رئيس التحرير
عصام كامل

أبرزها "الوشاح والحوت الأزرق ومريم وبابجي".. جرائم الشبكة العنكبوتية

الوشاح الأزرق
الوشاح الأزرق

تسبب الاستخدام المفرط للهاتف المحمول وقضاء وقت طويل عبر الإنترنت فى حدوث فجوة كبيرة بين الآباء والأبناء، فالكثير من الأسر حاليًا يتركون أطفالهم يستخدمون الإنترنت دون متابعة، وهو ما يتسبب فى وقوع أبنائهم فى الكثير من المشكلات نتيجة استخدامهم الخاطئ للشبكة العنكبوتية، والتى من الممكن أن تصل إلى حد الانتحار دون علمهم، أو ارتكاب فعل تحرمه الأديان بسبب لعبة تحدى أو ما شابه.

 

حالات الانتحار

ووقعت فى الآونة الأخيرة الكثير من حالات الانتحار غير المتعمدة في مصر وغيرها من دول العالم؛ بسبب بعض الألعاب الإلكترونية العنيفة، وتم توثيق بعضها فى بث مباشر لمحاولة الانتحار على بعض مواقع التواصل الاجتماعى، وأبرز مثال على ذلك هو انتحار طفلة ذات ست سنوات مطلع العام الجارى فى مدينة باليرمو بجنوب إيطاليا، اختناقًا بسبب لعبة الوشاح وتم توثيق الحادث فى بث مباشر على تيك توك.


وتبدأ مثل هذه الألعاب فى جذب الأطفال والمراهقين بصفة خاصة من خلال استغلالهم لغريزة الفضول لديهم وحب الإثارة والتطلع ليكونوا أبطالًا فى المستقبل، فمعظم هذه الألعاب توهم مستخدميها بأنهم حينما يصلون إلى مستوى معين من اللعبة يصبحون أبطال خارقين؛ ومن ثم تستدرجهم إلى الوصول إلى مستوى يؤدى إلى الانتحار.

الوشاح الأزرق

وتأتي لعبة الوشاح الأزرق كأبرز مثال على هذه الألعاب فهى لعبة مغامرة ثلاثية الأبعاد، يتعين على اللاعب استخدام وشاحه متعدد الأشكال لاستكشاف بيئة سحرية وحل الألغاز الغامضة والتغلب على المشكلات الصعبة، وتصنف اللعبة نفسها على أنها لعبة فيديو ألغاز، ومغامرات، وأكشن ومهمة اللاعب هى محاصرة الأرواح المتمردة التى خلقت عوالمها الخاصة.


وتقضى لعبة الوشاح بأن يمتنع الأطفال عن التنفس حتى يفقدوا وعيهم لكى يشعروا بأحاسيس قوية، وتتسبب كل عام بوقوع حوادث بعضها مميت، ويقوم الطفل أو المراهق بخنق نفسه أو يطلب من أحد أصدقائه أن يلف حول عنقه ربطة عنق أو وشاح ويشد عليه ليقيس قدرته.

لعبة مريم

ولعل أخطر هذه الألعاب هى لعبة «مريم»، حيث تبدأ أحداث اللعبة بشكل مشوق حيث تتوه طفلة عن أسرتها ويساعدها اللاعب على العودة إلى منزلها، ومن ثم تسأل "مريم" فى البداية أسئلة شخصية لتعرف تفاصيل حياة المشترك، وتنشأ علاقة قوية اللاعب وبين الفتاة الضائعة فى اللعبة تدفعهم لتنفيذ أوامرها.


وتتواجد فى اللعبة مؤثرات صوتية ومرئية تسيطر على اللاعبين، وتبث فيهم الرعب، لا سيما من فئة الأطفال، وفى نهاية اللعبة تحرض "مريم" الأطفال على فعل حركات تشبه الانتحار، وإذا لم يستجيب تهدده بإيذاء أهله مما يضطره إلى الاستجابة والقدوم على الانتحار خشية أن يتم إيذاء أحد من أسرته.

 

الحوت الأزرق

وتعتبر لعبة الحوت الأزرق من أشهر الألعاب التى صُنف محتواها بالخطير، وتم منعها فى العديد من الدول، حيث تدور فكرة اللعبة على التحديات وتصوير التحدى، وإذا ما تجاوزه تصل به إلى المستوى التالى، والذى يكون أخطر، وهو ما أدى إلى تشويه الآلاف من مستخدميها أنفسهم بآلات حادة، وراح ضحيتها العديد من الأطفال والمراهقين الذين أقدموا على الانتحار فى نهاية اللعبة.


انتشرت مؤخرًا فى الوطن العربى لعبة الـ«بوكيمون جو»، حيث تدور أحداث اللعبة حول التقاط اللاعبين شخصيات البوكيمون المختلفة معتمدة على الخرائط الحقيقية للمكان الموجود به اللاعب، وتحدد أماكن يذهب إليها للبحث عن البوكيمون فى منزله أو المناطق المجاورة له وهو ما يحدث بالفعل.


وتسببت اللعبة فى العديد من الحوادث القاتلة بسبب انشغال الطفل بمطاردة ضالته حيث تتواجد البوكيمون فى العديد من الأحيان فى الطرق العامة.


ألعاب تسيء للإسلام

وانتشرت فى الفترة الأخيرة بعض الألعاب التى تحض على العنف ضد الإسلام والمسلمين، وأخرى تنشر مشاهد لعبادة الأصنام والركوع لها فى مشهد ينافى أساسيات الدين الإسلامى الذى يدعو لعدم الركوع لغير الله عز وجل.


لعبة لهدم الكعبة الشريفة وقتل المصلين

ولعل أبرز مثال على الألعاب التى تم وصفها بأنها تسيء للأديان وبخاصة الدين الإسلامى هى لعبة فورتى نايت الذى اتهمها البعض بأن آخر تحديث لها يجبر اللاعبين على دخول الحرم المكي الشريف وقتل المصلين ثم هدم الكعبة الشريفة، وأصدر مركز الأزهر للفتوى، فتوى بتحريم هذه اللعبة لما احتوت عليه من تجسيد لهدم الكعبة الشريفة أو العبث بها، الأمر الذى يؤثر بشكل مباشر على عقيدة أبنائنا سلبًا، ويشوش مفاهيمهم وهُويتهم، ويهون فى أنفسهم من شأن مقدساتهم.


وجاء تصعيد الأمر إلى اضطرار الشركة المالكة للعبة للاعتذار عن المفهوم الذى وصفته بأنه خاطئ، مشيرة إلى أن المحتوى المشار إليه كان عبارة عن جزيرة من صنع لاعب فى الوضع الإبداعى، حيث لا يمكنك فى الجزيرة تدمير الكعبة المشرفة وأنها تحترم جميع الأديان.


وتسبب تحديث جديد للعبة «بابجى» فى جدل كبير بسبب ما يحتويه من مشاهد تتنافى مع الدين الإسلامى حيث مع بداية اللعبة فى أحد المستويات يظهر اللاعب وهو يركع للأصنام، وهو ما سبب استياء الكثيرين وطالبوا بحظر اللعبة فى مصر وهو ما اضطر القائمين على اللعبة بإصدار بيان اعتذار وحذف الخاصية المزعجة وإزالة المحتوى البصرى المتعلق بها.


ومن جانبه قال الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى، أن أهم الأسباب التى تؤدى إلى وقوع الأطفال والمراهقين فى فخ الألعاب التى تؤدى إلى الانتحار هو حبهم للإثارة والمبالغة وروح المنافسة، إلى جانب الجودة فى تقديم اللعبة التى تظهر كأنها حقيقية وذات ألوان جذابة.


وأضاف "جمال فرويز"، فى تصريح خاص لـ"فيتو"، أن عدم توفير البديل المناسب والآمن لمثل هذه الألعاب للقضاء على وقت فراغ الطفل يجعله ينخرط فى الألعاب الإلكترونية بشكل كبير وينساق إليها، ومن الممكن أن يصل به الحال إلى مرحلة الإدمان ومن ثم الانتحار فى النهاية.


وأشار استشارى الطب النفسى، إلى أن الأطفال والمراهقين يلجئون للبحث عن الأموال لكى يتمكنوا من الوصول لمستويات أعلى داخل اللعبة وتنزيل أحدث إصدار منها وهذا يحدث طالما لما يتم توفير قضاء الوقت الفراغ المناسب لهؤلاء الأطفال.


وأكد الدكتور جمال فرويز، على أهمية التواصل بين الأسرة والطفل وتوطيد العلاقة بينهم لحمياته من مثل هذه الألعاب، والسؤال الدائم عن الألعاب التى يمارسها الطفل أو المراهق دون التجسس عليه، وإذا ما شعرت الأسرة بأى خطورة من حديث نجلهم يستطيعون حينها منع الكارثة قبل حدوقة بالتدخل المباشر.

الأثر النفسي 

وألمح استشارى الطب النفسى، إلى أن المشكلات الأسرية بين الأب والأم والصوت العالى بالمنزل أو تركهم المنزل بالساعات والأطفال أو المراهقين بمفردهم حينها لن يجد الطفل بديلا عن الألعاب الإلكترونية للانخراط فيها لنسيان واقعه الذى يعيشه، وإذا ما وقع فى أزمة ولم يجد مَن يخرجه منها فالحل أمامه هو التمادى فى المشكلة.


وأكد الدكتور جمال فرويز، على أهمية ذهاب الأسرة بالطفل إلى مستشفى نفسية إذا ما أقدم على الانتحار، طالما وجدوا فكرة الانتحار تسيطر على الطفل أو المراهق فلا بد من دخوله مصحة نفسية تكون مجهزة لعلاج مثل هذه الحالات حتى لا يقدم إلى مثل هذا الفعل مرة أخرى.


وقال هانى كامل، مدير عمليات محتوى تيك توك، إن فيديو انتحار طفلة أثناء لعبها الوشاح الذى ظهر على المنصة هو مجرد فيديو تم تصويره بواسطة أحد مستخدمى التطبيق، وقام برفعه على المنصة وقسم المراجعة لدينا حذفه لانتهاكه قواعد تيك توك، مؤكدًا أن المنصة لا تستضيف مثل هذه الألعاب الخطيرة التى ترفضها سياسة المجتمع لديها.


وأضاف مدير عمليات محتوى تيك توك، فى تصريح خاص لـ"فيتو" أن المنصة لديها مجموعة من الأدوات والموارد القوية لتأمين سلامة المراهقين والعائلات على منصة تيك توك، وتواصل دائمًا تطوير سياساتها وإجراءات الحماية لحذف جميع هذه الحسابات، وذلك فى إطار التزامها تجاه المجتمع.


من جانبها أطلقت خدمة البث نتفليكس سلسلة من الأدوات الجديدة التى يمكن للوالدين استخدامها لتصفية المحتوى الذى يراه أبناؤهم أثناء استخدام الخدمة، ويشمل ذلك القدرة على إزالة العروض تمامًا.


ووسعَّت الشركة خيارات الرقابة الأبوية للقسم العام، وبوابة الأطفال المخصصة من نتفليكس، ومن تلك الخيارات إمكانية إزالة مسلسل تلفازى أو فيلم من الحساب الذى يشاهده الأطفال تمامًا، بالإضافة إلى أن أي محتوى مُدرج على أنه غير ملائم للأطفال فلن يظهر على الإطلاق.

 

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية