رئيس التحرير
عصام كامل

البؤر الإجرامية في المنيا.. إمارة أبو هلال وولاية هولاكو يرفعان الراية البيضاء

قوات الأمن المصري
قوات الأمن المصري - صورة ارشيفية

أطلق عليها «محافظة الدم والنار»، فلم يكن ذاك التعبير جُزافًا، ولكن البؤر الإرهابية والإجرامية التى استوطنت وترعرت بداخلها كانت سببًا رئيسيًا فى هذا الاسم الذى طالما ارتبط بها وصاحبها طيلة سنوات طويلة، حتى تم محوه بإرادة الله ومخططات الأجهزة الأمنية.. مرحبًا بكم فى محافظة المنيا.


نسطر لكم فى التقرير التالى كيف استطاعت وزارة الداخلية السيطرة على بؤر إرهابية كانت بمنزلة مصنع لتصدير شخصيات حاولوا إسقاط الدولة فى السنوات الأخيرة الماضية، وكيف توغلت الجماعة الإرهابية فى مناطق بعينها لاستقطاب عناصرها.


فى «حى أبو هلال» الكائن جنوب مدينة المنيا، ذلك الحى المعرف عنه منذ القدم أنه بؤرة إرهابية، فقد سيطرت تلك الجماعة على أكبر مسجدين بها وهما: مسجد عمر بن الخطاب ومسجد الرحمن، استغلت الجماعة الإرهابية الفقر والبطالة والعوز الذى عانى منه ساكنو تلك المنطقة طيلة 30 عاما، ورسم المتشددون خططهم للسيطرة على أكبر عدد من أهالى المنطقة شبابا كانوا أو شيوخا، والأكثر من ذلك السيطرة على تعاطف القاطنين بتلك المنطقة وخاصة النساء.

 

خدمة الفقراء

بدأ المتطرفون فى توزيع سلع تموينية متنوعة ما بين المجانى على الأسر الأكثر فقرًا، وبين المنخفض سعرها على الأسر متوسطة الحال، فى محاولة منهم لإيهام ساكنيها بأنهم جماعة تدعو إلى خدمة المحتاجين، وهذا لسببين رئيسيين: السبب الأول: لاستخدام أهالى المنطقة كدروع بشرية أمام الداخلية إذا لزم الأمر، والسبب الآخر والأهم: هو تغيير فكر أهالى المنطقة لما كان يفعله فى السابق "على عبد الفتاح"، من أمراء الجماعة الإسلامية بأبو هلال الذى قام بتأسيس ما يسمى بفرقة الشواكيش التى كانت تقوم بتطبيق الحدود على أهالى المنطقة.


ولم نستطع أن ننكر نجاح تلك الجماعة فى مخططاتها، فاستطاعوا كسب عطف قاطنيها واستقطاب عدد لا بأس به من الشباب، ناهيك عن السيطرة على أهم مسجدين فى المنطقة بعدما اعتلوا منبره، وفقدت الأوقاف السيطرة عليهم.

 

الجماعات الإسلامية

فعاصم عبد الماجد، وصفوت عبد الغنى، وأبو العلا ماضى، وغيرهم من قيادات الجماعة الإسلامية كانوا زوارا أساسيين لتلك المنطقة، وجاءت ثورة يناير واستغل المتشددون الانفلات الأمني وبدأت مصانعهم فى تفريغ شباب المسيرات والتخريب والإرهاب والعنف تنادى بإسقاط الدولة، محتمين بعدد كبير من الخارجين على القانون، وبدأت أعمال التخريب فى أقسام الشرطة والكنائس القبطية ومنازلهم، والسيطرة على أموالهم بحجة أنها ملكية للمتشددين لشراء أسلحة نارية وذخائر يواجهون بها الداخلية، فقد طال التخريب الجميع حتى إن المدارس والهيئات النيابية والمحاكم لم تسلم منه.

 

إمارة إرهابية

وفى ظل حكم محمد مرسى، الرئيس المعزول، للبلاد، أصبحت تلك المنطقة بمثابة إمارة إرهابية، فلك أن تتخيل منطقة يقطنها أكثر من 20 ألف شخص تصبح فى قبضة الإرهابية خط دفاع منيع لهم أمام أجهزة الأمن.

ولكن لم يطل الأمر كثيرا، واندلعت ثورة 30 يونيو، وبدأت وزارة الداخلية فى رسم خططها لاسترجاع تلك المنطقة من عرين الجماعات الإرهابية، تملكت قبضتها من السيطرة عليها، وتعلمت الحكومة المصرية منهج استقطاب الشباب من خلال الفقر والبطالة والعجز وعدم التطوير، وبدأ رجال وزارة الداخلية فى القبض على عناصر الجماعات الإرهابية المتشددة بها بعدما تغلغلت بينهم، وعلمت أماكن تواجدهم والأماكن المترددين عليها، حتى استطاعت أن تلقى القبض عليهم، وليس ذلك فحسب، بل تمكنت الأجهزة الأمنية من إعادة منابر الإرهاب بمنطقة أبو هلال إلى وزارة الأوقاف مرة أخرى، وتم القضاء على البؤر الإرهابية بداخلها من خلال أكمنة ثابتة ومتحركة.

 

جهود الدولة

وبدأت الدولة المصرية فى تطوير المنطقة، فقد تم تطوير عشش محفوظ وتغيير اسمها إلى روضة محفوظ، ومدينة العمال، وكذلك تغيير المرافق بمنطقة أبو هلال جنوب المنيا، تلك المناطق التى ظلت لسنوات قبل تولى الرئيس تعانى الكثير، فقد تم إعادة تأهيل شبكات المرافق من الصرف الصحى والرصف والإنارة، لتوفير حياة آدمية وصالحة للعيش بها.

ومن المنطقة الأكثر إرهابا إلى الولاية الأكثر إجرامًا؛ ولاية هولاكو داخل قرية البدرمان التابعة إداريا لمركز ومدينة ديرمواس أقصى جنوب محافظة المنيا، فمنذ قديم الزمان عرفت تلك القرية بأنها قرية تزرع السلاح، خاصة بعدما سيطر عليها أولاد حسين المعروفون إعلاميًّا بـ«ولاية هولاكو».

فعلى الرغم من ملفه الإجرامى هو وعائلته، ومن اتبعه من الخارجين على القانون، إلا أن قُبول خبر تصفيته كالصاعقة على قلوب أهالى قرية البدرمان.. إنه «على حسين هولاكو» صعيد مصر الذى ذاع صيته الإجرامى وإدارته لمجموعة خارجة على القانون، متخذين جبال المنيا مأوى لهم، مؤمنين أنفسهم بأسلحة ثقيلة متحدين أجهزة الأمن والقانون.

 

ولاية هولاكو

فقد داهمت أجهزة الأمن مرارًا وتكرارًا المنطقة الجبلية القاطنين بها، إلا أن الصحراء الشاسعة جعلت جميع محاولاتهم تبوء بالفشل، وذات ليلة قرر «علي حسين هولاكو» النزول من الجبل على قرية البدرمان لتصفية حساباته مع أحد الأشخاص، ودارت بينهم مشاجرة عنيفة أسفرت عن مقتل هولاكو الصعيد بطلق ناري.

الجميع تيقن أن أسطورة على حسين قد انتهت بمقتله، إلا أن شقيقه تامر حسين أو كما كان يلقبونه تامر أبو حسين، أبى ذلك، وقرر استكمال مسيرة شقيقه، وبدأ يترأس ولاية هولاكو بعد مقتل الشقيق الأكبر علي حسين.

اعتلى تامر حسين جبال البدرمان متخذًا من رجال شقيقه درعًا له، وبدأ يسطو على المواطنين والمحال التجارية، وبطشت يداه بأقباط المدينة، وتوسعت دائرة إجرامه، ويزداد شقيق هولاكو الصعيد قوة، وقرر تامر الاستعانة بشقيقه صدام حسين، ليخلف أشقاء علي حسين ولاية هولاكو، وفور علم قوات الأمن بأعمال أولاد حسين الإجرامية قررت قوات أمن المنيا حسم الأمر، والقبض عليهم لقطع دابر هولاكو الصعيد نهائيًا.

فتم تشكيل حملة بقيادة اللواء فيصل دويدار، مدير أمن المنيا، آنذاك ومشاركة العميد عبد الفتاح الشحات، رئيس مباحث المديرية آنذاك، تنسيقًا مع العميد علاء الجاحر، رئيس فرع الأمن العام، ومشاركة العميد هشام بشر، رئيس فرع البحث للجنوب، والمقدم علاء جلال رئيس مباحث ديرمواس.
وبمجرد اقتراب الحملة من قرية نزلة البدرمان، وشعور المطلوبين بقدوم القوات، بادروا بإطلاق النيران، مما اضطر قوات الشرطة إلى التعامل معهم، وذلك خلال استقلالهم سيارة جيب، أسفر ذلك عن مصرع كل من «تامر وصدام وحسن»، أشقاء «علي حسين»، المعروف بـ«هولاكو الصعيد»، بالإضافة إلى «علاء شامي»، أحد أفراد العصابة، وتم قطع دابر ولاية هولاكو على يد أجهزة الأمن بالمنيا.

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية