رئيس التحرير
عصام كامل

اختلافهم رحمة.. كيف كان حال فقهاء الصحابة؟

الفقه الإسلامي
الفقه الإسلامي

 تبادل الاتهامات بين مشايخ الفقه الإسلامي بعدم تلقي العلم الشرعي الصحيح، واحدة من الظواهر المثيرة للجدل خلال السنوات الماضية هي، وتصل الاتهامات بالبعض للطعن في شهادة الآخر العلمية، أو عدم أهليته للفتوى. 

والسؤال: كيف كان حال الفقهاء من الصحابة؟، ولماذا كان اختلافهم رحمة؟، ولما تعددت المذاهب في الإسلام؟، وكيف لم ينتقص أحدهما من الآخر؟ 

اجتهاد الفقيه

يقول الداعية عادل الكلباني، الإمام السابق للمسجد الحرام، أن رجل الفقه الإسلامي مهما اجتهد سيصل به اجتهاده إلى تبني رأي من آراء السابقين، وإن كان الدليل بين يديه يراه في نظره الحق المبين، مردفا: لكن أصبحنا نكثر في كتاباتنا وأحاديثنا وإعلامنا ومجالسنا عن طبيعة الخلاف الفقهي بين فقهاء المسلمين.

أضاف: لعل ذلك قد أصبح من البديهيات المسلّم بها في الفقه الإسلامي، فإنه منذ نزول القرآن على النبي صلى الله عليه وآله وسلـم وهو يفيض بالمواعظ والإشارات الروحانية كما يفيض بالأحكام والفقهيات البينة والمستنبطة، وفيه قال المولى تعالى «لعلمه الذين يستنبطونه منهم».

وتابع: أخبرنا الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلـم أن هؤلاء المستنبطين قد تتفاوت أفهامهم للأدلة، وفي ذلك قال نبينا صلى الله عليه وآله وسلـم: "فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه"، مردفا: لا يختلف مسلمان أن الصحابة اختلفوا في مسائل كثيرة، كما تعددت آراؤهم في المسألة الواحدة انطلاقًا من مصدر ودليل واحد في الاستدلال.

واستكمل: أكثر ما يمثل به الفقهاء اختلاف الصحابة في أداء صلاة العصر في غزوة بني قريظة، إذ اختلفوا في فهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلـم لهم: "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة"، وحين أدركتهم الصلاة قبل وصولهم اختلفوا، فبعضهم صلى لظاهر الأمر، وبعضهم أخّر لمراد الأمر.

وقال: لكن لم يخطّئ بعضهم بعضًا، وعمل كل أحد منهم بما فهمه واحترم رأي الآخر من دون أدنى شتيمة، ولا سباب، ولا تضليل، ولا قال أحدهم للآخر: أتتركون قول الرسول لرأي فلان وفلان، لأن هذا الاتهام قد ينحو بصاحبه إلى تكفير المسلمين عامة.

اختتم حديثه: الصحابة ضربوا لنا أروع الأمثلة في احترام الرأي والرأي الآخر الناتج عن نظر واستنباط في الأدلة الشرعية، ومن ثم تشعبت فقهيات المسلمين بناءً على اختلاف أفهامهم وأزمانهم وأماكنهم.  

الجريدة الرسمية