رئيس التحرير
عصام كامل

لصوص..لكن طلقاء!!

أحمد العدوى صحفى شاب يقطن بمدينة بنها، يضع سيارته الخاصة أمام منزله بشارع كلية التجارة وهو شارع حيوي للغاية يقع بجوار العديد من المؤسسات الأمنية.. استيقظ أحمد صباحًا ليجد سيارته وقد سُرقت، وقبل أن يتحرك من موقعه تلقى اتصالا هاتفيًا من اللص الشجاع: أستاذ أحمد.. سيارتك لدينا ويمكنك استردادها مقابل خمسين ألف جنيه!

 

ارتبك أحمد أمام الاتصال الجريء وتوجه على الفور إلى قسم ثان شرطة بنها وحرر محضرا تحت رقم (٥١٣) بالواقعة، وطلب من السيد كاتب الاستيفا كتابة رقم الهاتف الذى تلقى منه الاتصال.. فرفض السيد محرر المحضر ذلك.. بعد لحظات من خروج أحمد من قسم الشرطة تلقى اتصالا من اللص الشجاع وهو يعاتبه على توجهه إلى قسم الشرطة، ومتوعدا إياه بأنه سيخسر سيارته.

 

عاش أحمد صراعًا مريرًا، فقد تعلم طوال حياته أنه أمام مثل هذه المواقف لا بد أن يتوجه إلى قسم الشرطة ليحرر محضرًا بما حدث له.. هو التزم ما تعلمه في حياته.. تواصل اللص الجريء مع أحمد مرات ومرات، طالبًا منه تجهيز المبلغ ليسترد سيارته.. المثير أن أحمد عندما حرر المحضر طُلِب منه (بضم الطاء) ألا يسرد فى محضره أنه يتلقى اتصالا من اللص.

 

وأحمد الآن يعيش حالة من الارتباك الشديد، نصحه بعض الرفاق أن يدبر المبلغ ويسترد سيارته وحذره آخرون أن يستسلم لهذا الابتزاز، خاصة أنه لا يضمن استعادة سيارته إذا دفع المبلغ.. المشكلة الثانية التى يعانى منها الصحفى الشاب أنه لا يعرف كيف يسلم المبلغ إن هو أراد الاستسلام ولا يعرف حجم الأخطار التي يمكن أن يواجهها إذا ما تعامل مع اللصوص الذين يراقبون قسم الشرطة.

 

جبروت اللصوص

 

ومشكلة أحمد ليست فردية، كثيرون يتعرضون وبشكل يومى لما تعرض له، وكلهم يقعون تحت سطوة وسيطرة وجبروت لصوص يعيثون فى الأرض فسادًا ولا تردعهم القوة الأمنية.

أعرف مثل غيرى أن للشرطة أياد بيضاء وتبذل جهودًا كبيرة لحماية الناس وممتلكاتهم، ويستردون الكثير من المسروقات ويقبضون على الكثير من اللصوص.

 

ما نتناوله ليس حكرًا على بنها، فمن قبل سُرقت شقة زميلنا ياسر نصر الصحفى بالجريدة، سُرقت مجوهرات زوجته بالكامل، واستطاع ياسر أن يجمع من كاميرات الشارع لقطات للص، ولم يكتف ياسر بذلك بل وصل إلى الاسم الكامل للص والسيرة الذاتية له، وحرر محضرًا بالواقعة بقسم شرطة الهرم، ومضى على المحضر المحرر خمسة عشر شهرا.. لا ياسر استرد حقه ولا قسم الشرطة قبض على اللص.

 

مثل هذه القصص تمثل إزعاجا لكل الأطراف.. للشرطة التى تعانى من حجم أعباء كبير وللمواطن الذى يشعر بالعجز إزاء لص معروف ويمارس نشاطه فى أمان كامل.

ومشكلة أحمد وياسر هو الإحساس بالقهر أمام حالة من حالات لي الذراع والعجز الكامل أمام حق ضائع، خاصة أن اللص فى هذه الحالة يمارس نشاطه بجرأة غريبة وكأنه يضمن السلامة لنفسه ولنشاطه.

 

وأمام مثل هذه المواقف ما هو المطلوب من المواطن؟ هل نطالبه بالتعامل مع اللصوص فنصبح فى غابة.. وماذا نفعل بعد تقديم البلاغ وكيف يمكن للمواطن متابعة محضره؟

منطقيًا فإن اللجوء إلى الجهات الأمنية هو التصرف الطبيعى أمام جرائم السرقة أو الابتزاز أو أي جريمة من أي نوع، ومن المنطقى أن تسارع الأجهزة الأمنية بالوصول إلى هؤلاء المجرمين.

 

 

الحاصل أن حجم الأعباء الأمنية يمثل ضغوطا على رجل الأمن، ومع تزايد تركيب الكاميرات فى الشوارع أصبح الوصول إلى أبطال هذه الجرائم أسهل مما كان فى الماضى.. فقط ينقصنا فكرة الإرادة وتوفير الإمكانات الفنية لأجهزتنا الأمنية.

الأمر كله مطروح أمام السادة مسئولي أمن مصر فالقصة لا تخص أحمد وياسر فقط.. القصة مكررة ومملة ومحبطة.

الجريدة الرسمية