزهر بالتطرف غير صحيح على لإطلاق خاصة أن شخصية الإمام الأكبر معتدلة ومتزنة ويعمل على نشر الاعتدال.

كما أن تصريحاته دائما متزنة، مؤجهًا رسالة خاصة لشيخ الأزهر فى ذكرى الاحتفال بتوليه مقاليد الأمور داخل المشيخة قائلا: "كل سنة وفضيلتك طيب، ونتمى لك المزيد من أجل الإنسانية والعيش المشترك والتقارب الإنسانى بين البشر وترسيخ مفهوم أن الدين جزء من حلول المشكلات وليس جزءًا من المشكلة ونطالب المزيد من تجديد الفكر الديني".

 

إمام المصريين

من جانبها تحدثت الكاتبة القبطية مريم توفيق مؤلفة كتاب "إمام المصريين" والتى تناولت من خلاله ملامح شخصية شيخ الأزهر الشريف، عن دوره فى إثراء الحركة الفكرية والثقافية التى تهدف إلى زيادة تلاحم أبناء الشعب المصرى الواحد، حيث قالت: أعرف فضيلة الإمام الأكبر منذ 11 عاما، ووجدته إنسانا وسطيا، وأستطيع القول بصوت عال: إن فضيلة الإمام الطيب  شخص لن يجود بمثله الزمان، من ناحية الخلق الرفيع وصفة التواضع التى تجبر الجميع على محبته، بجانب احتوائه للجميع، كما يتسم بالحكمة والتعقل وضبط النفس.

وكلامه دائما يكون بميزان من ذهب، ورأيت منه محبة خاصة فى أول لقاء جمع بيننا، وأصبح بينا احترام، كما أنه يمثل الإسلام الوسطى السمح، كما أخبرنى أنه ضد مصطلح الأقليات وقدم عليه لفظ المواطنة، بحيث يكون هناك تساوٍ فى الحقوق والواجبات بين المسلمين والمسيحيين.

واستطردت “توفيق” التي تكتب مقالًا أسبوعيًا في جريدة “صوت الأزهر”: الإمام الطيب يشيد بالسيدة مريم البتول، ويؤكد أن لها سورة على اسمها فى القرآن الكريم وهذا كلام يسعدنا جميعًا، كما أنه دائما يتحدث عن الأحاديث النبوية الشريفة التى تتحدث عن الأقباط وحسن التعامل مهم ويذكر لنا حديث: " استوصوا بأقباط مصر خيرًا، وغيرها من المصطلحات التى نحتاج إلى ترديدها بين الشباب من أجل تغيير الأفكار المغلوطة لديهم.

واختتمت “توفيق”: "أعتز جدًا بمعرفة شيخ الأزهر على المستوى الإنسانى، خاصة أنه إنسان فى منتهى البساطة، ولا يوجد فى قاموسه أي كبر أو تعالٍ وفاتح بيته للجميع، وأذكر خلال زيارتى له فى الأقصر فى الصيف الماضى وبعد جلوسى معه استأذنت منه أن يجلس السائق الخاص بى فى مكان بعيد عن حرارة الشمس ففوجئت برده أن السواق سيجلس معنا على سفرة واحدة ونأكل سويا من نفس الطعام، وأبدى اندهاشه من جلوسه فى مكان بعيد، وأخبرنى أن الأصول أن يجلس السائق معنا ويأكل من نفس أكلنا. فشيخ الأزهر بمنزلة قلب ملاك يسير بيننا على الأرض، كما أن لديه ذكاءً لا يستهان به.

وعن بعض التجاوزات الظالمة التي تطاله.. ردت “توفيق”: هذا كلام غير صحيح على الإطلاق، ودعنى أذكر أنه قبل معرفتى بفضيلة الإمام كان لدى تخوف مثل الكثيرين حول مصداقية الرسائل التى تخرج من المؤسسات الدينية حول ضرورة العيش المشترك والقواسم المشتركة بين أبناء الشعب المصرى، ومن شوه تلك الصورة بالفعل هم المتشددون من المسلمين وليس عامة المسلمين، من خلال وجود عدد من الوقائع الصادمة التى أثارت الفزع فى قلوب المسيحيين فى مصر والدول العربية، وأؤكد أن تلك الحالة لدى الأقباط ساهم فى صناعتها المتشددون من التيارات الإسلامية، ولا يمكن القول إن عامة المسلمين يؤيدون ذلك، بل على العكس تمامًا نحن عشنا دائما فى فترات سلام بين أبناء كافة الشعب المصرى الواحد".

 

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية