رئيس التحرير
عصام كامل

هل سلطة عقاب ضابط الشرطة.. بلا قيود؟

قضية مهمة تثيرها مسألة العقاب التأديبي لضابط الشرطة في حال خروجه عن مقتضيات الواجب الوظيفي بارتكاب ذنب إداري، ذلك أن القانون يمنح سلطة تأديب ضابط الشرطة، للرئيس الأعلى، أو مجلس التأديب المختص، والسؤال: هل يد الرئيس الأعلى أو مجلس التأديب مطلقة بلا قيود في إنزال العقاب بضابط الشرطة؟


المادة (41) من القانون رقم (109) لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة تنص على أن "يجب على الضابط الالتزام بأحكام هذا القانون وتنفيذها وعليه كذلك، أن يؤدي العمل المنوط به بنفسه بدقة وأمانة وأن يخصص وقت العمل الرسمي لأداء واجبات وظيفته، ويجوز تكليفه بالعمل في غير أوقات العمل الرسمية علاوة على الوقت المعين إذا اقتضت مصلحة العمل ذلك.

الدقة والأمانة
وتنص المادة (47) من ذات القانون على أن كل ضابط يخالف الواجبات المنصوص عليها في هذا القانون أو في القرارات الصادرة من وزير الداخلية أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته أو يسلك سلوكا أو يظهر بمظهر من شأنه الإخلال بكرامة الوظيفة يعاقب تأديبيا، وذلك مع عدم الإخلال بإقامة الدعوى المدنية أو الجنائية عند الاقتضاء.

والدقة والأمانة المتطلبة من الموظف العام تقتضيه أن يبذلّ أقصى درجات الحرص على أن يكون أداؤه للعمل صادراً عن يقظة وتبصر بحيث يتحرى في كل إجراء يقوم باتخاذه ما يجب أن يكون عليه الرجل الحريص من حذرّ وتحرزّ، فإذا ما ثبت في حق الموظف أنه أدى عمله باستخفاف أو غفلة أو لامبالاة كان خارجًا بذلك عن واجب أداء العمل بدقة وأمانة ومن ثم يكون مرتكبًا مخالفة تأديبية تستوجب المساءلة ولو كان الموظف حَسِنّ النية سليم الطوية، لأن الخطأ التأديبي المتمثل في مخالفة واجب أداء العمل بدقة وأمانة لا يتطلب عنصر العمد، وإنما هو يتحقق بمجرد إغفال أداء الواجب الوظيفي على الوجه المطلوب. 

وأهم واجبات الموظف العام التي يؤديها هو الانتظام في أداء واجبات وظيفته في المواعيد الرسمية المحددة للعمل بمعرفة السُلطات المختصة وأن يقوم بالأعمال المنوطة به مع زملائه ورؤسائه حتى يمكن أداء الخدمة العامة أو العمل الإنتاجي الذي تقوم عليه وبسببه الجهة التي يعمل بها إذ هو الغاية أو الهدف من وجود تلك الوحدة الإدارية، وهذه الغاية وذلك الهدف يتعين أن يتحقق دوماً بواسطة العاملين بالوحدة الإدارية ومن نظام الإدارة بانتظام واضطراد دون توقف.

الجزاء والجرم
وان كانت للسلطات التأديبية حرية تقدير الجزاء الذي يوقع على العامل المخالف إلا أن هذه الحرية تجد حدها في كون هذا الجزاء مناسبا للجرم التأديبي ومناسبا لجسامته دون ما اسراف من جانب السلطة التأديبية وإلا أصبح تقديرها غير مشروع.

وجسامة العمل المادي المشكل للمخالفة التأديبية يرتبط بالاعتبار المعنوي المصاحب لارتكابها، وتقدير الجزاء فى المجال التأديبى متروك الى حد بعيد لتقرير من يملك توقيع العقاب التأديبى سواء كان الرئيس الإداري أو مجلس التأديب أو المحكمة التأديبية غير أن هذه السلطة تجد حدها عند قيد عدم جواز إساءة استعمال السلطة والذى يتحقق عند ظهور عدم التناسب بين المخالفة التأديبية وبين الجزاء الموقع عنها وهو ما يعبر عنه بالغلو فى تقدير الجزاء الذى يصم الاجراء التأديبى بعدم المشروعية ويجعله واجب الالغاء.

جاء ذلك عبر حكم قضائي صادر عن مجلس الدولة، مؤكدًا أن التناسب بين المخالفة التأديبية والجزاء الذى يوقع عنها انما يكون على ضوء التحديد الدقيق لوصف المخالفة فى ضوء الظروف والملابسات المكونة لابعادها، ومؤدى ذلك أن جسامة العمل المادى المشكل للمخالفة التأديبية انما ترتبط بالاعتبار المعنوي المصاحب لارتكابها، بحيث لا تتساوى المخالفة القائمة على غفلة او استهتار او اهمال بتلك القائمة على عمد والهادفة الى غاية غير مشروعة، اذ لا شك ان الاولى أقل جسامة من الثانية، وهذا ما يجب ان يدخل فى تقدير من يقوم بتوقيع الجزاء التأديبى على ضوء ما يستخلصه استخلاصًا سائغًا من الاوراق.. وللحديث بقية
الجريدة الرسمية