رئيس التحرير
عصام كامل

في ذكرى وفاته.. كيف حذر مصطفى محمود الإسلاميين من عقيدة الانقلاب على الحاكم؟

مصطفى محمود
مصطفى محمود

في مثل هذا اليوم من عام 2009، توفى الدكتور مصطفى محمود الفيلسوف والطبيب والكاتب والأديب الذي أثرى المكتبة العربية والإسلامية بنحو 89 كتابًا منها العلمي والديني والفلسفي والاجتماعي والسياسي والأدبي والمسرحي، وحتى الآن لازالت سيرة الرجل تحظى بكثير من الاحترام بين جموع المسلمين، لكن ما لايعرفه البعض أنه استشرف خطر الإسلام السياسي وخصص له أحد كتبه بعنوان الإسلام السياسي والمعركة القادمة. 

 

الانقلاب على الحكم 

 

وكشف مصطفى محمود في كتابه خطورة سعي الإسلام السياسي دائما إلى الانقلاب على الحكم أو الوصول إليه بأي طريقة آخرى غير شرعية، واعتبر أن عملهم الوحيد يجب أن يكون صناعة رأي عام إسلامي مؤثر، يساعد الحاكم وينير له الطريق، لا ينقلب عليه أو يهدد مؤسسات الدولة.

 
استشهد محمود في الكتاب بمسارات التيارات الدينية اليهودية والمسيحية في أوروبا، التي تكتفي بعمل جماعات ضغط، هدفها دفع المؤسسات نحو المزيد من الحرية، وحماية مصالح المتدينين، وإحداث تأثير مناسب لقوتهم في المجتمع، لكن لم يكن ضمن أهدافهم يوما هدم النظام الاجتماعي والسياسي بل حمايته. 


ويؤكد الطبيب الشهير بين سطور كتابه أن الخطأ الكارثي للتيارات الإسلامية منذ فجر الإسلام، محاولاتها الدائمة لضرب الحاكم وقلب نظامه، ولهذا دخلوا السجون بدلا من أن يدخلوا البرلمان، ويوضح محمود أن الإسلاميون بهذه الأفكار الشاذة أخطأوا مرتين،  في حق الحاكم مرة، والآخرى في حق الإسلام، الذي يعتمد على سلاح الإقناع وليس الإرهاب، قكل ما يقع في خانة الترويع والتخويف والبطش هو شئ آخر غير الإسلام إسمه الجريمة، على حد تعبيره. 


الإسلاميون والعقل 


ويوضح محمود أيضا بين سطور كتابه القيم عن الإسلام السياسي إشكالية عدم تقدير العقل وتوقيره لدى التيارات الدينية، لافتا إلى تطرف الإسلاميين في الشكليات ومحاولتهم الدائمة لإلزام المجتمع بطول الجلباب ولون العباءة، دون اهتمام مناسب بماذا  يكون داخل رؤوسنا وماذا يشغل عقولنا وقلوبنا، فالإسلام ليس مجرد صلاة وصيام، بل حياة ومعاملة وعلم وعمل ومكارم أخلاق ورحمة وعدالة ورفق بالضعفاء ومعونة للفقراء وشورى للحكام ومشاركة شعبية في القرار.


ويؤكد العالم المصري الشهير أن التفكير في الإسلام فريضة، فالقرآن يصف المؤمنين بأنهم يتفكرون في خلق السموات والأرض، ويتدبرون القرآن وينظرون في اختلاف الليل والنهار، والإبل كيف خلقت والسماء كيف رفعت، والأرض كيف سطحت، والجبال كيف نصبت، وينظرون في أنفسهم كيف خلقوا ومم خلقوا.


ويشير إلى أن  شهوة الحكم إذا أصبحت حلم، فانها غالبا ما تفقد المرء إسلامه وليس فقط سلامته قبل أن يصل إلى الكرسي، فالإسلام لا يمكن أن يكون خصمًا للديمقراطية، الانتخاب والبيعة والشورى والاستماع إلى رأي الآخر هو صميم الإسلام والتعددية في الرأي هي أساس في هذا الدين، بينما الانفراد بالرأي والديكتاتورية والقهر منبوذ من الإسلام جملة وتفصيلًا، على حد تعبيره. 
 

الجريدة الرسمية