رئيس التحرير
عصام كامل

أسرار خلافات السعودية والإمارات.. الشقيقة الكبرى تحجم دور الشريك الصغير فى الإقليم

ولي عهد السعودية
ولي عهد السعودية وبن زايد
عاصفة رمال ضربت العلاقات بين المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية، عدة قرارات اتخذتها الرياض خلال الفترة الماضية تجاه الجارة أبوظبى، كشفت الخلافات المكتومة .


خلافات الكواليس بين السعودية والإمارات، وصلت للعلن مع إلغاء أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وحلفائها "أوبك بلس"، أمس الاثنين، اجتماعهم الوزاري لاستكمال المفاوضات بشأن خطة الإنتاج، بعد تأجيل اجتماعين سابقين، لأسباب اعتبرتها بعض التقارير اقتصادية بخلفيات سياسية.

خلاف أوبك بين السعودية والإمارات

ونصت الخطة المطروحة على زيادة إنتاج النفط بمقدار 400 ألف برميل يوميا كل شهر اعتبارا من أغسطس وحتى ديسمبر، بحيث تصل كمية النفط الإضافية المطروحة في السوق بحلول نهاية السنة إلى مليوني برميل في اليوم. 

وتدفع السعودية وروسيا باتجاه اعتماد هذا الاتفاق حتى ديسمبر عام 2022، لكن الإمارات تقول إن الوقت مبكر للموافقة على التمديد حتى نهاية العام المقبل، وترغب في أن تتم إعادة مناقشة مستويات الإنتاج بحلول نهاية الاتفاق الحالي في أبريل 2022.

صراع سياسي مكتوم 

الخلافات الاقتصادية مجرد وجهة لخلافات سياسية مكتومة، حسب ما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، عن مصدر سعودي قوله:  إن "صدام أوبك ليس بالشيء الذي اندلع للتو بين عشية وضحاها، الإمارات والمملكة لا تتفقان في الشرق الأوسط".

وبحسب الصحيفة الأمريكية، يقول مسؤولون خليجيون ودبلوماسيون عرب، إن المواجهة تمثل أيضا تأكيدا جديدا لوجود خلافات اقتصادية وسياسية بين ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، وولي عهد السعودية، الأمير محمد بن سلمان، الذي يسعى بقوة لإعادة تموضع بلاده كشقيقة كبرى لدول الخليج يري أن الشريك الصغير يريد تحجيم دور بلاده التاريخي.

بينما عارض المحلل السياسي الإماراتي، عبدالخالق عبدالله، هذا الرأي وقال في تصريحات لموقع "الحرة" الأمريكى، إن "التنسيق بين الرياض وأبوظبي في أعلى مستوياته، وهناك تطابق كامل بينهما، وذلك في جميع الملفات"، واصفا العلاقة بين قيادة البلدين.

ملفات الشرق الأوسط وقطر

من جانبه لا ينفي المحلل السياسي السعودي، فواز بن كاسب العنزي، لموقع "الحرة"، وجود خلاف بين الدولتين بشأن ملفات الشرق الأوسط، قائلا إن "الإمارات تبحث عن مصالحها، وكذلك تفعل السعودية".

موضحا، أن هناك متغيرات على أرض الواقع وفي المسرح السياسي، ولكل دولة حريتها في السيادة، داعيا أبوظبي إلى "مراعاة مصالح المملكة في الدرجة الأولى، باعتبارها العمود الفقري لدول الخليج".

وشدد المحلل السعودي، على أن "منطقة الشرق الأوسط تمر بمتغيرات أمنية، لاسيما بوجود تهديدات عدة أبرزها من إيران، تركيا، وما تقوم به جماعة الحوثي" في اليمن، معتبرا أن "على الإمارات أخذ ذلك بعين الاعتبار، وتقديم تنازلات لكي يتحقق التوافق والاتفاق مع سياسة المملكة".

وكانت الإمارات سحبت عام 2019 غالبية قواتها في اليمن بعدما كانت عنصرا رئيسيا في التحالف العربي الذي تقوده المملكة في هذا البلد ضد الحوثيين منذ 2015.


وكشفت "ستريت جورنال" فى تقريرها عن الخلافات بين البلدين، أن الإمارات منزعجة من السرعة التي تصالحت بها السعودية مع قطر فى قمة العلا.

حسابات جيوسياسية 

أيضا تطرقت صحيفة " الإندبندنت" البريطانية إلى عاصفة الرمال بين السعودية والإمارات، موضحة إأن المنعطف السلبي الذي اتخذته العلاقة بين البلدين خلال الأشهر الأخيرة، مع "توتر العلاقات بسبب المواقف المختلفة بشأن اليمن وإنتاج النفط وحسابات جيوسياسية أوسع بعد تولي إدارة الرئيس الأمريكى الجديد جو بايدن، ورحيل دونالد ترامب عن البيت الأبيض.

واعتبرت الصحيفة، "إن التوترات بين السعودية والإمارات كانت تتزايد منذ فترة طويلة"، معتبرة أن الدولتين "تعيدان تقييم ميزان القوى في علاقتهما الثنائية بما ينطبق على الساحة الإقليمية والدولية".

وقالت الإندبندنت، إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان "يسارع إلى تعزيز أوراق اعتماده الدبلوماسية وتعزيز دور بلاده التاريخى"، مشيرة إلى أنه خلال الأشهر الأخيرة، "بدأ في إصلاح العلاقات مع تركيا وقطر وحسن العلاقات مع سلطنة عمان، التي لطالما رسمت مسارها الخاص داخل مجلس التعاون الخليجي".

ويقول مراقبو لمنطقة الخليج، إن أحد المصادر الرئيسية للصراع هو أن الإمارات ترى نفسها كمنافس للمملكة التي تتميز بتاريخ كبير وتعد شقيقة كبرى لدول التعاون وليس كشريك صغير فى التنسيق.

وفي ما يتعلق بمنظمة أوبك وإنتاج النفط، قالت الصحيفة البريطانية: أن الإمارات تشعر أنها عوملت بشكل غير عادل.

وأضافت أنهم "يريدون أن يكونوا قادرين على إنتاج المزيد لأنهم يحتاجون إلى المزيد من الموارد التي تأتي من تصدير النفط لتمويل مجموعة من الاستراتيجيات الاقتصادية والجيوسياسية".

وفي اليمن، بينما تدخل البلدان في الأساس جنبا إلى جنب ضد ميلشيات الحوثى لدعم الحكومة الشرعية، تدعم الإمارات الأن أطرافا متصارعة فى جنوب البلاد.

اتفاقات التطبيع مع إسرائيل 

ورأت الصحيفة، ان اتفاقات "أبراهام" لتطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل فاقمت أيضا التوترات بين البلدين.

وأوقفت السعودية جميع الرحلات الجوية مع الإمارات في وقت متأخر الأحد الماضى، بعد أيام فقط من خلاف النفط.

و قالت وكالة الأنباء السعودية حينها، إن تعليق الرحلات الجوية من الإمارات كان بسبب "التفشي المستمر لوباء فيروس كورونا وانتشار سلالة متحولة جديدة من الفيروس".

وغيرت المملكة يوم الاثنين قواعدها بشأن الواردات من دول الخليج الأخرى لاستبعاد البضائع المصنوعة في المناطق الحرة أو التي استخدم فيها أي منتج إسرائيلي، "في تحد مباشر لوضع الإمارات كمركز تجاري إقليمي".

تغريدات ضاحى خلفان 

كما تدخل نائب رئيس شرطة دبي، ضاحي خلفان، على الخط الأزمة مكتفيا بالتلميح عبر حسابه على موقع "تويتر" قائلا، هذا زمن المصالح المادية وليس زمن الأخوة والصداقة.

وعاد اليوم لنفي وجود خلافات وغرد قائلا: أن لا خلاف نفطي بين السعودية والإمارات، إنما هو تباين في الرأي بين الإمارات ومنظمة "أوبك"، والخلافات واردة ضمن الحكومة نفسها، وحدوثها طبيعي.

رحيل ترامب ورئاسة بايدن 

وعلق مصدر دبلوماسي عربى لـ"فيتو" على هذه التطورات بقوله، أن الأعوام الماضية ومع وصول الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب للحكم، وجدت الإمارات مسارات لها داخل البيت الأبيض، ومع مرور دول كبيرة فى الإقليم بأزمات سياسية داخلية، قدمت أبوظبى نفسها كوكيل للإقليم، لكن مع عودة دول عربية كبيرة للاستقرار وممارسة دورها التاريخي فى قيادة الإقليم، ازعج ذلك أبوظبى التى اعتبرت نفسها لفترة وجيزة بسبب هذه الأزمات وصية على أنظمة حكم لدول عربية كبيرة عادت لنفوذه التقليدي بمجرد التعافى.

وتوقع المصدر عدم وصول العلاقات لمرحلة الفشل، ولكنها تحركات تهدف لعودة الشريك الصغرى لحجمها الطبيعى فى تحريك الملفات وترك عجلة القيادة لأصحابها.
الجريدة الرسمية