رئيس التحرير
عصام كامل

مصر 2021.. مستثمرون ورجال صناعة ينتقدون سياسة "مدبولي": أضرت بالاستثمار

الدكتور مصطفى مدبولي
الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء

منذ تم تكليفها قبل 3 سنوات بالمسئولية..تعمل حكومة الدكتور مصطفى مدبولي بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي بجد وإخلاص وتجرد، ومع اقتراب العام 2021 من حزم حقائبه؛ استعدادا للرحيل واقتراب عام جديد، فإن وزارات الحكومة المختلفة أصدرت بيانات عدَّدتْ خلالها ما اعتبرته إنجازات تمت خلال العام الحالي. 

لا ينكر أحد الجهد المبذول من جانب الحكومة في قطاعات مختلفة، معظمها يتعلق بالجانب الإنشائي والعمراني، فضلًا عن قطاعات أخرى محدودة، مع الاعتراف الكامل بأن الحكومة لا تدخر جهدًا في إحداث حالة من التنمية الشاملة، إلا إن ذلك لا يمنعنا من إلقاء الضوء على عدد من الإخفاقات التي كان المصريون يأملون تحقيقها خلال هذا العام؛ بهدف العمل على تداركها سريعًا، وكذلك المأمول من الحكومة إنجازه وتنفيذه خلال العام 2022.

التعليم والصحة

قطاعات التعليم والصحة لا تزال مظلومة وبانتظار من ينظر إليها باهتمام ويمنحها قبلة الحياة ويتعامل معها بما تستحقه، المجتمعات المتحضرة تولي المدرسة والجامعة والمستشفى اهتمامًا متعاظمًا، ولا يزال كثير من المراقبين والمتابعين غير راضين عن السياسات الاقتصادية لحكومة الدكتور مصطفى مدبولي، ويجمعون على أن حالة من الارتباك تسيطر عليها.

هذا الارتباك ربما يكون ناجمًا عن عدم الوعي والتخطيط اللازمين، فالملف الاقتصادي من أكثر الملفات احتياجًا لإعادة النظر والدراسة والتخطيط الجيد؛ حتى تتحرر مصر من الأعباء الاقتصادية المتراكمة عليها.

السطور التالية تتناول بقدر كبير من الموضوعية والحيادية بعض ما إنجازه خلال العام الجاري، وما يترقب المصريون تحقيقه خلال العام المقبل..

 

سياسة اقتصادية

تتبع حكومة مصطفى مدبولي منذ توليها المسؤولية سياسات اقتصادية حققت طفرة في بعض القطاعات، لكنها لم تلق قبولا من بعض القطاعات الاقتصادية الأخرى، مثل: الصناعة والاستثمار، وكذلك فيما يتعلق بإدارة ملف البورصة المصرية والطروحات وتخارج الأجانب.

ويجمع مستثمرون ورجال أعمال على أن هناك مشكلات تتعلق بالسياسة المالية والنقدية،  وكذلك مشكلات تتعلق بالتنوع الاستثمارى وإعادة تشغيل المصانع المتعثرة التي تصل إلى 7 آلاف مصنع، كذلك ما يتعلق بالاستثمار غير المباشر والضرائب الرأسمالية والقرارات الحكومية فيما يتعلق بالرقابة على الأسواق.

بداية.. قال محمد جنيدى نقيب المستثمرين الصناعيين: إن المستثمرين المصريين والأجانب لا يزالون يعانون من البيروقراطية الحكومية بالتوازى مع معاناة المستثمرين المصريين مع البنوك، حيث إنها مازالت متشددة مع المصانع المتعثرة ولا تسعى لحل مشكلاتها المزمنة فهناك نحو 7 آلاف مصنع ما بين متعثر ومغلق تماما، بسبب عدم قدرته على مواجهة متطلبات الإنتاج من مواد خام ومدخلات إنتاج، مضيفًا لـ"فيتو": لا توجد حوافز تصديرية ولا يوجد تنمية للاستثمار أو التصدير كذلك لا يوجد إعفاءات لمدد كبيرة للصناعة، فضلا عن معاناة المستثمرين من غياب الثقة والشفافية والنظرة الاستثمارية بعيدة المدى.

"جنيدي" استطرد: لدينا 5 تريليونات جنيه ودائع بالبنوك في مصر ويتم استخدام 42 % فقط في تمويل المشروعات منها 70- 80 % في السندات وأذون الخزانة بالمقارنة ب 95% من الودائع بدولة الإمارات العربية المتحدة يتم استخدامها في تمويل المشروعات...لافتا إلى أن رجال الصناعة يعانون من منظومة استثمارية غير مكتمل.

السياسات المالية والنقدية

وشدد جنيدي على ضرورة إصلاح السياسة المالية والنقدية ووضع إستراتيجية استثمارية طويلة المدى مضيفا: حكومة مصطفى مدبولي كانت تستهدف تحقيق 100 مليار جنيه، لكنها لن تحقق أكثر من 25 مليار جنيه في ظل مناخ استثمارى غير مؤهل ومسئولين غير مؤهلين وعجز في الميزان التجارى.

ودعا جنيدى  إلى اتخاذ عدة إجراءات لدعم الصناعة والاستثمار في مصر، من خلال إلزام الحكومة بحل مشكلات الصناعة والاستثمار وفقا لبرنامج زمنى محدد، أسوة بمشروعات الإسكان والطرق والكبارى، كذلك وضع إستراتيجية استثمارية طويلة المدى تصل إلى 50 عاما، يتم من خلالها وضع أولوية كبرى لدعم الصناعة والاستثمار والتصدير، وإلزام البنوك بحل مشكلات القروض والتصالح مع المستثمرين ومراعاة ظروفهم دون الضغط عليهم بالقضايا الجنائية.

وبدوره.. قال خبير سوق المال أيمن فودة: لم يتمخض اجتماع أطراف السوق ورئيس الحكومة مؤخرا مع قيادات منظومة سوق المال عن جديد يذكر كمحفز للسوق في الوقت الحالى، ورفع الأعباء عن مستثمرى البورصة.

لم يكن تخفيض تكلفة التداول بهذه النسبة الهزيلة على مقابل الخدمات المستحدثة في الأساس على التعاملات.. أما عما يسمى بالمحفزات، فقد قال السوق كلمته.. لا تأثير على السوق مع استمرار البيع العشوائى والتراجع المستمر ونزيف الخسائر للمتداولين، مضيفًا: السوق الآن يحتاج إلى تشريعات وضوابط تعود بالثقة للمستثمرين بكافة فئاتهم أجانب وعرب ومحليين.. بعد أن تحولت الاستثمارات الأجنبية للأسواق الناشئة المجاورة، وتبددت معظم أموال الأفراد بالقرارات التي تصب دوما في جانب التراجعات والخسائر من وقف أكواد المتلاعبين عن الشراء فقط وترك العنان للبيع، وهو المطلوب لتصريف الأسهم بعد مضاعفة أسعارها.

وكذلك إلغاء العمليات التى تتسبب في ارتفاع المارجن بعد استخدام السيولة في شراء أسهم أخرى ما يترتب عنه البيع الإجبارى.. وإيقاف العديد من الشركات لأسباب إدارية وتقصير من الشركات المقيدة لا يد للمستثمر فيه. علاوة على نقل شركات للقائمة  بدون مقدمات للعميل حامل السهم.. لنصل إلى القرارات المفاجئة بفتح الحدود السعرية على المؤشر الأوسع نطاق خلال جلسة التداول لعدم إيقاف البورصة هبوطا في اليوم الأول لقيد أسهم أي فاينانس.

فقدان الثقة

 كل هذه الإرهاصات أدت إلى فقدان الثقة وتخوف المستثمر من الاقتراب من بورصته التي أصبحت في طليعة البورصات السيئة وسط البورصات الناشئة، وأكد أنه مع كل تلك القرارات والتغييرات المتلاحقة لمواد قانون سوق المال والطاردة للاستثمار تراجعت قيم التداولات وتراجعت رسملة السوق وغابت المنتجات الجديدة مع خروج العديد من الشركات بالشطب الاجبارى أو الاختيارى وتفرغت البورصة من مضمونها كمرأة للاقتصاد وبوابة مهمة للاستثمار المباشر داخل الاقتصاد الكلى، ومنصة مهمة للتمويل مع غياب البيئة الصالحة لطروحات جديدة قوية داخل السوق.

وتابع، أنه مع كل هذه المعوقات فإنه يمكن القول بأنه من أهم مقومات إعادة السوق كبوابة مهمة لجذب استثمارات جديدة وجذب استثمارات جديدة مع مستثمرين جدد.. أن يستوعب طروحات جديدة ناجحة مع عودة بقيم تداولته إلى المليارات، ورسملته إلى ما كانت عليه متجاوزة التريليون كخطوة أولى على طريق التريليونين والثلاثة.. فلا بديل من تدخل القيادة السياسية، ووضع خطة زمنية للنهوض بالسوق من قبل السيد الرئيس بما عهدناه في كافة مشروعات الدولة الناجحة، وبمبادرة جديدة للوصول بالبورصة المصرية لمصاف البورصات المتقدمة، مع تحديد مدة زمنية للوصول إلى ذلك والذي لا يتأتى مع تلك القوانين الحالية وصانعيها، والذين كانوا سببا رئيسيا للوصول ببورصة مصر إلى ما هي عليه.. وكفانا مخدرا وهيا إلى العلاج الحاسم القاطع لكل تلك المعوقات.

وقال هشام حسن مدير الاستثمار بشركة اتش سي لتداول الأوراق المالية إن تهيئة السوق وتوفير كافة احتياجات المستثمر الأجنبي من قوانين مدروسة وحوار مجتمعى وتوازن وآليات مساندة مثل الشورت سيلنج وصانع السوق وغيرها من الآليات المتاحة في الأسواق العالمية وأسواق الدول العربية المجاورة ؛ إلى الآن لا توجد آلية تكنولوجية لتطبيقه في السوق المصرى لاستيعابه والتعامل به ؛ كذلك البورصة السلعية التي تحدثنا عنها كثيرا ولا توجد آلية لتنفيذها.

وفى المقابل فان السعودية احتفلت العام الماضى بإنشاء سوق للمشتقات ذات جودة ضوابط عالمية، تسمح للمستثمر الأجنبي بالدخول للسوق دون خوف من قرارات فجائية تؤثر على أمواله واستثماراته، وأضاف نحتاج إلى جهود حكومية أكثر قوة لإعادة الثقة للمستثمرين لكى يعودوا للسوق مجددا، فنحن مازلنا نعانى من قرارات إلغاء العمليات أثناء جلسات التداول بالبورصة ؛ فالمستثمر يشترى طوال الجلسة ويفاجأ بإلغاء العملية بشكل كامل، وهو ما يعد أزمة حقيقية تستلزم إصلاحها أولا..فإلغاء العمليات بشكل يومى..وترك إلغاء بعض الأسهم يستوجب التوضيح من متخذى قرار الإلغاء عن سبب الإلغاء، وسبب استمرار العمليات على أسهم أخرى دون إبداء سبب.

ولذلك فان غياب الشفافية والتوضيح من القائمين على السوق يؤثر في أداء البورصة وسمعتها محليا وعالميا وشدد على ضرورة أن تتخذ حكومة مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء عدة قرارات تستهدف حل مشكلات البورصة بشكل جذرى، ودون تأخير واستئناف جلسات الحوار مع الجهات المعنية بمنظومة سوق المالـ لرفع كافة الأعباء عن كاهل المستثمرين الأفراد والمؤسسات ومواجهة التلاعبات بقوة وحزم.

أزمة كورونا

رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات محمد المهندس قال: أزمة كورونا كانت فرصة جيدة لإعادة النظر في فاتورة الواردات والحد من الاستيراد من خلال التوجه نحو تعميق المنتج المحلى بالصناعات المصرية مما ينعكس على الصناعة المحلية، لافتا إلى أن المرحلة المقبلة بحاجة إلى توطين الصناعات المغذية ومستلزمات الإنتاج مما ينعكس ايجابيا على الصناعة المصرية.

ولفت المهندس إلى أن ترشيد الاستيراد والورادات يعتبر من أحد أهم الملفات التي اتخذتها الدولة على عاتقها حيث اتجهنا إلى الطريق الصحيح، مشيرًا إلى أن الصناعة مازالت مكبلة بأعباء رغم أنها قاطرة التنمية وعلى سبيل المثال وليس الحصر: ارتفاع سعر الغاز الطبيعى للمصانع في ظل ما تعانيه الصناعة من أعباء أخرى مما يتطلب أهمية النظر في تلك الأعباء من الحكومة خلال المرحلة المقبلة.

وقال المهندس إن دعم الصادرات يعد من أهم الآليات اللازمة لتنمية وتطوير الصادرات المصرية، لافتا إلى أهمية صرف مستحقات الدعم التصديرى للمصدرين، مما يسهم في توفير السيولة النقدية للصناع والمصدرين فضلا عن دوران رأس المال.

وشدد على أن الصناعة المصرية قادرة على المنافسة مع غيرها مثل الدول مثل تركيا والصين مما يستلزم أهمية العمل على رفع وتنمية معدل صادرتنا، منوهًا إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب ضرورة التركيز على السوق الإفريقى، باعتباره سوقا واعدا للمنتجات المصرية، هذا في الوقت الذي استطاعت دول أخرى اختراق هذا السوق مثل الصين، ورحب المهندس بقرار رئيس مجلس الوزراء الخاص بإنشاء المجلس التنفيذي لتعميق المنتج المحلي وتوطين الصناعة الوطنية، لافتا إلى أن هذا القرار يعد خطوة إيجابية وجيدة نحو تفعيل قانون تفضيل المنتج المحلي لسنة 2015 بشكل يفيد الصناعة.

الصادرات المصرية

على جانب آخر أكد أشرف الجزايرلى رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، أن الصناعات الغذائية تعد من أحد أهم الصادرات المصرية، مشيرًا إلى أن صادرات الصناعات الغذائية المصرية بلغت خلال الـ 9 أشهر الأولى من عام 2021 نحو 3 مليارات و136 مليون دولار بنسبة نمو 18% مقارنة بصادرات نفس الفترة من عام 2020 بإجمالى 2 مليار و663 مليون دولار لافتا إلى أن صادرات الصناعات الغذائية حققت نموا بإجمالى 472 مليون دولار.

وقال رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات إنه وفقا لاستراتيجية الحكومة المعلنة نحو تعزيز الصادرات المصرية إلى الأسواق الخارجية فإن هذا الأمر يتطلب مزيدا من الاهتمام بملف التصدير خلال المرحلة المقبلة، هذا في الوقت الذي تستهدف فيه الحكومة الوصول بالصادرات إلى 100 مليار دولار سنويًا.

وقال إن الحكومة ممثلة في وزارة الصناعة أقرت البرنامج الجديد للمساندة التصديرية لدعم الصادرات، فضلا عن أن المرحلة المقبلة تتطلب تنظيم البعثات التجارية للمصنعين والمصدرين، بهدف التوسع بالأسواق الخارجية والمشاركة في المعارض الخارجية بما ينعكس على تعزيز الصادرات بمختلف قطاعتها ويساهم في استقرار معدلات التصدير.

 

نقلًا عن العدد الورقي…،

الجريدة الرسمية