رئيس التحرير
عصام كامل

الجمهورية الجديدة.. الرئيس السيسي يقود البلاد نحو نهضة شاملة في جميع الاتجاهات

"الجمهورية الجديدة.." عنوان تصدر شاشات التليفزيون وصفحات الجرائد وأصبح حديث الرأي العام. الجمهورية الأولى في مصر كانت أعقاب ثورة 1952 بعد الانتقال من حكم الملكية إلى النظام الجمهورى، والتاريخ وحده هو من يستطيع الحكم عليها وعلى نتائجها، وهل مبادئها كانت مجرد شعارات، أم إنها نجحت بشكل أو بآخر على أرض الواقع.


قد يبدو الأمر مختلفًا بشأن الجمهورية الثانية؛ إذ إنها لا تتوقف على مرحلة الشعارات الرنانة والمباديء اللامعة، ولكنها تجاوزتهم سريعًا إلى التطبيق الفعلي والعملي؛ إذ يواصل الرئيس عبد الفتاح السيسي وحكومة الدكتور مصطفى مدبولي، الليل بالنهار، كدًا مستمرًا وعملًا متواصلًا؛ من أجل بناء الجمهورية الجديدة، ونقل المصريين نقلة نوعية بمختلف المقاييس، ولعل ذلك يظهر جليًا في حزمة المشروعات الإنشائية الجديدة والمتنوعة، والتي لا ينكرها سوى جاحد.

بناء الحجر والبشر
وبعيدًا عن مزايدات المزايدين، فإنه من المؤكد أن الجمهورية الجديدة لن تتوقف عن الوتيرة المتسارعة في "بناء الحجر"، ولكنه يتجاوزها إلى ما هو أهم وهو "بناء البشر". ولا شك أن الرئيس السيسي يفكر في الاتجاهين بشكل متوازٍ جدًا، خاصة أن بناء البشر يظل خيرًا وأبقى، ولكن الاهتمام المتزايد بالمدن والمشروعات والطرق الجديدة ناجم في المقام الأول عن إهمال دام عقودًا طويلة، فكان لا بد من إعادة الروح إليها على هذا النحو المبهر الذي يعكس إرادة البناء وليس الهدم..عن ملامح الجمهورية الجديدة واقعًا وحاضرًا ومستقبلًا..تدور سطور هذا الملف.

المشروعات الضخمة

يملك الرئيس السيسى مهارة الحصول على التفاصيل والعمل عليها، وهذا ما يجعل الرجل يشرف على مجموعة مذهلة من المشروعات الضخمة التى عند اكتمالها ستحول الدولة المصرية التى يبلغ عدد سكانها ما يزيد على 100 مليون نسمة بشكل كلى إلى جمهورية جديدة، وهو الشعار الذى وضعه الرئيس مقياسا لطموحاته فى بناء دولة جديدة، ينفض عنها صورتها الذهنية القديمة التى ترسخت عنها لدى العالم، وكانت دولة العشوائيات والفقر والبطالة.

عرفت مصر والعالم مصطلح الجمهورية الجديدة خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة فى 9 مارس 2021، حيث وصف الرئيس عبد الفتاح السيسى تحركات الدولة المصرية فى اتجاه التطوير الكلى والشامل لكافة القطاعات فى السنوات الأخيرة، بأنه إعلان عن جهورية جديدة وميلاد آخر سيتحدد بافتتاح العاصمة الإدارية.

والعاصمة الجديدة مدينة فائقة الحداثة فى الصحراء، وبجانبها يتم بناء عشرات المدن الجديدة وآلاف الكيلو مترات من الطرق ومحطات الطاقة، ومحطات تحلية المياه، ومزارع الطاقة الشمسية العملاقة بجانب تحديث مصر بمحطات الطاقة النووية.


«الجمهورية الجديدة» أصبح الوصف الذى يستحق أن يطلق على نهضة مصر، وهى الجهود التى لم تحظَ بالاهتمام أو التقدير الكافى الذى تستحقه مؤسسات الدولة عن جهدها خلال السنوات الماضية بحسب تعبير الرئيس السيسى، رغم الجهود الجبارة التى تبذل فى سبيل تحديث الدولة وخدمة شعبها.

دولة جديدة
قبل أسابيع وخلال الاحتفال بثورة 30 يوليو فى استاد القاهرة وأمام أكثر من 50 ألف مصرى فى الهواء الطلق جدد الرئيس تعهده بإطلاق دولة جديدة، ووثق ذلك خلال إقامة الاحتفالية على شرف إطلاق برنامج «حياة كريمة» بقيمة 700 مليار جنيه مصرى نحو "44 مليار دولار" لتحسين نوعية الحياة لنحو 60 مليون مصرى.


الجمهورية الجديدة، هى أكثر من كلمة، بل عهد جديد له أبعاد إستراتيجية تتسلح بالعديد من الأهداف من المنتظر الإعلان عنها كاملة خلال افتتاح العاصمة الإدارية الجديدة -نوفمبر من هذا العام- حسب أغلب التوقعات، يقول شادى محسن، الباحث بالمركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية.
يوضح محسن أن بناء الإنسان هو الغاية الأساسية من الخطط والمبادرات الوطنية فى المجالات الصحية، والتنموية، والبيئية، ورفع مستوى معيشته، وخاصة للشباب الذين يشكلون قاعدة حرجة فى مصر، إذ يمثلون 21% من نسبة السكان.


يكشف الباحث أن الشباب تحديدا، محور اهتمام الدولة المصرية، بعد عقود من التهميش عانى منه أجيال فى جميع المجالات، ما دفع هذه الشريحة المهمة للتمرد قبل عشر سنوات، لجملة من الأسباب على رأسها تدهور الاقتصاد والخدمات العامة، وعدم انعكاس معدلات التنمية على الفرد.  

يمكن القول إن دق تروس "الجمهورية الجديدة" بدأت منذ صعود الرئيس السيسى إلى السلطة عام 2014، وإن كان قد تحدث عن ملامحها فى مخيلته وهو يشغل منصب وزير الدفاع عندما طمأن المصريين خلال الاضطرابات التى عصفت بالبلاد قبل ثورة 30 يونيو 2013.


قال السيسي للمصريين: "مصر أم الدنيا وهتبقى أد الدنيا"، وبعد توليه الحكم أطلق وصفا آخر هو "تحيا مصر" الذى أصبح مشروعا عملاقا، وصرخة قومية من أجل الوحدة والعمل الجاد، وهى الشعارات التى كشفت عن جوهر فكر أعلى هرم السلطة فى البلاد.


يقول الدكتور جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية، إن العثور على الشعار الصحيح للأنظمة السياسية قضية مهمة، لافتا إلى أن قيمتها الدعائية تعتبر أيضا أمرًا حيويا، مضيفا: الأهم فى ذلك أنها تشير إلى الابتعاد عن مقاسات الجمهورية القديمة، وهو النظام السياسى السائد منذ الإطاحة بالنظام الملكى عام 1952.


أوضح عودة أن شعار الجمهورية الجديدة يؤكد أن عهد الرئيس السيسى ستقدم الحكومة فيه مستويات أعلى من الأداء، وستكافح بشكل فعال ضد الأمراض المجتمعية المزمنة مثل اللامبالاة والفساد والإهمال، لافتا إلى أن الشعار يتناغم مع الخطاب السياسى للرئيس السيسى الذى يضع قوة وسيادة الدولة ومؤسساتها فوق أي اعتبار.

الغريب أن بعض الذين ينتقدون إطلاق الشعارات السياسية فى مصر، ويفرغونها من مضمونها قبل أن يتم تفعيلها واستبيان جودتها، لا يعرفون غالبا أن إطلاق الشعارات عادة تستخدم فى كل بلدان العالم ولا تقتصر على مصر أو البلدان العربية فقط.


يحدث ذلك فى كل بلدان العالم بما فيها أعتى دول الحداثة، قالها أوباما من قبل: «نعم نستطيع»، وكانت الجملة ميزان حكمه، كما استخدم دونالد ترامب الرئيس الأمريكى السابق شعار «أمريكا أولا» هدفا لرؤيته فى الحكم، وكل منهما دارت معظم سياساته فى إطار الشعار الذى وضعه عنوانا لحكمه.
البحث أيضا فى سراديب التاريخ خلف جوهر إطلاق الشعارات، والتى يطبق الرئيس السيسى جزءا منها وهو يحاول تأسيس مفاهيم جديدة فى الوعى الجمعى المصرى بناء على المقاسات التى يتمناها لدولته، سنجد أنها ضاربة فى جذور التاريخ.


إذ سبق للجمهورية الفرنسية التى تأسست فى أعقاب ثورة 1789، وضع عدة شعارات لها، جميعها كانت أسس دستورية هدفها إعادة تنظيم العلاقات مع المجتمع بأكمله، ولهذا فالشعار الجديد يهدف دائما إلى عمل تغيرات سياسية واجتماعية ذات مغزى، تحث الجماهير بطريقة مباشرة وغير مباشرة على التفكير فى ما وراءه، وما يعنيه للمضى قدمًا بالبلاد إلى ما تستحق أن تكون عليه.

مصر الناصرية
فى مصر الناصرية، تبنى الرئيس جمال عبد الناصر عدة شعارات فور توليه بين عامى 1954 و1970 على شاكلة: ما أخذ بالقوة لن يسترد إلا بالقوة.

عمل ناصر فى إطار الشعار خلال عدائه الوجودي مع إسرائيل، وخاصة بعد خسارة سيناء عام 1967 ولم ينتظر كثيرًا حتى يدخل حرب الاستنزاف لإعادة الأمل والتحدى فى أمة مهزومة وكانت هذه العبارة التأسيس الذى ارتكن إليه المجتمع بأكمله فى المطالبة بمعركة التحرير، والتى اندلعت بالفعل فى عام 1973 واستطاعت إعادة الأرض بالحرب ثم السلام.


أما الرئيس السادات، فكان هو الآخر ينتج الشعارات التى يحكم فى إطارها على شاكلة "بطل الحرب والسلام"، إذ سار السادات فى كنف عبد الناصر، واتخذ قرار الحرب لإعادة الأرض وترميم الكرامة العسكرية والوطنية، ثم اتخذ قرارًا بالزيارة التاريخية للقدس، وإلقاء كلمة من داخل الكنيست الإسرائيلى.


كما رفع السادات أيضا شعار "دولة العلم والإيمان"، ومع نبل الشعار الذى كان يعبر عن تدين الرئيس واعتزازه بهويته الدينية، لكنه تسبب للأسف فى إنتاج وإطلاق الجماعات الدينية على المجتمع وتسببت فى إنهاء حكم الرئيس السادات وحياته معها، وقادت المجتمع إلى أزمات بنيوية لن يكون سهلا التخلص منها فى وقت قليل.


وختامًا.. فإن الرؤية التي يتبناها الرئيس السيسي نحو بناء جمهورية جديدة تبدو أشمل وأبعد أفقًا، وهو ما سوف يسفر عنه المستقبل القريب.

 

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية