رئيس التحرير
عصام كامل

آن لنا أن نراجع أنفسنا! (2)

وجاء شهر رمضان الكريم الذي ننتظره بفرحة عارمة من العام للعام.. ومن عجب أنك تجد تناقضاً صارخاً في سلوكيات الصائمين، وكأنهم يجدّفون ضد روح الصيام فرغم تناولهم وجبتين اثنتين في يوم رمضان فإن معدل استهلاكهم للغذاء في شهر واحد يقارب إن لم يزد على ما يستهلكونه طوال العام.. وبدلاً من الترشيد تزداد حمى الاستهلاك ويتضاعف إهدار الفوائض في سلال القمامة ويزداد الضغط على السلع والخدمات.


في عالمنا الإسلامي يتفاقم مثل هذا المسلك المعيب ولا تهدأ وتيرته حتى إن حجم إنفاقه على الطعام يتجاوز مليارات الدولارات في رمضان وحده.. وتلك آفة لم تسلم مصر منها بكل أسف، بل لعلها الأكثر إسرافا واستهلاكاً رغم استيرادها أغلب السلع الغذائية.. وهو إنحراف بالشهر الفضيل عن غايته وتفريغ له من مضمونه الحقيقي في التخفف من أثقال الجسد والاقتصاد في الطعام والشراب والمباحات، والإقبال على تهذيب الروح وكبح جماح شهوات البطن والفرج والغيبة والنميمة والتكاسل والتواكل وضيق الخلق وإهمال العمل.

فكيف تحولنا بالصيام من قلوب رهيفة تتصدق وتتراحم وتعتدل في طعامها وشرابها إلى قلوب غليظة تسرف وتبذر وتلتهم كل ما يصل إليها حتى باتت أوعية شر وبيتا للداء والعلة، وسببا في الخمول والكسل والعزوف عن الإنتاج والعمل.

الجريدة الرسمية