رئيس التحرير
عصام كامل

مصر 2021.. القوى الناعمة.. إقامة معرض القاهرة للكتاب أبرز النجاحات.. والمسارح تحتاج إلى استراتيجية

وزيرة الثقافة
وزيرة الثقافة

"نجاحات كثيرة وتحديات عدة" هو عنوان قطاعات وزارة الثقافة المختلفة في عام ٢٠٢١، الذي شهد عودة فعاليات كثيرة كانت قد توقفت بفعل جائحة كورونا، مع زيادة ملحوظة في الإقبال الجماهيري، بدا واضحا خلال معرض القاهرة للكتاب ومهرجانات الموسيقى التي تنظمها دار الأوبرا وأنشطة قطاع الإنتاج الثقافي، وعودة الزخم للفن التشكيلي من جديد، وعلى الرغم من أنه يمكن اعتبار ٢٠٢١ عام التعافي من جائحة كورونا، إلا أن هناك بعض الملفات التي تحتاج إلى دعم عاجل من الوزارة، وأزمات متراكمة على مدار عقود سابقة لا تزال بحاجة إلى حلول غير تقليدية خلال العام المقبل.

معارض الكتاب

الدكتور صلاح السروي أستاذ الأدب المقارن بجامعة حلوان قال: وزارة الثقافة تحسن أداؤها خلال الفترة الماضية بشكل ملحوظ، مشيرا إلى أن ذلك بدا واضحا من خلال كم معارض الكتاب التي أقيمت مؤخرا، عقب الانفراجة النسبية في أزمة جائحة فيروس كورونا، وأكد أن الهيئة العامة للكتاب دورها يتنامى وتحقق نجاحات معقولة إلى حد ما، مضيفًا: في نفس الوقت فإن عمل الوزارة في الناحية الثقافية والتفاعلية لخدمة رواد معارض الكتاب تراجع إلى حد ما، وذلك بسبب إلغاء الندوات واللقاءات والأمسيات الفكرية والثقافية والتي كانت تعد أحد أهم أشكال قوة المعرض، لأن فعاليته لا تكمن في كونه مكانا لبيع كتب فقط ولكن لكونه فعالية ثقافية ثرية تذخر بها الحياة الثقافية المصرية، قائلا: "ذلك أدى إلى تراجع قيمته بدرجة معينة".

دور الثقافة

"كنت وما زلت أكرر أن مصر تمتلك أكبر حزب سياسي ثقافي فكري على كافة المستويات وهو قصور الثقافة" بهذه الكلمات كشف الدكتور صلاح السروي عن أهمية دور قصور الثقافة والذي لا يتم تفعيله "على حد وصفه"، مشيرا إلى أن الهيئة تمتلك بيتا ومركزا للثقافة في كل محافظة وقرية مما يجعلها أداة قادرة على إحداث تأثير هائل على وعي وفكر وثقافة المجتمع، وتابع: "للأسف إهمال هذه الأداة يمثل هدرا لقوتها وفعاليتها ويخلي الساحة للاتجاهات الإرهابية المتطرفة للمجتمع، والتي تستبد بعقول ووعي البشر خاصة في المناطق النائية والمحرومة من الخدمات الثقافية والفكرية.. دور قصور الثقافة يكاد يكون معطلا بالكامل".

وأوضح "السروي" أن فترة السبعينيات والثمانينيات وحتى التسعينيات كان كل قصر ثقافة يمتلك فرقة مسرحية وفرقة فنون شعبية وفرقة موسيقى عربية كلهم أقوياء حيث حصل بعضهم على جوائز دولية خلال مشاركتهم في المهرجانات بالخارج.

"دور قصور وبيوت الثقافة تحول إلى مكان لإيواء الموظفين" يؤكد أستاذ الأدب المقارن بجامعة حلوان أن الفعالية المجتمعية للهيئة صارت محدودة لأقصى درجة حتى أندية الأدب تكاد تكون "محنطة" لأن من يترأسونها في القرى والمحافظات شخصيات تتواجد في ذلك المنصب منذ عشرين عاما، مضيفا أن المشكلة البنيوية والهيكلية لنوادي الأدب أيضا تجعلها مقصورة على أفراد بأعينهم ولا يمتد تأثيرها الفكري لبقية أفراد المجتمع، وحرمان قطاعات كثيرة من المنتج الثقافي.

أكاديمية الفنون

في سياق متصل، أشار "السروي" إلى أن أكاديمية الفنون ينبغي أن تمد نشاطها إلى باقي المحافظات، لأنها لا تمتلك أفرع لمعاهدها سوى في محافظة الإسكندرية، قائلا: "معندناش أفرع الا في إسكندرية بس.. ولا يصح أن نكون في القرن الـ 21 ومصر رائدة السينما والمسرح لا يوجد سوى معهد أو معهدين لكل تخصص فقط.. لذلك يجب أن تتوسع بفروعها وتغطي أغلب محافظات الجمهورية".

وأكد الكاتب والناقد المسرحي أبو العلا السلاموني أنه وبشكل عام فإن حال مسرح الدولة خلال عام ٢٠٢١ كان يسوده العشوائية، ولا يوجد إستراتيجية أو تصور ورؤية وتحديد ما الذي نريده من المسرح خلال هذه الفترة التي تشهد تحول تاريخي ببناء الجمهورية الجديدة في مصر على كافة الأصعدة والاهتمام بالفكر ورفع الوعي وبناء الإنسان المصري ولكن أين المسرح من كل ذلك؟ وأضاف "السلاموني" أن غياب دور المسرح في تسليط الضوء من خلال عروضه عن قضايا الوطن وتحدياته كمواجهة التطرف والإرهاب يمثل قصورا في الرؤية والتصور، قائلا: "محدش عنده برنامج عشان يقول نعمل ايه الأيام القادمة.. لازم يكون في خطة عمل عشان يتم تطوير المسرح ويوضح ما الهدف الذي نسعى لتحقيقه من خلاله".

المسرح المصري

وعن كيفية وضع خطط للمسرح المصري لرفعته من جديد يقول الناقد أبو العلا السلاموني: "اجمعوا المسرحيين والكتاب والمخرجين وكبار الصناع في أبو الفنون.. ويتم تقديم روشتة عمل محددة الهدف والرؤية"، وأشار أبو العلا السلاموني إلى أن بعض المخرجين أصبحوا "يستسهلوا" ويستعينون بالنص الأجنبي، وهذه هي السمة السائدة في الأعوام الأخيرة، مشيرا إلى أنه قليلا ما تجد مخرجا يستعين بكاتب أو نص مصري، قائلا:"ده كمان طلعت موضة جديدة أن المخرج يقوم بعمل ورشة كتابة حتى يأخذ أجرين عن الإخراج والإعداد وكأن المسرح أصبح سلعة".

الفنان التشكيلي محمد عبلة أكد أن الحركة التشكيلية في عام 2021 شهدت نوعا من الطفرة النسبية، وذلك بسبب انتشار الكثير من الجاليريهات الخاصة، والتي تقدم عددا من المعارض المتنوعة خلال العام، مشيرا إلى أنها تساعد في تقديم أجيال جديدة وشابة ممن يمتلكون مواهب حقيقية في عالم الفن التشكيلي المصري.

وعن دور القطاع الحكومي المتمثل في وزارة الثقافة بقطاع الفنون التشكيلية، أشار "عبلة" إلى أنه يتمنى أن تعود يد الفن التشكيلي الحكومية من جديد حتى يحدث اتزان بين الجاليريهات الخاصة والمعارض الفنية الحكومية، قائلا: "كل الجاليرهات اللي بتفتح دلوقتي خاصة.. بس الفن مهوش تجارة لأن طبعا تلك الجاليريهات يهمها تبيع وتكسب وتشتري وتروج لاتجاهات في الفن ممكن متكونش مفيدة" وتابع محمد عبلة أن وجود دور للدولة في ذلك المجال الفني يخلق حالة من التوازن والتكامل بين الجانبين، وأوضح: "عقب أزمة كورونا حدث رواج فني كبير خاصة أن معظم الفنانين أقدموا على إخراج العديد من أعمالهم خلال فترة مكوثهم في منازلهم.. ففي عام 2021 انعكس ذلك الإنتاج على الحالة الفنية حقيقة".

نجاحات 2021

الدكتور محمد عفيفي أستاذ التاريخ الحديث وأمين المجلس الأعلى للثقافة الأسبق أكد أن وزارة الثقافة حققت نجاحات عديدة خلال عام ٢٠٢١ يأتي على رأسها النجاح في إقامة معرض الكتاب رغم كل الظروف التي أحاطت بدورة العام الجاري، مع حرصها على تطبيق الإجراءات الاحترازية لمنع تفشى كورونا بين زوار المعرض قائلا: "إقامة معرض القاهرة للكتاب هو نجاح مهم وانتصار للثقافة على الجائحة" وأضاف "عفيفي" أنه على صعيد الأوبرا والموسيقى فإن عودة مهرجان القلعة للموسيقى والغناء والذي يتميز بقربه من الجمهور البسيط والعادي يعد نجاحا مهما.

كما أن حفلات مهرجان الموسيقى العربية كانت ترفع شعار كامل العدد لتعلن عودة الحياة من جديد لذلك القطاع وتعافيه جزئيا من أزمة فيروس كورونا وأشاد أمين المجلس الأعلى للثقافة الأسبق بما حققه جهاز التنسيق الحضاري والمشاريع التي نفذها خلال هذا العام، والتي تسعى للحفاظ على التراث المصري، وأيضا تعريف الأجيال الجديدة بالرموز في كافة المجالات وذلك من خلال مشروع عاش هنا.

واختتم: "ولكن لا تزال المشاريع الثقافية التي تصل للمواطن في القرى والمراكز والنجوع بسيطة للغاية لذلك أطمح أن يكون هناك خطة لإيصال الثقافة إلى الأماكن المحرمة، كما نأمل في انحسار الوباء بحلول عام 2022".

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية